شخصيتنا فى هذا الحوار يمكن أن نطلق عليها اسم المرأة الحديدية، فهي زوجة وأم لثلاثة عشر من الأبناء, ونائبة بالبرلمان الأندونيسي عن حزب العدالة والديمقراطية.
ولدت "يسرا عبد الصمد" بمدينة "تمرا" بجوا الغربية بأندونيسيا, تزوجت.. وأنجبت.. وعملت على تعليم أبنائها جميعا, وبالإضافة إلى ذلك حرصت على أن يحفظ كل منهم قسط ليس بالقليل من القرآن الكريم، وتمكنت بفضل الله من مساعدة ابنها الأكبر حتى أتم حفظه كاملا..همها الشاغل الاهتمام بالمرأة الأندونيسية وحل مشاكلها للرقي بها.
عن حياتها وطبيعة عملها والعوائق التي تقف في طريقها.. كان موضوع الحوار الذي تطرقنا فيه إلى حياتها الشخصية، وكيف استطاعت التوفيق بين عملها في البرلمان وبين بيتها وزوجها وأبنائها الثلاثة عشر..!
* ما هي الصعوبات التي واجهتك كامرأة خلال اختراقك للعمل السياسي؟
- بحمد الله لا توجد لدينا صعوبات، فالدعم الذي تلاقيه المرأة من الشعب الأندونيسي كبير , إضافة إلى دعم زوجي وأبنائي لي, ولكن هذا لا يمنع أن هناك بعض المشكلات الطفيفة مع الأحزاب الأخرى من غير الإسلاميين، وذلك لأن كل القوانين لدينا تخضع للشريعة الإسلامية.
* هل أثرت طبيعتك كامرأة على نوعية المشاكل التي تهتمين بطرحها في البرلمان الأندونيسي ؟
- اهتمامي بالمشاكل الاجتماعية ليس مبعثه كوني امرأة، ولكن لأني نائبة باللجنة الثامنة التي تهتم بالأديان والمرأة والأولاد، جعل لزاما على التركيز على مشكلات هذا القطاع العريض في المجتمع , أضيفي إلى ذلك أن نسبة المسلمين في أندونيسيا بلغت 88% و12 % بغير المسلمين..وهو ما يحتم التعرض لمسألة الأديان وإلقاء المزيد من الأضواء عليها.
فقر وجهل ومرض
* إذا تحدثنا عن المرأة في إندونيسيا كيف تراها النائبة "يسرا"؟ وما هي أهم المشاكل التي تواجهها؟
- أهم المشاكل التي تواجه المرأة الأندونيسية هي التعليم , فنسبة كبيرة تصل إلى 70% من النساء لايكملن تعليمهن، بينما30% فقط هن الحريصات عليه، بالإضافة للمشاكل الصحية والفقر الذي يدفع الكثيرات للعمل كخادمات خارج البلاد.
أيضا تعتبر المخدرات مشكلة رئيسية تواجه المرأة والمجتمع ككل، خاصة بعد انتشارها بين المراهقين الذين لم يستكملوا دراستهم، بما يمثل تحديا صعبا يواجه كل أم ترغب في حماية أبنائها من هذا الغول المدمر.
* وكيف واجهتم هذه المشكلات في البرلمان الأندونيسي ؟
- من داخل البرلمان حاولنا طرح عدد من الحلول على أصعدة مختلفة.. فقمنا على سبيل المثال بتخصيص نسبة 20% من الميزانية لدعم التربية والتعليم من قبل الحكومة كسلطة تنفيذية، ونعمل جاهدين لتعليم الفتاة الحرف التي تستطيع من خلالها زيادة دخلها المادي, فلا تضطر للعمل كخادمة بالخارج، وهذا لا يعني أننا نعارض عمل المرأة خارج أندونيسيا، ولكنا نعمل على تقنين عمل الفتيات الاندونيسيات كخادمات على وجه الخصوص، ونشترط لسفر المرأة أن تعمل في مهن بعينها كممرضة أو كمعلمة بما يحميها ويصون كرامتها، كذلك قمنا بإصدار قانون لحماية الأطفال، ونبذل قصارى جهدنا لتفعيله وتنفيذ بنوده للقضاء على ظاهرة تعاطي المخدرات والحد من انتشارها بين الأطفال والمراهقين.
* ما هو التحدي القادم الذي يواجه النائبة "يسرا" وتنوي أن تخوض من أجله معركة الحزب القا2دمة؟
- مواجهة الفساد والاستبداد أهم قضية تشغلني حاليا واستعد لمواجهتها بكل السبل، فعلى الرغم من أن أندونيسيا بلد غنية ولديها ثروات كثيرة , إلا أن الفقر والبطالة منتشرين بها، لذلك سأعمل جاهدة في الفترة المقبلة لتوفير فرص عمل والارتقاء بالمستوى الاقتصادي للأسرة.
* حزب العدالة والرفاهية هل يشارك مع اتحاد البرلمانيين الإسلامي؟ وكيف تغلب على الائتلاف المكون من 20 حزب في مواجهته ؟
- نعم نشارك بعضنا بعضا لإفادة الحزب والبرلمان الأندونيسى، فنقوم بتناول الخبرات والقوانين خاصة أنهم برلمانيون إسلاميون خاضعون للشريعة الإسلامية.
والحمد لله استطعنا التغلب علي ائتلاف الأحزاب المواجهة بفضل فعاليات الحزب الاجتماعية في الشارع الاندونيسي، وتفاعلنا مع الجمهور وإبراز مشاكله ورصد الحلول لها, إضافة إلى أننا نساند الحكومة فنحن نمثل 12% من البرلمان الأندونيسي.
لا نعترف بإسرائيل
* الكيان الصهيونى.. كيف ينظر إليه البرلمان الأندونيسي ؟وماذا عن رأيه في الهيمنة الأمريكية؟
- البرلمان لا يعترف إطلاقا بهذا الكيان الغير شرعي , ومكتوب بجواز السفر الخاص بكل أندونيسى لا يجوز زيارة إسرائيل , ولا توجد سفارة للكيان الصهيوني في بلادنا، أما بخصوص الهيمنة الأمريكية فنحن كأعضاء برلمان لا نقبلها ونعمل على مواجهتها بشتى الطرق , فنقوم بالمظاهرات أمام السفارة الأمريكية في حضور الآلاف من أفراد الشعب الأندونيسي، ولا نقبل المعونات من البنك المركزي الأمريكي" iaf ", صحيح أننا من الممكن أن نقوم بالتعاون مع الشعب الأمريكي لكننا لا نتعاون مع الحكومة نفسها, لأننا لا نقبل بسياسة هذه الحكومة وخاصة سياستها الخارجية.
* برأيك .. هل يتمتع الشعب الأندونيسي بمساحة كبيرة من الحرية والديمقراطية؟ وكيف يتعامل الحزب مع الأقليات الموجودة داخل المجتمع؟
- نحن كشعب نتمتع بالديمقراطية مظهر وجوهر, ولكن بصفتنا أعضاء في حزب العدالة والرفاهية نعاني من بعض الضغوط لأننا نسعى لحل المشاكل مع الحكومة , ويظهر هذا بوضوح عندما يحدث اقتراع داخل البرلمان لأن حزب العدالة أقل عددا من الأحزاب الأخرى داخله، أما عن الأقليات فنقيم لهم مشروعات خيرية , وشعارنا " لكم دينكم ولى دين ".
فلسطين بالقلب
* كيف تهتمون بالقضية الفلسطينية في البرلمان الاندونيسى ؟ وما الهدف من وراء زيارتك لمؤتمر القاهرة السادس ؟
- يوجد بالبرلمان جبهة مخصصة لنصرة فلسطين تسمى "kaukus”، أعضاء هذه الجبهة من المسلمين وغير المسلمين، والشعب الاندونيسى كله يناصر الشعب الفلسطيني ويتضامن معه في دفاعه المشروع ضد المحتل الصهيوني ، ويدعو له في كل صلاة بالنصر والتخلص من الدنس الإسرائيلي, وقد قمنا بتنظيم مظاهرة حضرها مائة ألف أندونيسي , كما قمنا بجمع تبرعات بلغت 150 ألف دولار، وهو ما يفسر زيارتي لمؤتمر القاهرة التي تمت بهدف واحد هو عشقي للقدس وفلسطين الحبيبة.
* إذا ما انتقلنا إلى حياتك الشخصية.. كيف توفقين بين عملك في البرلمان ومسئوليتك كأم وزوجة؟
- أذهب إلى البرلمان يوميا من الساعة التاسعة حتى الخامسة مساء، عدا يومي السبت والأحد , وأحيانا أعمل جزءا من الليل، ولكن أبنائي وزوجي يتفهمون مهامي , وكل منهم يعرف دوره وينفذه بإتقان , والحمد لله أبنائي متفوقون بدراستهم، بالإضافة إلى أنهم من حفظة القرآن الكريم فولدي الأكبر أتم حفظه بالكامل، وبقية أبنائي يحفظ كل منهم خمسة أجزاء والبقية تأتي..
عصر الرسالة
* يتعرض الحجاب لهجمة شرسة من الغرب .. ما رأيك في الانتقادات الموجهة له؟ وكيف تفسرين الهجوم على المرأة المسلمة ؟
- نحن لا نتفق مع هذه التيارات لأنها ضد الحرية الإنسانية, لأننا نحن المسلمين نتسامح مع كل الأفكار والمعتقدات, والتعنت ضد الحجاب وضد التسامح ، وبرأيي فإن الهجوم على المرأة المسلمة من الغرب يعود للدور الهام والمتميز الذي تقوم به في الأسرة وبناء الفرد الذي هو نواة المجتمع الإسلامي, فإن هي ضعفت سيضعف الشعب لأن المرأة مربية الأجيال، وهو ما يريده أعداء الإسلام.
* إذا قمت بتوجيه رسالة إلى المرأة التي تحتجب عن العمل السياسي..ماذا تقولي لها ؟
- أطلب منها أن تقرأ كتاب " تحرير المرأة في عصر الرسالة " أي في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كانت الصحابيات يشاركن في الغزوات، فالمرأة المسلمة في جميع أنحاء العالم عليها أن تشارك في العمل لرفع شأن الأمة , دون أن تنسى دورها الأساسي في البيت وتربية الأبناء.
شيماء أبو زيد
إسلام اون لاين