نجحت كفيفة قطرية في الحصول على رسالتي ماجستير ودكتوراة بامتياز من إحدى الجامعات الأمريكية، أبحاثها تقدم حلولاً ومناهج لتدريب وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وحازت تقدير وإعجاب أساتذتها الأمريكيين.

استطاعت "حياة خليل حجي" أن تحصل على ما لم يحصل عليه كثير من المبصرين فكانت من العشرة الأوائل في الثانوية العامة على مستوى قطر وواصلت مسيرتها العلمية بصبر ومثابرة فالتحقت بالجامعة وحصلت في سنواتها الأربع على درجة الامتياز وكانت الأولى على دفعتها.

وواصلت الكفيفة المعجزة مسيرة علمها بنبوغ لم يدانيها في ذلك أحد؛ فحصلت على الماجستير بامتياز ثم حصلت على الدكتوراة هذا العام بنفس درجة الامتياز، وكانت تستأثر بالمركز الأول في الشهادتين الماجستير والدكتوراة على جميع أقرانها الذين كانوا جميعا من المبصرين.

التفوق ليس صدفة

حكت "حياة خليل" مسيرة حياتها الحافلة بالعلم والتفوق في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت"، قائلة: لقد كف بصري، وأنا ما زالت بعد في الصف الخامس الابتدائي، وكنت حينئذ أدرس في مدرسة زبيدة الابتدائية، وانتقلت بعد ذلك للدراسة في المرحلة الإعدادية وكنت أدرس في مدرسة الأندلس الإعدادية، وبعد ذلك التحقت بمدرسة رابعة العدوية الثانوية وحصلت على الثانوية العامة بتفوق حيث كان ترتيبي العاشرة على دولة قطر في القسم الأدبي الفرنسي بنسبة 95.1% وكان ذلك في العام 1994.

وبعد ذلك بدأت مرحلة الدراسة الجامعية فالتحقت بجامعة قطر - كلية الإنسانيات قسم اللغة العربية ودرست لمدة أربع سنوات بالجامعة وتخرجت فيها بتقدير امتياز بنسبة 4.67 من 5 في عام 1998، وكنت قد حصلت على الترتيب الأول بين أقراني.

وأضافت: في حفل التخرج حضرت الشيخة موزة حرم سمو أمير قطر الحفل، وتمنت لي مواصلة دراستي العلمية وأسعدتني هذه الكلمات واعتبرتها تكليفا لي بالاستمرار في مسيرة العلم والعطاء لبلدي الحبيب.

وهنا بدأت مرحلة جديدة في مسيرة حياة خليل، قالت عنها: بعد التخرج مباشرة من الجامعة وحصولي على درجة الليسانس في اللغة العربية فضلت العمل كمدرسة لغة عربية في معهد النور للمكفوفين الذي تم افتتاحه حينئذ تحت رعاية سمو الشيخة موزة- وكنت أثناء دراستي الجامعية وما قبلها قد اكتسبت خبرات عديدة في كيفية التعليم بطريقة برايل ودرست العديد من أساليب التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأضافت.. كنت بجانب تدريسي للطلبة اللغة العربية أقوم بإعطاء أهالي الطلبة المكفوفين دورات على كيفية تعلم واستخدام طريقة برايل كتابة وقراءة حتى يتمكنوا من مساعدة أبنائهم ويدرسوا لهم في المنزل ويتابعون معهم ما أخذوه من دروس.

وفي نفس الوقت قمت بأخذ عدة دورات من التي كانت تنظمها وزارة التربية والتعليم المتعلقة بالتربية الخاصة، الأمر الذي أضاف لي خبرات عديدة في هذا المجال؛ خاصة أن والدي كان قد وفر لي مدرسة خاصة في أثناء دراستي بالجامعة لتعليمي طريقة برايل وفي غضون شهرين فقط كنت قد تعلمت هذه الطريقة، وأجدت استخدامها سواء في اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية أو حتى الرياضيات.

وتابعت قائلة: في عام 2000 قامت الجامعة بإرسالي في البداية إلى جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية وبالفعل حصلت على "التويفل" في خلال تسعة أشهر فقط، وبعد ذلك انتقلت إلى جامعة سانت جوزيف في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، ودرست الماجستير من عام 2001 إلى عام 2003 في التربية العامة والخاصة والحمد لله حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز بنسبة 3.71 من 4.

وبعد اجتياز مرحلة الماجستير بهذا النجاح والنبوغ بدأت حياة رحلة الحصول على الدكتوراة في شهر أغسطس عام 2003 واختارت بحثها للدكتوراة في القيادة التربوية وحصلت عليها بتقدير امتياز أيضا بمعدل 3.87 واستغرقت رحلة الحصول على الدكتوراة حوالي ثلاث سنوات ونصف، حيث قامت بالبدء في الإعداد للدكتوراة في أغسطس 2003 وقامت بمناقشتها في مارس 2003 وتخرجت بتاريخ 12 مايو 2007.

الصبر سر النجاح

وحكت "د.حياة" ظروف وملابسات الحصول على درجة الدكتوراة قائلة: كانت مرحلة الدكتوراة من المراحل الصعبة من ناحية عمق المناهج والأبحاث، ولكي يصل الإنسان إلى أهدافه الكبيرة فإنه يحتاج إلى جهد أكبر ومثابرة وعليه أن يعمل ليلاً ونهارًا كي يحقق هذا الهدف؛ ولذلك فقد كنت أقضي أيام الفراغ والإجازات في الدراسة أيضا، فقد كنت أستغل أيام الصيف في أخذ كورسات ودورات عديدة كي أصقل تجاربي واكتسب مهارات جديدة.

وعندما بدأت الدكتوراة كانت دفعتي تتكون من حوالي 28 طالبًا وطالبة، وفي نهاية السنة الثانية تقلص العدد إلى 21 طالبًا وطالبة، إلى أن وصل العدد إلى ثلاثة فقط هم الذين حصلوا على الدكتوراة، وكنت أنا الأولى عليهم، أما باقي الطلبة فتم تأجيل حصولهم على الدكتوراة إلى السنوات المقبلة.

وتحدثت عن دوافع تفوقها فقالت: كان سبب تفوقي أنني كنت استغل كل أوقات الفراغ في الدراسة والبحث؛ حيث إنني قمت باجتياز ثلاثة أجزاء من البحث في خلال أشهر الإجازات والصيف، وكان يجب اجتياز امتحان مطول في كل الأسئلة على المقررات الدراسية التي درسناها في السنوات الثلاث الماضية وتم اجتيازنا لهذا الامتحان.

وتابعت قائلة: لكي تقبل الجامعة مناقشة الدكتوراة يجب أن توافق الجامعة أولا على الثلاثة أجزاء الأولى من البحث مع لجنة التحكيم التي ستناقش معنا رسالة الدكتوراة، وبعد ذلك يتم الموافقة من قسم البحث في الجامعة، وبعد الحصول على هذه الموافقة يتم استكمال الرسالة كاملة ومناقشتها بعد ذلك أمام اللجنة.

وعما يمكن أن تقدمه "د.حياة خليل" لأمثالها الذين فقدوا حاسة البصر تقول: قمت في بداية حياتي بالدراسة في معهد النور؛ لأنني قادرة على فهم احتياجات هؤلاء الطلبة أكثر من غيري، وبعد تدريس اللغة العربية لمدة سنة في معهد النور قمت بالاستفادة من هذه التجربة، وأثمر ذلك عن تأليف كتاب لتدريس منهج اللغة العربية للصف الأول الابتدائي وما زال هذا الكتاب يدرس في معهد النور حتى الآن.

وبالنسبة للماجستير فكان في التربية الخاصة والعامة وهذا البحث يساعد في فهم الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة مقارنة باحتياجات أقرانهم من الأشخاص العاديين، كما تناول أيضا أفضل الطرق للتعامل معهم والتدريس لهم.

دكتوراة في القيادة التربوية

أما بالنسبة للدكتوراة فقد كانت تبحث في كيفية القيادة التربوية، فكانت رسالتي بعنوان العناصر الرئيسية لبرامج الدكتوراة في القيادة التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي يمكن توظيفها في تخطيط أو بناء برنامج الدكتوراة في القيادة التربوية الملائمة للثقافة القطرية.

ويحتوي البحث على ستة فصول؛ الفصل الخامس منه يحتوي على مخطط أو مقترح لبرنامج الدكتوراة في القيادة التربوية التي يمكن تطبيقها في وطني الغالي قطر.

وذكرت "د.حياة".. أنها زارت الكثير من المدارس، سواء كانت مدارس عادية أو المدارس المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، كما زارت جامعات أخرى ومكتبات خاصة للاطلاع عن قرب على طرق التدريس المختلفة، سواء للطلبة العاديين أو الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وقالت: اخترت هذا البحث نظرًا لعدم وجود برنامج دكتوراة في القيادة التربوية في قطر ولإيماني بأهمية توظيف هذا البرنامج المقترح في بحثي لتدريب الكوادر على أحدث الطرق في القيادة التربوية الناجحة، ولذلك فإنني أعد برنامج الدكتوراة لكي يدرب الكوادر للعمل في مختلف المجالات التربوية سواء كانت خاصة أو عامة.

وأضافت: يمكن من خلال هذا البرنامج المقترح أن يتم تبادل الخبرات بين طلاب البرنامج مع التربويين والأساتذة في جامعة قطر، وأيضا العاملين خارج جامعة قطر في المجال التربوي سواء داخل قطر أو خارجها.

وعن المقترحات الأخرى التي أشار إليها بحث الدكتوراة ذكرت "د. حياة خليل" أن بحث الدكتوراة تضمن العديد من المقترحات التي تضمن أهمية التواصل والاتصال بين المهتمين بهذا المجال لتبادل الخبرات والمعلومات بين بعضهم البعض، حيث أشار إلى ضرورة إنشاء شبكة اتصال عبر الإنترنت للتعليم كي تمثل منتدى لتبادل الخبرات.

وقالت "د. حياة": الآن رجعت إلى وطني وعلى استعداد كامل وتام لخدمة هذا الوطن الغالي في أي مجال يطلبه مني الوطن؛ لأن في جعبتي العديد من الآمال والطموحات كي نجعل هذا الوطن أكثر إشراقًا وجمالاً وإتاحة قدر أكبر من الرفاهية والسعادة لأبنائه؛ خاصة أن هذا الوطن يستحق منا المزيد من العطاء والعمل كي نرد له الجميل الذي يطوق أعناقنا.

وأشارت "د.حياة" إلى أنه: في حفل التخرج للدكتوراة ألقى رئيس الجامعة كلمة في الحفل ودهشت وفرحت كثيرًا عندما ذكر اسمي في كلمته مشيدا بالمجهود الكبير الذي قمت به في رسالتي حتى نالت المركز الأول على الثلاث رسائل التي نالت الدكتوراة، واعتبرني مثالا قويا للمثابرة والتطلع على مواصلة العلم برغم الصعوبات الشديدة التي واجهتني.

وعن هذه الصعوبات قالت د. حياة: لقد واجهت صعوبات عديدة وشديدة في أثناء دراستي بالخارج على الرغم من أن أخي الأصغر "حسن" كان بصحبتي وترك من أجل ذلك كل أعماله ودراسته الجامعية، وكان بمثابة الأنيس في الغربة، وكان ينقلني من وإلى الجامعة، وأصعب شيء مر علينا بالإضافة إلى الصعوبات الكثيرة الأخرى هي صعوبة مواجهة الغربة في مكان بعيد عن الأهل، وكان "حسن" يساعدني في إنجاز الكثير من الأعمال، مثل تسجيل الأبحاث وغيرها من الأعمال كتصوير بعض الكتب أو شرائها ومساعدتي في الاطلاع عليها.

لا مشكلة في الكمبيوتر

وتعقيبا على سؤال عن كيفية قيامها بمواجهة العديد من المشاكل في أثناء الاطلاع على الأبحاث المختلفة ومدى إجادتها لاستعمال جهاز الكمبيوتر والدخول على مواقع الإنترنت قالت: إن لديّ حاسوبي المحمول "لاب توب" الخاص بي، كما أن لدي جهازا آخر يسمى برايل فوت، وهذا الجهاز يمكن وصله بجهاز الحاسوب ويجعل المواقع ناطقة، وهو مخصص للأشخاص غير المبصرين، وقد ساعدني هذا الجهاز كثيرا في إنجاز العديد من الأعمال البحثية عليه.

وأضافت: كنت أستخدم برنامج "هل الناطق"، وكنت أقوم بتصحيح العديد من المشاكل التي كان يعاني منها هذا البرنامج، وكانت إدارة البرنامج سعيدة بملاحظاتي والطرق التي كنت أعالج بها العيوب التي تطرأ على البرنامج في أثناء العمل من خلاله، ولذلك فقد أرسلوا لي العديد من رسائل وخطابات الشكر تقديرًا منهم لمساعدتي في حل العديد من المشاكل التي كان يعاني منها البرنامج في أثناء التشغيل.

محمد صبرة

إسلام اون لاين

JoomShaper