لم تكن "آن سوفي" تدري أن اهتمامها بقضايا الإسلام والمسلمين ودفاعها المنصف عنهم: هو بداية الطريق لاعتناق الدين الحنيف، فكلما أثيرت ضد المسلمين في السويد قضية، انبرت تفند وتدافع وتدحض آراء من يريدون بهم سوءا، من خلال نشرها لرؤاها الجادة وكتاباتها الرصينة المؤكدة بالشواهد والتي يحترمها العقل، محاولة بذلك الوقوف بالمجتمع السويدى على حقيقة الإسلام والمسلمين بعين الإنصاف، تارة بكتابة المقالات الصحفية، وأخرى بالكتب المتخصصة التي أصبحت منتشرة بشكل كبير، وثالثة باللقاءات المباشرة والندوات.
فكانت بحق.. لسان صدق للزود عن هذا الدين الحنيف والتابعين له.
ناشطة حقوقية
إنها "آن سوفي رولد" المؤرخة الدينية، والأستاذة المحاضرة في مجال دراسات الإسلاميات ونوع الجنس والهجرة بجامعات الجنوب السويدي بمدينة مالمو القريبة من الدانمارك، وكانت سوفي قبل أن تتحول من المسيحية ـ بفضل الله ـ إلى الإسلام من أهم الباحثين في قضايا الإسلام والمسلمين؛ وذلك منذ قدمت رسالتها في الدكتوراه عن تنظيم الإخوان المسلمين بجامعة لوند في الجنوب السويدي، ثم تخصصت في التاريخ الإسلامي، ومن ثم الحركات الإسلامية والأقليات المسلمة في الغرب.
كما كانت في شبابها: من الناشطات الحقوقيات الداعيات لتحرير المرأة في النرويج، مما عزز اهتمامها بالأمور السياسية، ولما كانت قد عرفت أن الإسلام لا يفصل بين الدين والسياسة: دفعها ذلك للتخصص فيه، ثم قامت بتأليف عدة كتب ذات موضوعات مختلفة عن الإسلام باللغتين السويدية والإنجليزية منها: "المسلمون الجدد في أوروبا" ،"المرأة في الإسلام" , "الإسلام"، "تجارب المتحولين إلى الإسلام في الدول الإسكندينافية"، "الإسلام المعتقد والتاريخ".
وقد أشارت صحيفة "سفنسكا داغ" السويدية إلى أن كتابات سوفي تقوم بدور عظيم في التعريف بالإسلام خاصة للمهتمين بدراسته، والذين تزايدت أعدادهم مؤخرا في أوربا، كذلك أثرت المكتبة السويدية بكتابها الهام "المسلم في السويد" الذي قدمته بالمشاركة مع الكاتبة المتحولة هي الأخرى للإسلام "برنيلا كويس".
الطريق إلى الإيمان
مرت "سوفي" بمراحل كثيرة ومعقدة من البحث والتنقيب والمقارنة؛ للوقوف على ما كل ما يمكنها من الوصول إلى الديانة الحق والتي يجب أن تعتقد، ولأن صاحب الفطرة السليمة دائما ما يوفق للصواب، فقد أدركت بفطنتها كما تقول في أحد حواراتها: أن الإنسان عليه أن يتحرك نحو الله, لأنّ الله لا يكره الناس على الإيمان به.
وعن تربيتها الدينية قالت: عشت في منطقة "أوستلوند في النرويج", وكان الاعتقاد باللّه سائدا عبر أسرتها, ففي كل ليلة كانت تصلي على طريقتها كمسيحية, وكان لديّها اعتقاد جازم أنّ الله يحميهم من كل مكروه.
وتقول أيضا: إنها لما وصلت للسابعة عشرة من عمرها: أخذت تتعمقّ دينيا، وبدأت تتساءل عن المسيحية كدين, وعن سبب تقاتل النصارى (أي المسيحيين) فيما بينهم, وقد توصلت بعقلها إلى مغزى عظيم فتقول: لقد كان البعض يستخدم الله لتقوية حكمه وسلطانه, ويستقوى به على الآخرين، مثلما جرى في أوروبا في عهود سالفة, مما دفعها إلى طرح المزيد من الأسئلة حول الديانات.
وقد قامت بدراسة الأديان المقارنة في السبعينيات من القرن الماضي، و قادها بحثها الدءوب إلى اكتشاف عظمة الإسلام وموضوعيته، فكما قالت: لقد وجدت فيه كل الأجوبة عن كل الأسئلة, بل لقد توصلت إلى حقيقة الله سبحانه وتعالى الذي خططّ لحياتنا أجمل وأعدل تخطيط.
الخوف (الفوبيا) من الإسلام:
وقد هال سوفي سيطرة ظاهرة الخوف من الإسلام، أو كما يطلقون عليها "فوبيا الإسلام" والجد في تحذير الناس منه عن طريق وسائل العلام الغربي، الذي بدأ يشوهه، ويظهر المسلمين في صورة الإرهابيين, خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وضرب برجي التجارة العالمية.
كما أنّ هناك أسبابا دينية و ثقافية و عنصرية وراء ظاهرة "فوبيا الإسلام" في الغرب، وهذا ما أوردته في كتابها: "المسلم في السويد" والذي تحدثت فيه عن حياة المرأة المسلمة، وتعايشها مع المجتمع السويدي الذي ينتمي كغيره من المجتمعات الغربية إلى قيم ومفاهيم مختلفة, وكيفية حياة المسلمين في السويد، وممارستهم للشعائر من: صلاة وزكاة وصيام وحج ومعاملات بينهم، كما قدمت فيه مقارنة جيدة بين عادات الشعوب الإسلامية، وتأثير ذلك على مسلمي السويد. كما لفتت إلى نظرته السلبية بل والمريبة إلى المرأة المحجبة.
وتؤكد "سوفي" من خلال إحدى أهم دراساتها العميقة في الإسلام والثقافة: أنه لا فرق بين الإسلام والثقافة الإسلامية، كما كان يعتقد الكثيرون، معللة لذلك أن القواعد التي يقوم عليها الإسلام لابد وأن تتداخل مع أشكال التعبير الثقافي بشكل كلي؛ وفي هذا عموم الفائدة للبشرية.
صفاء البيلي
لها أون لاين