نشرت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية في عددها الصادر يوم الأحد الموافق 26 يوليو، 2009، تقريراً مفصلاً عن الباحثة والأديبة المثقفة والمستشارة الإعلامية والسياسية الدولية، وسيدة الأعمال الأمريكية السورية الأصل: السيدة فرح الأتاسي، رئيسة المركز العربي الأمريكي للترجمة والأبحاث والإعلام (آكت)؛ ومؤسسة ومديرة مركز المعلومات والمصادر العربي بواشنطن، بعنوان "شرح العالم العربي: سورية أمريكية تسعى للتقريب بين الأديان (والثقافات)".
وأجرى مراسل صحيفة واشنطن تايمز الصحافي المخضرم جيمس موريسن لقاءً حصرياً مع السيدة فرح الأتاسي التي حدثته عن طفولتها ونشأتها ورحلتها من بلدها الأم والحبيب سوريا، التي لا تزال مزروعة في قلبها، إلى أمريكا وحلمها ببناء الجسور بين العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية والترويج للثقافة العربية وتشجيع الحوار بين الأديان والحضارات.
وقد بدأ مراسل صحيفة واشنطن تايمز جيمس موريسون تقريره عن السيدة فرح الأتاسي بالإشارة إلى أنه "في الشرق الأوسط لا يوجد أي شيىء يدعو للتفاؤل"، هذا ما يقوله العديد من الخبراء في مجال السياسة الخارجية. حسناً، لكن هذا الأمر لا ينطبق على السيدة فرح آل أتاسي: سيدة عربية صلبة للغاية لا تعرف الاستسلام ولا تتخلى عن الأمل .. هدفها المحوري الرئيسي في الحياة تشجيع الحوار والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة، المسلمين والمسيحين واليهود في الشرق الأوسط، وتوضيح صورة العرب وشرح العالم العربي للأمريكيين، حتى وإن كان هذا الهدف والرؤية متجذر أو يبدأ ويترعرع في مركزي ثقافي، صغير ولكن له تأثير ظاهر وبارز وقوي، قامت بافتتاحه منذ ثمانية شهور في قلب منطقة جورج تاون (بواشنطن).
"أنا متفائلة للغاية" قالت لي السيدة فرح الأتاسي في مقابلة أجريتها معها في حديقة مركزها: مركز المعلومات والمصادر العربية، الذي يشمل أيضاً على مكتبة زنوبيا لاونج، مضيفة "أعتقد أن التغيير (في العلاقات العربية الأمريكية) سيأتي.. أستطيع رؤية ذلك.." (في إشارة إلى انفتاح الإدارة الأمريكية الحالية على العالمين العربي والإسلامي والدعوة إلى بناء علاقات صلبة ومتينة مبنية على التفاهم والاحترام والتبادل المشترك").
ويلفت جيمس موريسون إلى أن رواد وزوار مركز المعلومات والمصادر العربي، يستطيعون رؤية التغيير الذي تستشفه وتتحدث عنه عندما يعبرون أبواب المركز الواقع في شارع 31 في قلب منطقة جورجتاون بواشنطن، ولكأنك انتقلت فجأة من أمريكا إلى قلب العالم العربي ... فعلى عكس الطابع الأمريكي التقليدي والمعروف عن منطقة جورجتاون العريقة، السياحية والشهيرة والمعروفة بأنها المكان المفضل الذي يرتاده آلاف الأمريكيين والسياح من مختلف أرجاء العالم للتسوق والترفيه وارتياد المقاهي والمحلات التجارية والتنزه في شوارعها المزدحمة والأنيقة، يستقبلك مركز ثقافي خاص ذو طابع عربي بحت مليىء بالكتب والموسيقى والتابلوهات الفنية وحرف تقليدية عربية وحتى بعض زجاجات العطر العربية والمجلات والموسيقى وكل شيىء يتصل بالعالم العربي ...
وعند زيارة أرجاء مركز المعلومات والمصادر العربي، يشير مراسل واشنطن تايمز إلى أن أحد جدران المركز اكتظ بصور للسيدة فرح الأتاسي مع كبار الزعماء والقادة (العرب والدوليين) والسياسيين الأمريكيين المخضرمين مثل السيناتور ريتشارد لوغار (رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ)، وقائد العمليات المشتركة في العراق الجنرال رايموند أوديرنو، وكبار المسؤولين العرب كوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وحتى الممثل الأمريكي العربي المشهور طوني شلهوب الذي لعب أبرز أدواره في المسلسل الأمريكي المشهور "الراهب".
جدران مركز المعلومات والمصادر العربي مكتظة برفوف خشبية تشكل مكتبة ضخمة مليئة بالمعلومات والمصادر والبروشورات والمنشورات والقصص والروايات والدراسات والأبحاث والكتب (الصادرة بالإنكليزية من وحول العالم العربي) عن الثقافة والحضارة العربية، كتب السياسة والتاريخ العربي، ومئات الأشرطة الدعائية والأفلام الوثائقية عن العالم العربي. وتتضمن مكتبتها كتب عن المسيحيين واليهود والمسلمين في العالم العربي، ومعلومات سياحية واقتصادية عن فرص عمل تجارية وكيفية الاستثمار في 22 دولة عربية. ويشير جيمس موريسون إلى أنه استرعى انتباهه على أحد أبرز رفوف المكتبة اصطفت (بفخر) أعلام الدول العربية الاثني وعشرين كاملة علماً علماً وضعت بين علمين أمريكيين من الشمال ومن اليمين.
"هذا المكان يمثل قلب وروح وعقل العالم العربي ... نحن نحاول لأن نكون مرآة تعكس العالم العربي للأمريكيين وتشرح لهم كيف يفكر العرب" تقول السيدة فرح الأتاسي، مضيفة: "حلمي بأن يتحول هذا المكان إلى منارة فكرية وثقافية ضخمة (للأمريكيين) ... حلمي بان يتحول هذا المكان إلى شيىء كبير كبير .."
ويتابع مراسل صحيفة واشنطن تايمز استعراض أبرز مراحل حياة السيدة فرح الأتاسي ومالذي جاء بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كتب يقول: لقد كان هذا الحلم الذي جاء بباحثة وعالمة ومفكرة عربية يافعة السن، وكاتبة مرموقة حصلت على عدة جوائز عن كتاباتها وقصصها المنشورة، من دمشق في سوريا إلى مدينة غراند رابيدز في ولاية ميتشيغان الأمريكية، وبعدها إلى جامعة جورجتاون في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبينهما محطة في اليونان حيث التقت ببرفسور أمريكي غير مسار رحلتها وحياتها. وتقول السيدة فرح الأتاسي "لقد نشأت وعشت بين الثقافتين العربية والغربية وأخذت الأفضل من كلا العالمين"..
بعد أن تخرجت السيدة فرح الأتاسي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في سوريا حيث حصلت على شهادة البكالوريوس بدرجة تفوق في الآداب والسياسة والعلوم الإنسانية: الأدب الإنكليزي والفلسفة والتاريخ، كانت تكمل دراساتها العليا وتحضر لدبلوم الدراسات العليا حيث كانت أطروحتها عن "عودة وتأثير الأساطير الإغريقية للأدب الحديث" ومثال عنها الكاتب الأمريكي، الإنكليزي الأصل، تي إس إليوت الذي لا تزال السيدة أتاسي تعشق وتردد قصيدته الشعرية العالمية الشهيرة "قصة حب ألفرد بروفروك". وتابعت السيدة فرح الأتاسي رحلتها الدراسية الشيقة في اليونان حيث انتسبت ودرست في برنامج أمريكي برعاية جامعتي هارفارد وجورجتاون يدعى "المعهد العالمي للدراسات السياسية والديبلوماسية" حيث التقت ببرفسور أمريكي مستشرق يدعى د. أنتوني سوليفان، الذي لاحظ براعتها الأكاديمية والبحثية ومهاراتها الخطابية واطلاعها على العديد من الدراسات والأبحاث الأمريكية ومن بينها دراسات عن تي إس إليوت كتبها وأعدها المفكر المحافظ المخضرم والمشهور رسيل كيرك، والذي يعد أحد أهم المفكرين والمنظرين الجمهوريين المحافظيين اليساريين وأعمدة المدرسة المحافظة التقليدية. وقد أوصى البرفسور د. أنتوني سوليفان بأن تتم دعوة طالبة الدراسات العليا والباحثة والمفكرة والكاتبة فرح الأتاسي إلى "مركز رسيل كيرك للدراسات الحضارية والثقافية" في منطقة غراند رابيدز بولاية ميتشغان، وهذا ما كان حيث حطت السيدة فرح أتاسي رحالها في أمريكا عام 1999، للأسف بعد 5 سنوات من رحيل المثقف والمفكر والكاتب رسيل كيرك الذي لم يتسنى للسيدة الأتاسي أن تلتقيه ولكنها التقت أرملته الباحثة المعروفة ورئيسة مركز رسيل كيرك للدراسات الحضارية السيدة أنيت كيرك.
ويلفت الصحافي جيمس موريسون في تقريره أنه كان يمكن للسيدة فرح الأتاسي، التي تنتمي لأسرة سياسية بارزة وعائلة معروفة وعريقة، أن تبقى في بلدها وتجرب حظها في عمل حكومي كأسلافها. ولكنها بالمقابل اختارت أن تتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية. "لقد استقليت الطائرة .. تاركة كل شيىء وراء ظهري .. نحو المجهول.." قالت السيدة الأتاسي.
ويمضي الصحافي جيمس موريسون بالتساؤل عن نشاط السيدة فرح الأتاسي بعد أن وصلت إلى أمريكا، حيث كانت السيدة الأتاسي أول عالمة وباحثة ومستشارة من الشرق الأوسط تدعى لمركز رسيل كيرك المعروف، حيث التقت رئيسته أنيت كيرك التي لم تزر في حياتها الشرق الأوسط ولا تعرف شيئاً عن العرب والمسلمين .. وكانت التجربة مثيرة فهذه أول زيارة للسيدة فرح الأتاسي إلى أمريكا التي لم تكن تعرف عنها الكثير، لتلتقي أسرة فكرية وثقافية أمريكية معروفة لا تعرف شيئاً عن الشرق الأوسط ! وقد قامت السيدة فرح الأتاسي بتعليم أنيت كيرك وعائلتها وتثقيفها عن العالم العربي، بينما أخبرت السيدة كيرك بدورها فرح عن أمريكا واصطحبتها معها في كافة المؤتمرات الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية وأبرز الاجتماعات في كافة الولايات الأمريكية، حتى أنها تناولت غداءً خاصاً مرة مع السيدة نانسي ريغان، زوجة الرئيس الراحل رونالد ريغان، وكانت فرح الأتاسي أول امرأة عربية ومسلمة تزور المزرعة الخاصة للرئيس الراحل رونالد ريغان "رانش دي تشيلو أو مزرعة السماء" في منطقة سانتا بربارة في ولاية كاليفورنيا...
"لقد أصبحت أنا وآنيت كيرك لا نفترق أبداً كهاتين الأصبعين" وتشير إلى أصبعيها المشبوكتين. "هذا ما جعلني أزور وأطلع على كافة أمريكا وأحبها ... لقد عشت مع عائلة أمريكية .. لقد طبخنا سوياً وضحكنا معاً" (في إشارة إلى تأثير التبادل الثقافي). وقد أعدت السيدة فرح الأتاسي بحثاً حول "نقاط التقارب بين تعاليم وفكر الدين الإسلامي وفكر الحركة الجمهورية التقليدية المحافظة"، إذ أن الاثنان يحثان على أهمية الأخلاق في حياة الإنسان ومحورية دور العائلة ونظرة كلا الفكرين لمواضيع الحياة والموت كالإجهاض"...
ويتابع المراسل جيمس موريسون في تقريره بواشنطن تايمز استعراض أبرز محطات السيدة فرح الأتاسي في أمريكا حيث بعد أن أنهت برنامجها في مركز رسيل كيرك للدراسات الإنسانية والحضارية، حصلت على موافقة لمتابعة دراساتها العليا (ماجستير) في العلوم السياسية والديبلوماسية العامة من جامعة جورجتاون العريقة حيث انتقلت السيدة فرح الأتاسي إلى العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي حيث انتسبت للجامعة وعملت في مراكز فكرية وبحثية وإعلامية مرموقة كإذاعة صوت أمريكا، ومن ثم التحقت بالسلك الديبلوماسي وعملت في القسم الإعلامي في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن. ثم التقت السيدة فرح الأتاسي بزوجها الأمريكي اللبناني د. شريف الخانجي، وهو برفسور ومهندس حاصل على شهادة الدكتوارة في هندسة الشبكيات والبرمجيات ونظم المعلومات والاتصالات من جامعة جورج واشنطن، وأنجبت منه ولدان صبي اسمته هادي الأتاسي الخانجي وبنت اسمتها آية الأتاسي الخانجي.
وحول فكرة تأسيس شبكة أعمالها ومراكزها الفكرية والبحثية وكيف بدأت حياتها المهنية المستقلة، تقول السيدة فرح الأتاسي أنه بعد أحداث 11 سبتمبر المآسوية عام 2001، قررت أن تفعل شيئاً لمنع "التصادم بين الأديان والحضارات" وشرح حقيقة العالمين العربي والإسلامي للأمريكيين وحقيقة الأمريكيين للعرب والمسلمين. وتضيف قائلةً: "كان هناك تحول كبير في موقف الرأي العام الأمريكي حول العرب والمسلمين .. لقد كان الأمر أشبه بزلزال مروع (وشرخ في العلاقات الأمريكية و العربية – الإسلامية)" .. لقد أدركت أنها يجب أن توضح الكثير من الصور المغلوطة والنمطية إذ تبين عندها أن العرب لا يعرفون إلا القليل عن الأمريكيين وكذلك الأمريكيين لا يعرفون شيئاً عن العرب والمسلمين.
وحول الحديث عن كيف تبث السياسات الأمريكية الخاطئة في العالمين العربي والإسلامي السموم في العلاقات مع هذين العالمين وتبعث كل مواطن عربي ومسلم على كراهية أمريكا بسبب عدم حيادها في العديد من المواضيع المصيرية التي تمس صميم الشارع العربي والإسلامي، أوضحت السيدة فرح الأتاسي في معرض حوارها مع مراسل صحيفة واشنطن تايمز أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في غالبها لا تصب في مصلحة العرب والمسلمين، لذا يبنى العرب نظرتهم عن أمريكا بناءً على هذه الأخطاء في السياسة الخارجية الأمريكية