لها اون لاين
وقد شهد عام الثورة معاناة كبيرة، شهدتها المرأة السورية يوما يعد يوم مع تعدد الأدوار التي تقوم بها, ابتداء من نزولها إلى الشارع للتظاهر، ومرورا بتعرضها للقتل والاعتقال، وصولا إلى تحمل مشقات كبيرة كزوجات وأمهات وبنات أثناء تغيب الأزواج والآباء والإخوة في المعتقلات, إضافة إلى "احتمال التعرض للخطف والاغتصاب على أيدي الشبيحة وقوات النظام", حسبما تحدثت به ناشطات لموقع الجزيرة نت.
وقالت إحدى النساء السوريات التي عاشت مجموعة من تلك الأدوار، في معرض الحديث عن تجربتها: إنها كانت حاملا وتنتظر مولودها الأول عندما اعتقلت هي وزوجها في الاعتصام أمام وزارة الداخلية يوم 16 مارس 2011، وذكرت أنه من بين المعتقلين في ذلك اليوم كان عدد كبير من النساء منهن: دانة الجوابرة، وهيرفين أوسي، وسهير الأتاسي، ووفاء اللحام، ونسرين الحسين، وناهد بدوية.
وقالت: إنه تم إطلاق سراحها مساء ذلك اليوم بسبب وضعها الصحي، ومرت ذكرى زواجهما، وكذلك أنجبت طفلتها الأولى أثناء وجود زوجها في السجن، إذ تم اعتقاله مرتين بسبب نشاطه في الثورة، ثم اضطر بعدها لترك البيت والتخفي.
وبعد ذلك اقتحمت عناصر من المخابرات الجوية منزلهما أثناء وجودها مع طفلتها وأخيها، حيث سألوها عن مكان زوجها وهددوها بالقتل وخطف الطفلة وجعلها رهينة إلى أن يسلم والدها نفسه، وتوعدوها بأنها ستستلم أخاها جثة هامدة، واقتادوه معهم إلى المعتقل، حيث قضى هناك بعد شهرين، وتضيف: أنها غادرت البيت وأصبحت تعيش في الخفاء منذ ذلك الوقت خشية أن يلحقوا الأذى بطفلتها.
نساء داريا يتحدثن
وفي داريا قالت إحدى الناشطات: "إن نساء وفتيات المدينة كن جنبا إلى جنب مع رجالها وشبابها وخرجن في المظاهرات في داريا ودمشق، ونظمن اعتصامات للمطالبة بإطلاق سراح إخوتهن وأبنائهن وأزواجهن المعتقلين في سجون النظام".
وذكرت الناشطة أن الأمن واجههن بالشتائم والنيران وتعرض بعضهن للاعتقال، واستدعي البعض إلى فروع المخابرات وأجبرن على توقيع تعهدات بعدم الخروج للتظاهر.
وأوضحت أن النساء اللواتي لم يستطعن النزول إلى الشارع ابتكرن أساليب فاعلة أخرى، وابتداع مناسبات ثورية منها: توزيع هدايا العيد لأهالي المعتقلين، وتوزيع المطويات التوعوية ودعوات الاعتصام، والمشاركة في كتابة اللافتات وفي إسعاف الجرحى.
كما قامت المرأة بنشاط اجتماعي فاعل، مثل: زيارة عوائل الشهداء والمعتقلين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمادي لبعضهن، مع تنظيم عدة دورات تدريبية منها دورات الإسعاف الأولي ودورات الدعم النفسي للأطفال المصابين بالصدمات.
مهام خاصة تؤديها النساء
ويذكر أحد الناشطين الملاحقين في ريف دمشق أن "هناك أشياء النساء فقط يستطعن القيام بها" ويضيف: "لقد جعلوني أرتدي نقابا وعباءة ونظارات طبية سميكة، وأخذوني معهن بالسيارة إلى بيت سيدة معروفة حيث اختبأت هناك لفترة".
وقال ناشط آخر: إن عددا كبيرا من الفتيات اللواتي يشاركن في المظاهرات تدربن أيضا على الإسعاف الأولي، وأصبحن قادرات على تقديم المساعدة للجرحى، وذكر أن طبيبات استطعن دخول حمص وهي تحت القصف، وشاركن في إسعاف المصابين.
وأشار الناشط إلى أن الطريق إلى هناك يستدعي السير على الأقدام وحتى الزحف أحيانا تجنبا للقناصة، وقال: إن الفتيات يعملن مع الشباب في سائر عمليات تقديم الدعم، ونقل المواد الإغاثية وتوزيعها، وكذلك تنظيم المظاهرات في قلب دمشق والحشد لها، "فالشابات أقدر على التحرك هناك".
تتبرع بمصاغ عرسها!
وتتحدث إيمان -إحدى فتيات حمص اللواتي يعملن في المجال الإغاثي- لموقع الجزيرة نت عن حضور لافت للمرأة في المظاهرات، وعن تبرعات قدمتها سيدات، مثل عروس تبرعت بمصاغها من أجل إغاثة المنكوبين.
وتقول ضحى الطالبة بجامعة حلب: إنها وزميلاتها يشاركن في المظاهرات وتعرضن للضرب والشتائم النابية، في حين صفع أحد الأساتذة زميلاتها أثناء وجودها في مظاهرة، وأنهن يحاولن تخليص الشباب من أيدي عناصر الأمن، وشهدت دهس أحد زملائها بسيارة أمنية اجتاحت إحدى مظاهراتهم وقامت مع زملائها بإسعافه.
بداية الثورة في درعا.. اعتقال 14 طفلا
وبدأت الثورة في درعا بخروج أهلها في مظاهرات إثر اعتقال 14 طفلا وتعذيبهم كما قال ذويهم لأنهم كتبوا على جدار مدرستهم الشعارات التي عمت مصر وتونس وهي "الشعب يريد إسقاط النظام".
وبحسب موقع بي بي سي العربي كتب التلاميذ هذه الشعارات تعاطفا مع مدرستهم التي اعتقلت لإعرابها عن أمنيتها ان تبدأ الثورة في سورية.
ومنذ اليوم الأول أدت المرأة في درعا دورا بارزا في نشر أنباء الثورة وقمع الدولة النظام لها، وتذكر رزان زيتونة المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان أنها شكلت مع غيرها من الناشطين شبكة للمعارضة أسموها "لجنة التنسيق المحلي"، وتضيف أنها الآن مختبأة بعدما اعتقل النظام زوجها وشقيقه.
شهادة فتاة نصرانية (مسيحية): النساء اللواتي اعتُقِلن تعرّضن للاغتصاب..والنظام لا يحمي إلا طغمته!
ونقلت قناة العربية شهادة فتاة سورية مسيحية تدعى هديل الكوكي فنّدت خلالها "ادّعاءات النظام السوري عن مواجهاته لعصابات من السلفيين والقاعدة"، مؤكدةً أن "جميع السوريين- و فيهم المسيحيون - يتعرضون لممارسات النظام البشعة".
وتحدثت الفتاة التي تنتمي إلى منطقة الحسكة السورية في لقائها مع قناة "العربية" عن كافة أعمال التعذيب والاغتصاب التي تتعرض له النساء في السجون السورية، وأكدت على شهادتها التي قدّمتها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف عن فترة اعتقالها في سجن حلب، مشيرة إلى أن "جميع النساء اللواتي اعتقلن تعرضن للاغتصاب، إلا أن أحداً لم يعلن ذلك على الملأ".
وعن أساليب التعذيب، ذكرت الكوكي أنها "متنوعة من تعذيب بالكهرباء، إلى ما يعرف ببساط الريح". وروَت كيف كان رجال الأمن يضربونها "بشدة" على رجليها، ثم يرمونها في الزنزانة الانفرادية "بعد ملئها بالماء والملح" لكي تتألم أكثر، كما أنها كانت تُجبَر على البقاء داخل الزنزانة لأطول فترة ممكنة حتى تتأذى وتتألم بشكل أكبر.
وأكدت هديل الكوكي أنها تعرّفت إلى هويّة سجانيها، وقالت: إنها تعرفهم بالأسماء والرتب والمناطق التي يتبعون لها، موضحةً الى أنها انتبهت إلى كل تلك التفاصيل بعد أول اعتقال لها، فهي اعتقلت 3 مرات عام 2011. ولفتت إلى أنها تعلّمت الحرص على المعلومة من الناشطين الذين حثوها على حفظ كل معلومة عن العناصر "بسبب إمكانية الحاجة إليها لاحقاً عند تقديم كافة المستندات اللازمة إلى الأمم المتحدة للادعاء ضدهم".
وكشفت الكوكي بعض المعلومات عن رئيس الفرع العسكري في حلب، الذي تعرّض لتفجير من قبل الثوار في الفترة الأخيرة، مشيرةً الى أنه "برتبة عميد، وترفّع إلى رتبة لواء"، وكان هو المسؤول عن تعذيبها، بالإضافة إلى مقدم في أمن الدولة، وآخر من ينبع.
وأكدت الكوكي أن رجال الأمن كانوا يحاولون إقناعها بأنها كمسيحية يجب أن تقف إلى جانب النظام "الذي يحمي المسيحيين". إلا أنها أكدت في المقابل أن كل تلك الإدعاءات "كاذبة، فهذا النظام لا يحمي أحداً سوى الطغمة الحاكمة التي تساعده في قمع الشعب".
المرأة السورية.. معاناة وأدوار متعددة
- التفاصيل