هيا الشايع
زفّ دار الذكر لتحفيظ القرآن الكريم بحي السليمانية في ليلة منيرة بنور القرآن خبر تخريج سبع عشرة خاتمة لكتاب الله, على شرف الأميرة منال بنت مساعد آل سعود، وسط جو تملؤه المشاعر الفياضة وتختلط به دموع الفرح.
الحفل القرآني البهيج بدأ بتلاوة عطرة من إحدى خاتمات كتاب الله، ثم تلاه مادة مرئية مسجلة لمجموعة من الدعاة تحتوي على مواعظ وعبر عن أهمية كتاب الله في حياتنا وبعد مماتنا.
وصايا قيّمة:
قدمت مساعدة مديرة دار الذكر كلمة أعطت فيها وصايا قيمة لحافظات كتاب الله والأحاديث النبوية الشريفة.
قالت فيها: إن مادام لله ينتهي لله، ولا يزال المؤمن بخير إذا قال، قال لله, واذا عَمِل عمِل لله، وذكرت أن الصحابي كان عندما يسمع الآية لا يقر له قرار حتى يعمل بها أو ينتهي عن ما نهت عنه. وأن العبرة كل العبرة بالاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسعد الناس من كان أشد تعظيماً لله.
وذكرت بأن كل منا لابد أن يمتلأ قلبه بثلاثة أمور: أن يحب الله تعالى، ويرجو الله، ويجلّ الله، وبذلك سيظفر براحة في الدنيا والآخرة, وأكدت على أن توحيد الله في قلب كل مؤمنة فلا تعبث فيه ولا تشرك به أحداً, ومن أصلح سريرته أصلح الله له سيرته، ومن أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية.
رحلتها إلى لادغيس أوصلتها للإسلام
لفتت الداعية الفرنسية التي أسلمت حديثاً "سميرة بوديعه" انتباه الحضور حين اعتلت المنصة بحشمتها وحجابها ووقارها, بدأت كلمتها بـ "أنا أحبكم جميعاً" وروت قصة إسلامها وارتدائها الحجاب والعبرات تخنقها، وعباراتها مليئة بالصدق والعفوية. كانت رحلتها إلى جزيرة "لادغيس" التي ذكّرتها بالجنة ونعيمها, وكان قلبها يملؤه الحزن والأسى، وتتذكر بأنه مادام هذا المكان ليس بالجنة ولا يوجد في الدنيا جنة, فكيف بالجنة التي وعد الله بها المسلمون في الدار الآخرة!
وعزمت بعدها على التقرب إلى الله بكل ما تستطيع, وأن تعرف أكثر عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتتعلم أكثر عن الدين الإسلامي, وكان ذلك وقت صدور قرار منع الحجاب في فرنسا، ولكنها أصرت على ارتداءه بعد أن حضرت في إحدى المعارض في فرنسا لعالم سعودي ذكر لهم تفسير سورة الفيل، وطلب من كل شخص أن يستخلص النتائج والعبر منها ويستفيد مما ذكر فيها.
ثم ذهبت "بوديعة" إلى تسجيلات لتستمع إلى دروس الشيخ ابن عثيمين ونصحها صاحب التسجيلات بأن تعود لسورة الإسراء آية 65؛ لأن فيها الكثير من العظة والثبات وكذلك تفسير سورة الكهف.
تقول كانت الهمزات واللمزات تحيطها في مكان عملها في المدرسة ومحيط أهلها، وقد حاولوا ثنيها عما عزمت عليه، ولكن ذلك لم يؤثر فيها مادام أنها تسعى لرضى الله سبحانه، وأن الله راضٍ عنها.
ثم انتقلت إلى السعودية والتحقت بدار الذكر لتحفيظ القرن الكريم، وأعجبت بلبس الحجاب الكامل مع النقاب، ولكن بها نوع من الأسى على التهاون في طريقة لبس البعض للعباءة وإضافة الزخارف والزينة عليها، وأن هذا ليس من شروط الحجاب الذي أمرنا الله به.
سميرة لم تكتفي بلبس العباءة فقط، بل بهرت الجميع بأنها تلبس لباساً آخر تحت العباءة تستر قدميها ويديها حتى إذا ما ارتفعت عباءتها فإن هناك ما يسترها أيضاً.
أثر ذلك في الحضور حتى تعالت الهتافات والتكبيرات المشجعة لها.
ماذا يريد الله منا؟
ألقت الداعية مناير الناصر كلمة توعوية ودعوية بدأتها بسؤال وجهته إلى جميع الحاضرات: ماذا يريد الله منا؟
ثم بدأت بسرد الأسباب التي تقربنا من الله، ومن أهمها المجاهدة في الطاعة، وأن الجهاد في ذلك ليس بالأمر الهيّن، وهنيئاً لمن حققت الاختصاص من ربها بتدارس وحفظ كتاب الله "هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ"سورة آل عمران، وهنا الاختصاص بحفظ كتاب الله وأنه البشرى للبشرية.
كما أوصت الحضور بأهمية الرقابة الذاتية التي هي أسمى وأجل من رقابة الآخرين وتقوية جانب الإيمان بالله تعالى, قال تعالى: "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"سورة النازعات، فالله يعلم وساوس النفس، فهو أقرب إلى الشخص من حبل وريده, وذكرت السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم شاب نشأ في طاعة الله وجاهد في ذلك خصوصاً في هذا الزمن.
كما شجعت الداعية مناير على الوصول للقمة والمحافظة عليها، وأن المحافظة على القمة هي أصعب من الوصول لها. ولابد بعد الوصول للقمة شكر الله وحمده وثناؤه.
الخاتمات يتحدثن عن رحلتهن مع حفظ كتاب الله
بدأت الخاتمات ببث مشاعرهن في هذه الليلة الجميلة، ذاكرين اليوم الذي راودتهم فيه فكرة حفظ كتاب الله، وكيف عزمنّ عليها مع وجود العقبات والمشاغل في هذه الحياة. إذ إن معرفة النتائج والعزيمة القوية هي التي بعثت فيهم الثبات والاستمرار فيما هن ماضيات إليه.
كما سردنّ قصصهن وحالهنّ قبل حفظ كتاب الله وأثناء حفظه وبعد ختمه, وإنهن بدأن بحفظ كتاب الله منذ 720 يوما واستمروا عليه حتى أتموا حفظه بفضل الله ومنته.
وفي فقرة جميلة أنشدت فيها إحدى الخاتمات نشيدا رائعا كان مطلعه:
أيا أمي وأنتَ أبي هنيئاً سألبسكم بإذن الله تاجاً
فحمداً ياولي الحمد حمداً يليق بجاعل الشمس سراجاً
وشكراً يا إله الكون شكراً إلهٌ .. يجعل العذب أجاجاً
إلهي قد حفظت الذكر فامنن عليّ به فأنهجه انتهاجاً
الحفل اختتم بمسيرة للخاتمات، وتكريمهن من قبل الأميرة منال بنت مساعد آل سعود, بالإضافة إلى تكريم حافظات لأجزاء متفرقة من كتاب الله، والفائزات بمسابقة الحديث النبوي الشريف.
داعية فرنسية تروي للفتيات قصة إسلامها في حفل دار الذكر
- التفاصيل