نعيمة روبرت
ترجمة / علاء البشبيشي
لم يكن الإسلام يومًا جزءًا من حياتها على الإطلاق، حتى كانت زيارتها إلى مصر؛ حيث التقت بإحدى المسلمات التي شجعتها على معرفة المزيد عن الإسلام، ومن ثَمَّ كانت البداية.
إنها نعيمة روبرت، رئيسة تحرير مجلة الأخوات، والتي تعيش الآن في المملكة المتحدة مع زوجها وأولادها. بعد أن كانت يومًا تنظر شذرًا للمحجبات، ها هي الآن ترتدي النقاب.
في أولى مقالاتها لنافذة (Faith Online)، في صحيفة تايمز البريطانية، تناقش السيدة نعيمة روبرت التحديات التي تواجه أتباع الدين الإسلامي، ممن يعيشون تحت مظلة نظام علماني، وهذه ترجمة المقال:
كامرأةٍ مسلمة تعيش داخل مجتمع علماني، تجدين نفسكِ دائمًا محاصرةً بين عالمين مختلفين: ففي الجانب الأول يوجَدُ دينكِ؛ الإسلام، وهو عقيدةٌ ومنهج حياة، أوحى الله به إلي النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ ما يربو على 1400 عام.
إنه دين يُؤَثِّرُ على طريقة تفكيرك، وأسلوبِ تعاملك، وكيفيةِ حديثك، ونمطِ ارتدائك لملابسك.
إنه عالَمٌ من العبادة والتضحية، والقيام بالواجبات، والتطوع بفعل الخيرات.. إنه عالم الإيمان.
وفي الجانب الآخر، تجدين "الدنيا"، التي تعيشين على ظهرها، وتعملين بين جنباتها، وتستمتعين بلذاتها. وهذا العالم الثاني كثير النزعات، ثقيلُ الضغوط الاجتماعية، تملؤه الإعلانات التجارية، والتخفيضات الصيفية، والإجازات السنوية.
كما أنه عالَمٌ يَستغرب فيه غير المسلمين أنْ تشاركهم غير المسلمات العيش فيه. ورغم ازدياد أعداد المسلمات الملتزمات اللواتي ينخرطن في الحياة العامة في المجتمع البريطاني، إلا أنّ الصورة التي ينقلها الإعلام عنهن لا تتعدى كونها مجرد تشويه لصورتهن، والعمل بصورة ماكرة على إبرازهن كمضطهدات، ضعيفات، يَعِشْنَ في جيتو خاصٍّ بِهِنَّ، يعزلهن عن العالم، بالإضافة إلى تصويرهن وكأنهن غيرُ مُثَقَّفَاتٍ، وليس لديهن طموح، ولا يرتدين غير السود من الثياب!
هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها وصف ذهولي حينما قرأتُ نتائجَ استطلاع رأيٍ أجرته مجلة الأخوات (SISTERS)، ومؤسسة أغذية الأمة (Ummah Foods)، لقد أصابتني الدهشة وكأني أقرأ لغزًا مُحَيِّرًا؛ فمن أين يعتقد الناس أننا نبتاع ملابسنا، إن لم يكن من المتاجر العادية؟ وما الذي يفكرون فيه حين ينظرون إلى حجابنا أو نقابنا؟
أولا يعلمون أن لدينا حفلاتنا الخاصة بالنساء، والتي نرتدي فيها أفخر الثياب وأبهى الحلي؟ ألم تخبر قناة (بي بي سي) مشاهديها بأن هناك حياةً أخرى خلف هذه الملابس السوداء؟
أو يعتقد الناس فعلا أن المرأة المسلمة ما هي إلا ضحيةُ زواج تم ترتيبه دون رضاها؟ وأنها تعيش حياة الخضوع، والعبودية التي لا تعرف للحب سبيلا، مع رجل يعاملها كأَمَة؟
كم سيندهش هؤلاء الناس إذا عرفوا "الرومانسية الحلال"، والْحُبَّ العميق الذي يشعر به الكثير من الأزواج والزوجات في ظِلِّ الإسلام، وسنوات المودة والرحمة التي يعيشها البيت المسلم، الذي يملؤه الأطفال.
وبالطبع فإنّ القليل من الناس يعلمون بشأن الانفتاح الذي يحيط بالعلاقة الزوجية في الإسلام، وهو الأمر الذي يظهر جليًّا في الأحاديث النبوية، والأحكام الفقهية.
لكن في الحقيقة، تجد المرأة المسلمة في بريطانيا نفسها – تحت هذه الضغوط - في تفاوضٍ دائم بين طرفي النزاع، الإسلام (عقيدتها) والدنيا (المجتمع العلماني التي تعيش بين ظهرانَيْه)، إنهما طرفان أشبه ما يكونان بالشرق والغرب، أو الماضي والمستقبل، وهو أمر يحتاج إلى الكثير من التوازن، والصبر، والتسويات.
ولن نقوم بهذه المهمة بغير هذه الطريقة (التوازن والصبر)، فقد اخترنا أن نمارس الإسلام في المملكة المتحدة، وأن يكون لنا موطِئُ قدم في كلا المعسكرين.
وفي النهاية نأمل أن نعيش أفضل ما في هَذَيْنِ العالَمَيْنِ!
نعيمة روبرت" تكتب: يوميات مسلمة بريطانية
- التفاصيل