منتدى المرأة والاعلام - المنتدى الرابع لقمة المرأة العربية
قدمت الباحثة الدكتورة حسنات عوض ساتى من الاتحاد العام للمراة السودانية ورقة عمل الى منتدى المرأة الاعلام قالت فيها أن وسائل الاعلام تطورت مع التطور الطبيعى للحضارة الانسانية الى أن دخلت التقنية مجال الاعلام. واضافت أن التقنية نفسها مرت بمراحل عديدة
فمنذ أكثر من قرنين من الزمان جاءت الالة لطباعة الصحف والنشرات للاعلام المقروء وفى القران الماضى جاء المذياع للاعلام المسموع وجاءت السينما الصامتة للاعلام المرئى وبعده بسنوات جاء التلفاز للاعلام المرئى والمسموع معا الى أن حدث الانفجار المذهل فى عالم تقنية الاتصالات والمعلومات والتى هى جزء من الاعلام وتطورت الوسائل الاعلامية باطراد حتى وصلت الى ما هى عليه اليوم. وذكرت أن الاعلام أصبح فى العقود الاخيرة علما يدرس وله موسسات ومعاهد متخصصة وأصبحت وسائله ذات تقنية عالية وأصبح للاعلام اليوم بجانب دورة الترفيهى والترويحى أدوارا أخرى واضحة تعمل على صياغة المجتمعات وتشكيل الراى العام العالمى وأيجاد نمط حياتى جديد للمجتمع العالمى فالاعلام اليوم يوظف الترقية والتسلية لاداء رسالة وأيصال فكرة وتشكيل عقل وصناعة ذوق عام وزراعة اهتمامات معينة حتى أنه لم يكتف برصد الحدث وأيصال المعلومة بل أصبح بما يمتلك من قوة وعوامل تأثير وضغط وتحكم يقوم بصنع الحدث والتحضير له فى نفس الوقت. واشارت الى أن هذه الروية الاعلامية الجديدة تقوم بها الموسسات الاعلامية الضخمة فى الدول الغربية وهى تملك نواصى التقنية العالية وتحتكر المعلومات وتنتج المادة الاعلامية وتهيمن على عمليات البث والتوزيع فى العالم. وأما الجانب الاخر من العالم العربى فهو مستهلك للمادة الاعلامية الغربية ولا يملك وسائل التقنية الحديثة وليس لدية البديل المنافس للمادة الاعلامية. فكان خضوع الاعلام العربى لمطلوبات الاعلام الغربى.
واشارت الدكتورة حسنات عوض الى العوامل الاجتماعية والثقافية والمهنية التى صاغت الصورة النمطية للمرأة الاعلامية العربية قائلة أن الاستعمار الاستراتيجى كان له دور فى تغيير معالم الحضارة العربية والاسلامية فى الوطن العربى فطيلة فترة الاحتلال عمل المستعمر على أنشاء النظم السياسية والاجهزة التشريعية والموسسات التعليمية والاعلامية على النمط الغربى وكانت له فى هذا أهداف واضحة فعمل على استبدال الاستعمار العسكرى بالاستعمار الثقافى والفكرى فالاول ينتهى برحيل العسكر وأما الثانى فله الديمومة والاستمرارية ويعمل على استيعاب الشعوب فى منهج الثقافة الغربية. وقالت ان من أخطر وسائل واليات التغيير الثقافى التى لجأ لها المستعمر هى الاعلام الاعلام بكل أنواعه وجميع مستوياته. وبدأت عمليات التغريب منذ القرن التاسع عشر وكانت هناك محاولات لاستبدال اللغة العربية الفصحى باللهجات العامية فى وسائل الاعلام المختلفة خاصة فى مجال الكتابة الادبية والصحفية لارتباطها بالشعوب فاللغة العربية الفصحى من أقوى عوامل الوحدة والترابط الثقافى بين المجتمعات العربية. واضافت ان هذه السياسات التغريبية الاستيعابية قد نجحت وساعد على نجاحها الانفتاح العالمى والتقدم المذهل فى وسائل الاتصال حيث تساقطت الحدود الجغرافية والسياسية وتسابق أصحاب الايدلوجيات فى ميدان الاعلام مستخدمين أحدث الوسائل للوصول الى قلوب الجماهير وعقول الناس. واشارت الى ان أهم المرتكزات التى استند عليها الاعلام الغربى فى نجاحه هو المشاركة الفاعلة للمرأة بنمط معين ومنهج مدروس ونتائج محسوبة وفقا لفلسفة الحياة العصرية فى المجتمع الغربى لذلك نرى أن أصحاب الحاجات من سياسيين واقتصاديين وتجار وأصحاب المذاهب والعقائد المختلفة فى خضم المنافسة وحمى السباق لاجل الربح السريع والعائد المادى عملوا على توظيف خصائص الجمال والفتنة لدى المرأة وأهملت خواصها الانسانية الاخرى وأصبحت صورتها فى الاعلام مرهونة بالفائدة المادية وتكونت لدى المرأة بالتالى قناعات عملت على صياغة شخصيتها وتركيبتها النفسية وتعتمد أساسا على مقاييس الشكل والجمال.
وقالت الدكتورة حسنات عوض أن هذه التجربة نجحت لانها صاحبتها شعارات هامة مثل الحرية والمساواة فمثلا / الاعلانات تصور النساء أمارات بيوت ينحصر اهتمامهن فى الاحتياجات المترلية أو عنصر أغراء جنسى يضفى على البضاعة المعروضة جاذبية أكثر للايجاء باقتنائها/ هذا بجانب انتشار الافلام الاباحية والقصص المبتذلة فاختلطت مفاهيم الحرية والمساواة بالفوضى وانفرط عقد المنظومة الاخلاقية وتفشت الجريمة بأنواعها وحتى اليوم لا تستطيع أجهزة الامن وموسسات الشرطة من السيطرة الكاملة على الجريمة. وهذا فى مجال الدعاية والاعلان والافلام والمجلات والقصص. وأما المرأة الاعلامية نفسها فظهورها على أجهزة الاعلام المختلفة أنما هو وفقا لتقاليد الثقافة الغربية شكلا ومضمونا. هذا هو واقع المرأة فى الاعلام الغربى. وقالت الدكتور حسنات عوض ان المرأة العربية لها من الخواص الانسانية تماما كما للرجل بجانب تمييزه وانفرادها بخواص أخرى توهلها جميعا لاداء أدوار هامة فى هذه الحياة بالمشاركة الفاعلة بين الطرفين يتم أعمار الارض كما لها أدوار متميزة فى المجتمع فهى شريكة الرجل فى عملية البناء والتنمية والتاريخ يحكى عن الكثير من بطولات النساء فى كافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والعلمية والجهادية وغيرها. واضافت أن الاستعمار الثقافى بجانب طغيان الاعلام الغربى وقوة تأثيره عمل على تغيير مفاهيم المجتمع العربى ومعتقداته وهز كثير من قناعاته / وباتت مشاهد استغلال المرأة فى الافلام والبرامج التلفزيونية المستوردة واقعا مالوفا فى معظم أقطار الوطن العربى والعالم الاسلامى الفسيح/ حتى المعايير التى يتم بموجبها اختيار المرأة للعمل فى مجال الاعلام لا تقوم على قيم ومبادى المجتمع العربى ولاهى مستوحاة من البيئة العربية بل هى خاضعة للمعايير الغربية وذلك لان الاعلام المعاصر بتقنيته العالية لا تصل الية اليد العربية الا بالتبعية فهو محتكر لدى الموسسات الاعلامية الكبيرة والتى تنسق مع القوى السياسية وتعمل على تغيير مفاهيم الحضارة العربية والاسلامية هذا المفهوم النمطى المستعار للمرأة فى وسائل الاعلام أفرز أيضا اشكالات جمة فى المجتمع العربى منها على سبيل المثال التنصل من الواقع وتقليد المرأة العربية للمرأة الغربية فى كل المجالات والانشطة وانعكس هذا على تربية الاطفال والعلاقات الزوجية والحياة الاجتماعية والثقافية عموما. واشارت الى ان الموتمر العالمى للمرأة والذى عقد فى مدينة المكسيك عام 1975م ادان الاستخدام السالب للمرأة فى وسائل الاعلام والذى انحصر فى الكسب المادى وكرمز للجنس ونادى الموتمر بضرورة تغيير هذا الاسلوب ولكن لم تترتب عن هذه الادانة أى التزامات قانونية لذلك لاتزال الصورة النمطية للمرأة فى وسائل الاعلام كما هى.
وقالت الدكتورة حسنات عوض ان المجتمع العربى والمجتمع المسلم مجتمع رسالى يحتاج لوضع فقه للعمل الاعلامى مستمد من القران الكريم ومن تراث الحضارة العربية والاسلامية ويكون فى نفس الوقت أنموذجا يستوعب فلسفة الحياة العصرية ويلبى حاجات المجتمع. وقد أرسى القران الكريم مبادى وقيم تخدم المصلحة العامة للمجتمع وتدخل فى صميم العمل الاعلامى وهى الامانة وتحرى الدقة فى نقل المعلومة والصدق فى الحديث والبعد عن الابتذال فى المظهر والحديث والمقال. وأوضحت أنه من أهم مقومات الرسالة الاعلامية القدرة على التأثير عن طريق الحوار الناجع والمداخلة والمقال الرصين والبيان واجادة الخطابة وقوة الحجة والطرح القوى للفكرة واتباع الموضوعية والعلمية ومخاطبة العقل والوجدان كل فى حينه. وهذا هو منهج الانبياء وأسلوب القران الكريم نفسة لطرح قضايا الدين /وعلى رأسها قضية التوحيد/ فحاور موسى فرعون وغلبة بقوة المنطق فهدده فرعون بقوة السلطان لئن اتخذت الها غيرى لاجعلنك من المسجونين وحينما أرسل داود نبيا أيده الله تعالى بقوة السلطان مع النبوة //وشددنا ملكه واتيناها الحكمة وفصل الخطاب// وكتاب الله تعالى هو نفسه أعلام أعلام لحقيقة الدين والعلم بالتاريخ والحضارة واعلام لكثير من الحقائق العلمية وأسرار الكون ومكنونات النفس البشرية. وأكدت أن المجتمع العربى فى حاجة لاعلام يخدم الاهداف العليا للامة مثل الوحدة والتعايش السلمى والتكافل الاجتماعى والروحى والمساواة. كما أن الاعلام العربى مطالب بالاهتمام بالقضايا الانسانية والتى أشار اليها الدين وأرسى نظمها مثل قضايا الفقر والجهل ومشاكل الحروب. ولفتت الى أن المجتمعات العربية تقابلها تحديات / حضارية وثقافية وسياسية واقتصادية وغيرها/ فيلزم تقديم البديل للمادة الاعلامية الموجهة وطرح فكر ومنهج يعبر عن واقع المجتمع العربى وحاجاته. ودعت الى أيجاد منظومة عربية تتميز بالاصالة ولها القدرة على تحقيق أهداف وحاجات المجتمع لابد من تأهيل الكادر الاعلامى البشرى فالاعلام اصبح علما يدرس وفنا يكتسب ومهارة فلابد من التكوين المهنى والفنى والاعداد الثقافى واللغوى والاحاطة ببعض العلوم والمعارف. كما ان على الاعلام العربى الاستفادة من وسائل التقنية الاعلامية وتسخيرها لتحقيق أهداف الامة العربية.
وقالت الدكتورة حسنات عوض أن الحديث عن الاعلام العربى يتناول عدة جوانب منها أيجاد منظومة أعلامية عربية أهداف محددة ووظائف مرجوة فى عملية النهضة والتنمية والتربية وصياغة مجتمعات تعمل لخير الانسانية والاهتمام بقضايا الناس دون تمييز لجنس أودين. والعمل الجاد على امتلاك ناصية التقنية لفك التبعية ثم تأهيل الكادر الاعلامى فنيا وعلميا. واشارت الى ان المرأة الاعلامية والرجل الاعلامى سواء بسواء فالاعلام الناجح لا يكون ألا بمشاركة الجنسين معا مع الابتعاد عن الاستخدام السالب للمرأة فى الاجهزة الاعلامية واعتبار الاعلام وسيلة تنموية تربوية وثقافية ترتبط بمكارم الاخلاق وليست وسيلة للربح المادى. أما المرأة الاعلامية العربية فهى تتأخر كثيرا عن مسيرة الرجل الاعلامى العربى رغم أنها قد بدأت فى هذا المجال مبكرا ولكنها لم تتقدم بخطوات كبيرة. وعموما فان واقع المرأة العربية فى الاعلام يقع دون طموحاتها رغم ثقتنا فى أنها وبقليل من الاجتهاد ستقود مسيرة أعلامية رائدة أذا ما توفرت لها أشياء متعددة. واوصت فى هذا الصدد بالاهتمام بالتأهيل والتدريب للكادر الاعلامى من النساء حتى يلجان مجالات الاعلام ولا ينحصر دورهن فى الربط والتقديم والدور الاعلانى فقط. واضافت بما أن الاعلام أداة تربوية ثقافية تعمل على صياغة المجتمع فأن طبيعة المرأة ودورها يوهلها للقيام هذا الدور أذا ما وعته وعيا كاملا. كما أوصت بتوثيق مسيرة الحركة النسوية العربية فى الاعلام مع تكريم جيل الاعلاميات العربيات الرائدات وخلق تواصل أجيال للاستفادة من خبراتهن فى الارتقاء بالعمل الاعلامى وانشاء شبكات اتصال بين النساء العربيات على المستوى المحلى والاقليمى والدولى مع الاهتمام بالتواصل مع غيرهن من النساء الاعلاميات فى العالم وحث المرأة الاعلامية ودفعها لاقتحام كل مجالات الاعلام دون الاكتفاء بالادوار النمطية وتقديم النموذج الاعلامى المتكامل للمرأة الذى يقنع الرجل ليفسح لها المجال وأنشاء وحدة أعلامية عربية موحدة تشمل كل الاجهزة أعلامية تختص بالمرأة تعمل على تدريبها وتأهيلها وأيصال فكرها ومادتها للعالم بعيدا عن التقليد والنمطية.
الدكتورة حسنات عوض ساتي
مركز أمان