منتدى المرأة والاعلام - المنتدى الرابع لقمة المرأة العربية
قدم السيد عبد الحفيظ الهرقام مدير عام اتحاد الاذاعات العربية ورقة عمل الى المنتدى بعنوان /صورة المرأة العربية فى الاعلام الاذاعى والتلفزيونى قال فيها انه لم يعد الخوض فى مسالة صورة المرأة فى وسائل الاعلام حكرا على الاكاديميين ومراكز البحوث المهتمة بالشأن الاتصالى ولا على الطلاب والدارسين فى معاهد الاعلام والاتصال العربية فيما يقدمون من اطروحات لنيل الشهائد الجامعية بل غدت هذه المسالة من اهتمامات قطاعات واسعة من الرأى العام فى عدد من البلدان العربية ومحل بحث وتمحيص فى الصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة وفى فضاءات المجتمع المدنى من منظمات وجمعيات أهلىة ونواد ثقافية. وأكد أن المرأة تقف فى غالب الاحيان وراء طرح هذا الموضوع على صعيد وسائل الاعلام وفى مختلف الدوائر التى سبق ذكرها حرصا منها على أن ترقى صورتها فى المضامين الاذاعية والتلفزيونية وفى الوسائط الاعلامية المختلفة الى مستوى قضايا المجتمع الاساسىة بما يكفل التصدى بالنقد لما قد يصيب هذه الصورة من تشويه أو تحريف وكأن المرأة أرادت أن تثبت أن مسالة كهذه لا تقل قيمة فى نظرها عن قضية المساواة بينها وبين الرجل وتكريس حقوقها فى التعلم والعمل والمشاركة فى الحياة العامة مستندة فى ذلك الى ما أكدته القيادات السياسية فى عدة أقطار عربية من ضرورة أن تتعامل وسائل الاعلام أيجابيا مع ما غنمته المرأة من حقوق ومكاسب وأن تعمل على تغيير بعض التصورات الموروثة بشأنها.
وللاستدلال على الاهتمام المتزايد الذى أصبح يلقاه موضوع صورة المرأة فى وسائل الاعلام وبالخصوص فى الاذاعة والتلفزيون اشار الى تنامى ظاهرة أقامة الملتقيات والمنتديات كهذا المنتدى الذى ينظمه الاتحاد النسائى العام بالدولة تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك علاوة على تنظيم اللقاءات مع المشرفين على هيئات الاذاعة والتلفزيون والمشاركين فى الاعمال التلفزيونية ولا سىما الدرامىة منها قصد تدارس أشكالية صورة المرأة كما تعكسها وسائل الاعلام السمعىة والبصرىة. كما أشار الى بروز ظاهرة صحىة لم تكن مترسخة بالقدر الكافى من قبل تتمثل فى الجدل الذى أصبحت تثيره بعض الاعمال الدرامية فى أوساط المجتمعات العربية خارج الاطار التقليدى للنقد الاذاعى والتلفزيونى ونقصد بذلك وسائل الاعلام أذ تحولت المجالس فى البيوت وفى الاماكن العامة وفى النوادى الى فضاءات للحديث عن مضامين هذه الاعمال وابعادها السياسىة والاجتماعية والثقافية. ودلل على ذلك بردود الفعل على المسلسل المصرى /عائلة الحاج متولى/ الذى بثته العديد من الفضائيات العربية خلال شهر رمضان الماضى والذى أعطى الفرصة لتناول أشكالية صورة المرأة فى الدراما التلفزيونية وللبحث فى قضية تعدد الزوجات وتأثيراتها فى عدد من المجتمعات العربية وراى أن مسلسلا كمسلسل /عائلة الحاج متولى/ لم يكن ليثير جدلا كبيرا كالذى أثاره فى مصر وبلدان عربية أخرى لو بث فى عقود ماضية ولا سىما فى بدايات البث التلفزيونى فى الوطن العربى.
وقال أن التلفاز فى ذلك الردح من الزمن كان يمارس نوعا من السحر على فئات واسعة من الجمهور فكانت الصورة تخلق فى غالب الاحيان لدى المتلقى حالة من الانبهار كتلك التى عاشها وهو يكتشف السينما لاول مرة ولاشك أن حالة الانبهار هذه كانت تعيق قدرة العديد من المشاهدين على تمثل ما كانت الصورة التلفزيونية تحمله فى طياتها من مضامين. واضاف أنه فى تلك الفترة كان المشاهد العربى فى معظم الحالات أشبه ما يكون بالمتلقى السلبى للصورة وفى تلك الفترة أيضا كان الهاجس الاساسى للمشرفين على أجهزة التلفزيون العربية ضمان استمرار الارسال التلفزيونى حتى ولو أدى الامر الى التغاضى عن محتوى البرامج. ومضى يقول أنه فى بداية مغامرة البث التلفزيونى لم تكن مسالة صورة المرأة فى المواد التلفزيونية ولاسىما الدرامية منها حاضرة بالقدر الكافى فى أذهان المسوولين عن التلفزيونات العربية ولا فى أذهان المتلقين بل كانت معالجة هذه الصورة مرتبطة باجتهادات معدى البرامج وكتاب السيناريو الذين كانوا ينساقون فى بعض الاحيان وربما من حيث لا يشعرون وراء تصورات موروثة ظلت مترسخة فى العقليات فعكست أعمالهم نظرة دونية للمرأة لا تتناسب ووضعها الجديد فى بعض الدول العربية التى الت على نفسها منذ حصولها على الاستقلال العمل على تحديث المجتمع والرفع من منزلة المرأة فيه غير أن التطور الاقتصادى والاجتماعى الذى شهدته المجتمعات العربية خلال العقود الاخيرة ودرجة النضج الفكرى الذى بلغته أعداد وافرة من المواطنين والمواطنات وبروز نخب مثقفة من الجنسين بفضل انتشار التعليم ولو بنسب متفاوتة علاوة على ما حصلت عليه المرأة من حقوق و مكاسب عززت مكانتها فى المجتمع كانت من العوامل الاساسية التى غىرت سلوك معظم المشاهدين الذين أصبحوا ينظرون الى المادة التلفزيونية بمنظار الناقد المتبصر المدرك لخبايا الصورة ودلالاتها فتخطوا مرحلة الانبهار بالصورة الى مرحلة الوعى بمضامينها.
وأوضح أنه فى ظل هذه التطورات أصبحت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة فى الوطن العربى مدعوة الى مراجعة سياساتها البرامجية فى مجال التعامل مع القضايا النسائية على نحو يضمن انسجامها مع التوجهات العامة الرامية الى النهوض بالمرأة ونشر الوعى بأهمىة دورها فى العمل الانمائى. واشار الى أنه من العوامل الاساسىة الاخرى التى تدفع موسسات عربية الى توخى مقاربة جديدة لصورة المرأة فى المضامين الاذاعية والتلفزيونية الدور النشيط الذى أضحت تقوم به الاتحادات والهياكل النسائية فى عدد من الاقطار العربية فى اتجاه التأثير فى وسائل الاعلام من أجل حثها على تحسين صورة المرأة فى الصحافة المكتوبة وفى الاذاعة والتلفزيون فأنشئت لجان ومراصد لمتابعة صورة المرأة فى وسائل الاعلام ساهم عملها فى تحقيق نقلة نوعية على صعيد نضال المرأة العربية فى سبيل تثبيت مكاسبها وأثرائها. وقال أن الاذاعات والتلفزيونات العربية والاتحادات والهياكل النسائية لم تتحرك فى سعيها الى تحسين صورة المرأة فى المضامين السمعية والبصرية من فراغ بل استندت فى ذلك الى التوجهات القطرية الهادفة الى الرفع من شأن المرأة فى المجتمع وفى الان نفسه الى أدبيات المنتظم الاممى بخصوص الدور الموكول الى وسائل الاتصال فى مجال النهوض بالمرأة. ونوه بأن الموتمرات الدولية الخاصة بالمرأة قد نبهت منذ منتصف السبعينات الى الخلل فى تعامل وسائل الاعلام مع قضايا المرأة.
كما تضمن تقرير ماكبرايد الصادر عن اليونسكو سنة 198. حول قضايا الاتصال /عالم واحد افاق متعددة/ اشارة الى تقصير معظم وسائل الاعلام فى العالم فى تناول القضايا النسائية واعتبر أن الصورة التى تعكسها هذه الوسائل عن المرأة صورة دونية وغير لائقة بها خاصة فى الاعلانات. وجاء موتمر بيجينغ حول المرأة المنعقد عام 1995 ليمثل منعطفا حاسما على صعيد تناول المسالة أذ أكد فى منهاج عمله ضرورة التخلص من الصور السلبية المهينة للمرأة فى وسائل الاعلام داعيا الى خلق صورة متوازنة عن تنوع حياة المرأة ومساهمتها فى المجتمع فى عالم متغىر /الفقرة 236/ /1/. كما أشار الموتمر الى أن ما تقدمه وسائل الاتصال من أعمال وبرامج تكرس أدوار المرأة التقليدية ىوثر سلبيا فى مشاركتها فى المجتمع مبرزا ضرورة العمل على أن تمسك المرأة بناصية تكنولوجيا الاتصال والمعلومات بما يعزز قدرتها على استخدام الوسائط الحديثة من أجل التصدى لكل أشكال الاساءة الى صورتها والدفاع عن حقوقها التى تمثل جزءا أساسيا من حقوق الانسان كما اهتمت الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للامم المتحدة المرأة عام 2... بقضية المرأة والاعلام واستعرضت مدى تنفيذ منهاج عمل موتمر بيجينغ من خلال التقارير الوطنية الواردة الى الامم المتحدة فى هذا الشأن /2/. وهكذا فان قضية صورة المرأة فى وسائل الاعلام تجاوزت الحدود القطرية الضىقة لتغدو قضية كونية استقر رأى المجموعة الدولية على اعتبارها من المسائل الاساسية فى مجال النهوض بالمرأة.
وبالنسبة لموضوع صورة المرأة العربية فى الاذاعة والتلفزيون تساءل عبدالحفيظ الهرقام هل يتعلق الامر بصورة أم بصور متعددة للمرأة العربية وقال أن الواقع الاجتماعى والثقافى للمرأة العربية يختلف كثيرا من بلد الى اخر من حيث التقاليد والقيم فما هو مقبول ومجاز فى مجتمع ما يعد مرفوضا فى مجتمع اخر علاوة على التفاوت الكبير الذى نلحظه على صعيد التشريعات والقوانين المتعلقة بحقوق المرأة وبمشاركتها فى الحياة العامة كما أن هذا الواقع يختلف فى داخل البلد الواحد من بيئة اجتماعية الى أخرى فوضعية المرأة فى الحضر لا تشبه وضعيتها فى الريف بل أن التباين حاصل فى صلب البيئة الاجتماعية الواحدة أذ تختلف الوضعيات النسائية حسب المستوى الفكرى والثقافى للمرأة ونشاطها فى المجتمع والطبقة الاجتماعية التى تنتمى اليها. واعتبارا الى أن وسائل الاعلام هى المرأة التى تعكس الممارسات الاجتماعية والثقافية فى المجتمع فأنه لا يجوز الحديث عن صورة واحدة للمرأة من خلال هذه الوسائل بل عن صور متعددة تتشكل وتصاغ انطلاقا من وضعيات وحالات متباينة مرتبطة بالبنى السياسىة والاقتصادية والذهنية وبمدى انتشار ثقافة حقوق المرأة فى كل قطر وعلى صعيد كل فئة من فئاته الاجتماعية. كما أن معالجة صورة المرأة فى وسائل الاعلام العربية تختلف من وسيلة الى أخرى أذ لكل جهاز أعلامى فلسفة خاصة به تنبع من التوجهات السياسية والاجتماعية والثقافية القطرية أذا كان الجهاز تابعا للقطاع العام بالاضافة الى أن هذه المعالجة تتغىر من أنتاج الى اخر وذلك نتيجة عوامل ذاتية مرتبطة بروية المؤلف أو كاتب السيناريو أو معد البرنامج.
وقال أن الامر يتعلق بصور مختلفة لنماذج نسائية مختلفة فى وسائل أعلام مختلفة. واضاف أنه نظرا الى تشعب هذه المسالة منهجىة وتحليلا فأننا لا نقدر فى دراستنا للموضوع ألا على عرض ملامح عامة لهذه الصورة أو لهذه الصور مشيرا الى أننا نعتمد فى هذا العرض على جملة من الدراسات والبحوث قدمت فى أطار منتدى وورشة عمل تم تنظيمهما فى مصر وتونس حول /المرأة والاعلام/ و /تحليل صورة المرأة فى المضامين التلفزية/ وكذلك على قراءة شخصية لهذه الصورة من خلال ما يبث عبر عدد من القنوات الاذاعية والتلفزيونية العربية. وأذ نلاحظ تطورا نسبىا فى معالجة قضايا المرأة فى بعض هذه القنوات التى بدأت تحرص أكثر من أى وقت مضى على تحسين صورة المرأة من خلال ما ينتج من برامج فأننا نلمس قواسم وسمات مشتركة بين صور المرأة كما يعكسها عدد من أجهزة الاذاعة والتلفزيون العربية بالرغم من الفوارق الاجتماعية والثقافية بين هذا البلد وذاك والاختلاف فى الممارسات الاعلامية على صعيد تلك الاجهزة كما بىنا ذلك سابقا. وتسنى لنا أيضا أن نستنتج وجود مفارقة فى عدد من الاقطار العربية بين ما أحرزته المرأة من حقوق ومكاسب وما تنهض به من أدوار متقدمة فى المجتمع ما فتى الخطاب الرسمى يثمنها ويعظمها من جهة وبين أساليب تناول القنوات الاذاعية والتلفزيونية لقضايا المرأة ومعالجة أشكالية صورها من جهة أخرى. ولعل من أبرز القواسم المشتركة بين القنوات العربية فى تعاملها مع المرأة تركيزها المفرط على الفئات الاجتماعية الميسورة فى المدن وعلى بعض المهن التى تمارسها المرأة كالبائعة فى المحلات التجارية والموظفة والمعلمة والاستاذة والطبيبة مقابل حضور محتشم للمرأة الريفية التى تقدم غالبا من خلال أدوار الشغالات أو العاملات فى المزارع فى الاعمال الدرامية أضافة الى انعدام الاهتمام الكافى بتصوير واقع المرأة فى الاحياء الشعبية داخل المدن الكبرى وفى المناطق المحيطة بها.
كما تشترك العديد من الاذاعات والتلفزيونات العربية فى عدم ايلاء العناية الكافية لمساهمة المرأة فى برامج الحوار التى تتطرق الى قضايا المجتمع المختلفة كأن المرأة غير معنية بها أطلاقا. ومع احتدام المنافسة بين القنوات العمومية منها والخاصة فى عهد البث الفضائى وتنامى العرض البرامجى أصبح استغلال جمال المرأة وأبراز مفاتنها وسيلة تتوخاها بعض الفضائيات العربية لاستقطاب المشاهد وجلب اهتمامه مما أدى الى تنامى ظاهرة تشيىء المرأة التى تحولت بالتوازى مع ذلك فى المساحات الاعلانية الى أداة لترويج شتى أنواع السلع والمواد من خلال توظيف جسدها لاغراض تجارية. ومن ناحية أخرى تبىن من خلال البحث والمتابعة أن العديد من القنوات الاذاعية والتلفزيونية العربية ما زالت تنقل صورا نمطية مصاغة وفق قوالب جاهزة تكرس الوظيفة التقليدية للمرأة التى لا يشغلها ألا تدبير شوون بيتها وتربية ابنائها بينما لا نرى ألا فى حالات قليلة صورا للمرأة المتعلمة التى استطاعت التوفيق بين واجباتها كزوجة وأم وبين واجبها فى العمل وحتى فى هذه الحالة فقد صورت وكأنها دفعت الى اقتحام مجال العمل سواء للفرار من روتين البيت أو لتوفير مورد رزق لاسباب اقتصادية وليس اقتناعا منها بقيمة العمل. كما تصور المرأة أحيانا ككائن ناقص مسلوب الارادة غير قادر على التفكير السليم وعلى تولى شوونه بنفسه فتراها تسعى الى البحث عن العون والمساعدة لدى الزوج أو الاقارب أو الاصدقاء وقد يصل الامر الى حد اتخاذ أمىة المرأة وبساطة تفكيرها أساسا للبناء الدرامى فى بعض الاعمال فى حين يظهر الرجل بمظهر المعلم الذى يلقن المرأة الدروس ويفتح بصيرتها على تطورات العصر.
وذكر أن مسلسل عائلة الحاج متولى صور المرأة بصورة بدأت تزول من المخيال العربى الجماعى وهى صورة المرأة الخانعة المستسلمة الحريصة كل الحرص على أن يحتفظ بها زوجها حتى ولو كان يجمع بين أربع زوجات فتبدو فى مظهر المرأة المبالغة فى التزىن والساعية الى تلبية كل رغبات زوجها مقابل أن يوفر لها /الحاج متولى/ الحياة الهانئة والرفاه المادى. واشار الى ما اعتبره أنس زاهد فى مقال صدر بجريدة الشرق الاوسط بتاريخ 15 يناير 2..2 تحت عنوان /ثقافة ذكورية/ أن مسلسل عائلة الحاج متولى هو حلقة ضمن سلسلة أعلامية طويلة تهدف الى تشويه الشريعة الاسلامية وتعمل على تسويق قراءات مسطحة وغير واقعية للدين الاسلامى الذى قىد تشريع التعدد بضوابط أخلاقية صارمة وعبر عن خشيته أن يكون هذا المسلسل مجرد مقدمة لمرحلة ستلعب فيها الدراما العربية دورا مساندا للفكر المتعصب الذى يقوم على التعسف والقسوة والتعصب مضيفا أنه من سوء حظ المرأة انها مستهدفة بشكل أساسى من قبل رواد هذه الاتجاه الفكرى. وراى أن معظم القنوات الاذاعية والتلفزيونات العربية تشترك فى أنتاج صور نسائية منمطة بالرغم مما يبذله البعض من مجهودات بدأنا نلمس اثارها قصد أنصاف المرأة وتغيير النظرة اليها. واشار الى أن سبب هذا الوضع يعود الى ترسخ تصورات موروثة عن المرأة تنبع من قراءة خاطئة للاسلام مما يستوجب العمل على تجديد الفكر العربى وتحريك الياته فى اتجاه تحديث مجتمعاتنا والرفع من منزلة المرأة فيها وذلك بانتهاج مسلك الوسطية والاعتدال ونبذ الانغلاق والتعصب.
وأكد أن تحسين صورة المرأة بات أمرا حتميا فى ظل الاوضاع العالمية الراهنة التى زادت فى خطورة ما نواجهه من تحديات جسام ولاسىما من جراء الحملات المغرضة التى تشنها بعض وسائل الاعلام الغربية منذ الاحداث التى جدت فى الحادى عشر من سبتمبر 2..1 فى الولايات المتحدة بهدف تشويه صورة العرب والمسلمين والانتقاص من حضارتهم والترويج لمنطق صراع الحضارات. وأضاف أن موضوع المرأة العربية والمسلمة شكل مادة لتغذية هذه الحملات أذ تعمدت وسائل الاعلام الاساءة الى العرب والمسلمين من خلال أثارة قضية المرأة والمعاملة التى تلقاها فى المجتمع حاملة صورة مهينة ومنمطة عنها ومروجة لافكار وروى عدوانية تحط من قيمتها ومكانتها الاجتماعية فأحيت بذلك تصورات بشأن المرأة الشرقية ارتسمت فى المخيال الجماعى الغربى منذ القرن التاسع عشر من خلال مولفات المستشرقين وكتابات الرحالة ولوحات الرسامين الغربيين الذين نقلوا عن /الشرق الحالم/ صورا لا تبعد عن قصص /الف ليلة وليلة/ كما استغلت بعض وسائل الاعلام الغربية الحرب فى أفغانستان للتركيز على أوضاع المرأة فى هذا البلد وعلى ما تعيشه من معاناة وحرمان تحت حكم /حركة طالبان/ فرسمت من خلال المرأة الافغانية نموذجا لصورة المرأة المسلمة ومثالا للمعاملة التى تلقاها فى الدول الاسلامية دون التمييز بين أوضاع المرأة فى هذه الدولة أو تلك وقد تسبب هذا الخلط المتعمد أحيانا فى الاضرار بصورة المرأة العربية والمسلمة فى العالم الغربى. واعتبر أن تصحيح صورة العالم العربى والاسلامى لدى الاخر يقتضى حتما العمل على تخليص صورة المرأة مما لحقها من تشويه وتحريف فى وسائل الاعلام الغربية وذلك بالتعريف بما أحرزته المرأة فى العديد من الاقطار من حقوق ومكاسب وما بلغته اعداد وافرة من النساء من مستوى ثقافى واجتماعى أهلها لتبوأ مكانة متمىزة فى المجتمع.
وذكر ان نقل صورة مشرقة عن المرأة العربية الى الاخر يفترض السعى فى المقام الاول الى صياغة هذه الصورة المنشودة فى المستوى العربى العربى. وقال أن تحسين صورة المرأة العربية فى الاعلام الاذاعى والتلفزيونى يعنى فى نظرنا العمل على أن تكون هذه الصورة اقرب ما يكون الى الواقع الاجتماعى والثقافى والاقتصادى المتعدد الذى تعيشه المرأة فى البلدان العربية وخالية من اشكال التمييز بينها وبين الرجل أو من أى تصورات بالىة قد تثير الشك فى موهلاتها وقدراتها وتتسبب فى تعطيل دورها فى المجتمع. وراى أن الامر يتعلق بتزيين صورة المرأة وأننا نستبعد أن يكون هذا مطمح المرأة أذ ليس من المنطقى فرض صورة مثالية عنها من خلال الاذاعة والتلفزيون لان ذلك يتناقض جوهريا مع الرسالة الاعلامية ويتعارض كلىا مع قواعد العملىة الابداعية بل أن المراد تحقيقه تشكيل صورة متوازنة عن المرأة تعكس نماذج عنها فى سموها وانحدارها فى قوتها ولحظات ضعفها فى نجاحها وأخفاقها فى يسرها وعسرها. كما أنه ليس من الواقعى أن نعزل المرأة فى غيتو اعلامى وذلك بحصر قضاياها واهتماماتها فى برامج محددة لان الفصل بين الجنسين فى الشبكات البرامجية أسلوب عقيم وغير مجد بل أن خدمة قضايا المرأة وتحسين صورتها يجب أن تكون فلسفة مبثوثة عبر مختلف المواد البرامجية وفق نظرة شاملة تهدف الى أشاعة حقوق المرأة وأبراز منزلتها فى المجتمع وأزالة ما علق بشأنها فى الاذهان من رواسب وأفكار رجعية.
واضاف أن صورة المرأة فى الاذاعة والتلفزة لا تتشكل فحسب من خلال مضامين المواد البرامجية المختلفة بل وكذلك من خلال الدور الذى يمكن أن تقوم به المرأة فى أنتاج هذه المضامين وتقديمها. واشار فى هذا المجال لى الحرص المتنامى الذى أصبحت تبديه العديد من القنوات الاذاعية والتلفزيونية العربية على تعزيز حضور المرأة فيها وقال أنها ظاهرة أيجابية لا بد من الاشادة بها بالرغم من أن هذا الحضور مازال محدودا بالمقارنة مع الرجل كما بىنت ذلك دراسة أجراها اتحاد أذاعات الدول العربية فى السنوات الاخيرة أذ أن نسبة العاملات فى قطاعات التلفزيون المختلفة فى تسعة أقطار عربية مجتمعة بلغت 36ر6 بالمائة مقابل 63ر6 بالمائة للعاملين الذكور. وقال أن تحسين صورة المرأة فى أجهزة الاذاعة والتلفزيون لا يتم دائما وبصورة الىة بمنح مناصب قيادىة فيها للمرأة أو بالزيادة فى عدد العاملات فى شتى الاختصاصات المهنية فقد يكون ذلك عاملا مساعدا على تحقيق الهدف المنشود ولكنه لا يمثل فى تقديرنا شرطا كافيا لبلوغه وبالتالى فأن الامر يتطلب جهدا مشتركا بين الرجل والمرأة من أجل تغيير العقليات وتجاوز السائد الموروث. واعترف بأن الرفع من منزلة المرأة وتحسين صورتها فى المضامين الاتصالية عمل طويل النفس يتطلب تعبئة كل الطاقات فى المجتمعات العربية من خلال وضع خطط واستراتيجيات متكاملة ترمى الى مزيد نشر الوعى فى مختلف الاوساط والفئات الاجتماعية بقضايا المرأة العربية من أجل التوصل الى تشكيل صورة متوازنة للمرأة تبرزها /أنسانا وذاتا بشرية عليها واجبات وتتمتع بحقوق أساسية تكرسها المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية وتعكس أدوارها المتعددة فى كل ميادين الحياة العامة والخاصة بما يساعد على تجاوز القوالب النمطية/.
وأكد أنه لكى تضطلع وسائل الاعلام بمسوولية كبرى فى صياغة هذه الصورة فأن مختلف مكونات المجتمع المدنى من أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات غير حكومية يجب أن تنهض بدور فاعل فى سبيل بلوغ هذا الهدف. وراى فى هذا السياق أنه من المفيد أن تعمل الاتحادات والهياكل النسائية فى الوطن العربى على تكثيف تبادل المعلومات بينها فى مجال التعامل مع قضية المرأة والاعلام والسعى الى تعميم تجربة المراصد أو اللجان الوطنية لمتابعة صورة المرأة فى وسائل الاعلام وكذلك تجربة رابطات الاتصاليات التى ينبغى أن توطر أضافة الى العاملات فى أجهزة الاعلام الصحفيات والكاتبات اللاتى يمارسن النقد الاذاعى والتلفزيونى لا سىما وأن مثل هذه التجارب بدأت تثمر نتائج أيجابية فى بعض البلدان العربية أذ أصبحت وسائل الاعلام تحت تأثير هذا الضغط المتنامى أكثر وعيا من ذى قبل بمسالة تحسين صورة المرأة فى المواد البرامجية المختلفة. ويمكن أن تنهض بمهمة تنسيق تبادل المعلومات والتجارب فى هذا الشأن منظمة المرأة العربية التى وافقت جامعة الدول العربية على أنشائها فى الاشهر الاخيرة. ولما كانت هذه المسالة ثقافية بالدرجة الاولى فأنه يتعىن السعى بجد فى مختلف الاقطار العربية على مراجعة محتوى الكتب المدرسية على نحو يساعد على تنشئة الطفل والبنت عماد المستقبل على ثقافة حقوق المرأة وعلى نبذ كل أشكال التمييز بين الجنسين فضلا عن تكثيف اللقاءات التى تجمع المواطنين والمواطنات والمسوولين عن أجهزة الاعلام والمبدعين فى المجال الاذاعى والتلفزيونى من كتاب سيناريو ومنتجين ومعدى برامج من أجل الخوض معا فى أشكاليات صورة المرأة فى المضامين الاتصالية.
كما يتعين تعميم تجربة الجوائز التى تمنح لاحسن أنتاج أعلامى يكرس صورة متوازنة للمرأة حفزا لهمم المنتجين والمبدعين. واشار فى هذا الصدد الى جائزة الطاهر الحدادالتى أحدثها الرئيس التونسى زين العابدين بن على سنة 1999 والى المقترح الذى تقدمت به حرمه السيدة ليلى بن على خلال الجلسة الافتتاحية للموتمر الاستثنائى لقمة المرأة العربية المنعقد بالقاهرة يومى 11 و 12 نوفمبر 2..1 والمتعلق بأحداث جائزة عربية لافضل انتاج اعلامى عربى يخدم الصورة الايجابية للمرأة فى الاسرة والمجتمع. وتساءل عن دور اتحاد أذاعات الدول العربية فى هذا الشأن وقال أن الاتحاد الذى يضم فى عضويته كافة هيئات الاذاعة والتلفزيون الحكومية وعددا من الشبكات الخاصة العربية ما انفك يسعى الى أن يكون قوة دفع الى الامام فى سبيل الاسهام فى النهوض بالاعلام الاذاعى والتلفزيونى العربى من خلال ما يرسمه من توجهات ويضعه من خطط عمل. وأضاف أن الاتحاد من منطلق وعيه بدوره القومى ولاسىما فى مجال النهوض بالمرأة خصص فى أطار الدورة الاخيرة للمهرجان العربى لاأذاعة والتلفزيون التى أقيمت فى شهر سبتمبر 2..1 بتونس جائزتين ماليتين لافضل عمل أذاعى ولافضل عمل تلفزيونى يخدمان الصورة الايجابية للمرأة العربية. وقد رصد الجائزتين مشكورا مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث /كوتر/ فى أطار التعاون بين المنظمتين. وأكد استعداد الاتحاد الدائم للتعاون مع اىة منظمة عربية ترغب فى أقامة علاقات معه من خلال رصد الجوائز للاعمال الاذاعية والتلفزيونية المتمىزة التى تعكس أفضل صورة للمرأة العربية وأنتاج برامج مشتركة تعرف بالاسهامات القىمة لوجوه نسائية بارزة ماضيا وحاضرا وذلك بالتعاون مع الهيئات الاعضاء فى الاتحاد أو من خلال أقامة دورات تدريبية فى المركز العربى للتدريب الاذاعى والتلفزيونى بدمشق التابع للاتحاد تضم كتاب السيناريو ومعدى البرامج التى تتناول قضايا المرأة بما يساعد على تحسين صورة المرأة فى المضامين الاذاعية والتلفزيونية.
السيد عبد الحفيظ الهرقام