عبد الرحمن بن علي إسماعيل
الحمد لله والصلاة و السلام على رسول  الله، وبعد:من مظاهر التدهور الاجتماعي الذي وصل إليه العالم -في ظل الحضارة الغربية التي أهملت تعاليم الأنبياء والمرسلين، وأخذت بآراء الرجال-  مظاهر عديدة منها:
الانتحار:
انتشار جريمة الانتحار وإقدام الرجال والنساء على قتل أنفسهم بشكل مخيف ونسبة كبيرة، وفي عدد من دول العالم الكبرى، بينما تكاد هذه الظاهرة أن تكون معدومة في بلاد الإسلام والمسلمين.
ويعود ذلك إلى أسباب كثيرة، من أبرزها -بعد فقد الإيمان بالله عز وجل- حالة القلق والضيق، والخوف الذي يجده الإنسان في الغرب والبطالة والإدمان على المسكرات، وحالة الضياع والجهل بالهدف الذي خلق من أجله، وفقدان السكينة والراحة والطمأنينة التي فقدها المجتمع الغربي، بعد خروج المرأة إلى العمل، وتفكك المجتمع، وعدم وجود المرأة الصالحة، والرجل الأمين الذي يقف بجانبها لمواجهة أعباء الحياة. ففي بريطانيا ارتفعت نسبة الانتحار بين الشباب فوق 50% خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وتقول الدراسات إن أهم أسبابه عندهم هو الضغوط الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية – ولو أصابوا لقالوا خواء القلب من الإيمان بالله عز وجل –

وذكر التقرير أن في كل ساعتين هناك من يقتل نفسه في بريطانيا ويعتبر هذا أشد إثارة للقلق من الرقم المعلن سنويا أن الذين ينتحرون هو"5000" وكذلك هناك أكثر من 200 ألف محاولة للانتحار، وتلقت الجمعية خبراً أن"2.5" مليون حالة محاولة انتحار وما بين مكالمة ورسالة وزائر، ويقول التقرير: إن المنتحرين تحت 25سنة كانوا 80% من الذكور(1)

وفي أمريكا يزداد عدد الهاربين من جحيم الحضارة الغربية وويلاتها وتفكك المجتمع وانتشار القسوة والمادية البحتة، فقد أجرت" مجلة المراهق الأمريكية" مسحاً بين عينة من الصبية والفتيات من سن 15-19 سنة لاستطلاع مشاعرهم حول ظاهرة الانتحار، وجاءت النتائج المفزعة تقول" إن الثلث ممن وجهت إليهم الأسئلة حاولوا فعلا التخلص من حياتهم بعد أن استسلموا لليأس والقنوط وأن نسبة 73% من الشباب والمراهقين فكروا في الإقدام على الانتحار مرة أو أكثر خلال حياتهم.

ويشير الاستطلاع أن غالبية الذين حاولوا الانتحار هم من الفتيات في أخطر مراحل العمر، وهي بحاجة إلى الجو النفسي الأسري بسبب عدم قدرتها على دفع تكاليف السكن والمعيشة، في الوقت الذي ينفق فيه دعاة تحرير المرأة المسلمة، لإخراجها من عش الأسرة الآمنة إلى جو القلق والتوتر والاضطراب النفسي(2).

وفي اليابان التي تعد من أرقى بلاد العالم في التقدم الصناعي أفاد تقرير نشر عام 1987م يقول: إن" 802" من الشباب الياباني قد انتحروا خلال العام الماضي، ويقول تقرير وكالة الشرطة أن"299" فتاة انتحرت خلال عام 1989م.

وفي فرنسا نشرت مجلة النبأ عن وزارة الصحة الفرنسية أن الانتحار هو ثالث أسباب الوفاة بين الأشخاص، وإنه في كل  43 دقيقة تقع حالة انتحار, وأضافت الوزارة أن 12ألف شخص يحاولون الانتحار لكنهم يفشلون، وأن الانتحار كان أهم سبب للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين15-24عاما في عام1993م(3)

وفي اسكتلندا يقول التقرير الذي نشره" إسلام أون لاين" أن معدل الانتحار بلغ ثلاثة أضعاف النسبة السابقة، وفي الصين نشرت ال-" bbc " أن الإحصاءات أظهرت أن 20% من عدد الوفيات بين الشباب ما بين"15-34" عاما يموتون منتحرين , وان عد الانتحاريين يزيد عن عددهم بين الرجال، وفي الهند يرى كثير منهم أن الانتحار هو الحل الجذري للكثير من المشكلات التي تواجههم، وأن معظم المنتحرين هم من الشباب من سن"15-29" عاماً، وأن عدد حالات الانتحار في شتى أنحاء الهند يبلغ نحو 100ألف حالة سنويا(4) تلك هي نتائج ومفرزات الحضارة الغربية التي تريد أن تصدرها لبقية دول العالم وتصليهم بجحيمها"

نصيحة أشهر ممثلة بعد انتحارها:

نشرت مجلة حضارة الإسلام"3/331" قصة انتحار مارلين، وأن المحققة في سبب انتحارها اكتشفت رسالة في صندوق الأمانات تلقي الضوء على السبب في انتحارها، ووجد على الغلاف كلمة تطلب عدم فتح الرسالة قبل وفاتها فتحت المحققة الرسالة فإذا هي تقول: لكل فتاة ترغب بالعمل في السينما" احذري المجد.. احذري كل من يخدعك بالأضواء إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع أن أكون أمّاً، إني امرأة أفضل البيت الحياة العائلية الشريفة، على كل شيء، إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية، وتقول في النهاية: "لقد ظلمني كل الناس وإن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعه رخيصة تافهة، مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة، إني أنصح الفتيات بعدم العمل في السينما وفي التمثيل، إن نهايتهن إذا كنّ عاقلات كنهايتي"(5)              

الهروب من البيت:

ونظراً لسوء العشرة التي تقتضيها طبيعة وضع المرأة في المجتمع الغربي، وميل الرجل إلى امرأة أخرى قد تعرف عليها في العمل أو غيره، وهكذا بالنسبة للمرأة مما يؤدي إلى انصراف كل واحد عن الآخر وسوء معاملته وربما بغضه وكراهيته، فقد كان من نتائج ذلك هروب الكثير من الزوجات والأزواج من البيوت لعدم قدرتهم على تحمل تلك المعاملة، وقد نشرت مجلة حضارة الإسلام 960 المجلد الثاني تقول: أعلنت اليوم هيئة -مقرها بنيويورك وعملها البحث عن الزوجات والأزواج الهاربين من بيوتهم- إنه قد اتضح من العمليات التي قامت بها عام" 1952م" أن في الولايات المتحدة سبعين ألف زوج هارب من زوجته مقابل 15 زوجة فقط هاربات من أزواجهن(6).

وتتكرر المشكلة نفسها في بريطانيا، حيث يهرب الزوج من البيت تاركاً زوجته وأولاده دون رعاية ونفقة ومحملين لزوجاتهم المسئولية الجديدة.

جاء في تقرير عن وضع الأسرة الإنجليزية يقول"الأسرة الإنجليزية تعيش منذ فترة أزمة اجتماعية ونفسية خاصة وأسباب الأزمة تعود إلى أن كثيراً من الأزواج يهجرون بيوتهم أو يهربون منها تاركين زوجاتهم وأولادهم يعيشون حالة نفسية تمتزج فيها مشاعر الأحزان والحيرة واليأس ويقول أيضا" تصوروا كيف تكون مشاعر امرأة خرج زوجها لشراء قنينة حليب ولم يعد قط إلى بيته، كيف ستواجه المشكلة وهي لا تعرف إذا كان زوجها على قيد الحياة أو لقي مصرعه" وتقول الكاتبة المسرحية بأنه من السهل على الأسرة مواجهة الموت من خلال الحزن على فقيدها ولكن في حالة الهرب تترك الأسرة في حالة من الإهمال واليأس دون أن تعرف أسباب هرب الزوج وأين هرب"(7)

وأما كثرة النساء الهاربات من البيوت، فله أسباب كثيرة من أبرزها:

سوء المعاملة من قبل الأزواج التي تصل إلى حد الضرب الشديد أو القتل حتى اضطرت كثير من الدول الأوروبية إلى بناء مراكز للنساء الهاربات من البيوت وكان أولها في مدينة مانشستر في إنجلترا عام 1971م ثم عمت هذه المراكز سائر المدن البريطانية حتى بلغ عددها"150" مركزاً وفي ألمانيا 10 مراكز وتوسعت

هذه المراكز لتشمل عدداً من الدول مثل هولندا ونيوزلندا، بل طرحت موضوع إنشاء مراكز مثلها في جميع العالم"(8)

وذكر مكتب الإحصاء الهولندي أن عشرين ألفاً من النساء يهربن من منازلهن سنوياً بسبب تعرضهن للضرب والتعذيب.

ونتيجة لذلك فقد بادرت الجمعيات النسائية بإقامة ملاجئ للنساء الهاربات بسبب العنف المتزايد، والذي زاد في عدد الهاربات حتى جعل 11400 امرأة لا يجدن لهن مكاناً في هذه الملاجئ سنوياً.

وعلى إثر تفشي ظاهرة العنف ضد النساء فقد قدم وزير العدل الهولندي قانوناً ينص على طرد الأزواج المعتدين على زوجاتهم من البيت لمدة تتراوح بين أسبوع إلى ثلاثة أشهر(9)

انخفاض عدد السكان.

إن كثرة النسل مما تعبد الله به البشر لتحقيق العبودية وعمارة الأرض وإقامة دين الله سبحانه وتعالى والحصول على المال، فهم مصدر رزق للأمة.

يقول الأستاذ المودودي:"إن تعدد السكان له أهمية سياسية جذرية، ولذا كل حضارة أو قوة عالمية قد أولت جل اهتمامها إلى زيادة أفرادها في عصرها الإنشائي والتعمير، ولذا فإن المؤرخ المعروف ويل ديورانت يعد كثرة السكان من أهم أسباب التقدم المدني"(10)

وهل استطاعت الدول الكبرى الآن السيطرة على العالم إلا من خلال زيادة سكانها فقد قدر الدكتور"R.R.Kurzynski " سكان أوروبا عام 1600 بمائة مليون وفي عام 1934م ب-"525" مليون، ويقول في كتابه عن تاريخ أوروبا في العصر الحديث شهد العصر الذي سيكون موضع دراستنا في هذا المؤلف زيادة هائلة في نطاق الأحداث وسرعتها وشدة تنوعها ففي أقل من مائة وخمسين عاماً زاد عدد سكان أوروبا ثلاثمائة وخمسين مليوناً، وسكان الولايات المتحدة أكثر من مائة وثلاثين مليوناً، وصارت المدن أكبر والحكومات أقوى، وزادت الجيوش والأساطيل والميزانيات والأعمال ودخل الحكومات والثروات الخاصة إلى مدى لم يخطر قط ببال، فقد مكّن ابتداع طرق جديدة للنقل من إرسال جيوش جرارة مئات من الأميال بعيداً عن أوطانها وتموينها بانتظام أعواماً عدة.(11)

في تقرير لمعهد المرأة المتخصص في رصد أحوال المرأة الأوروبية ذكر فيه:

- انخفاض نسبة المواليد في أسبانيا، وأن نسبة الانخفاض في نسبة المواليد كبيرة، حيث تناقص في أسبانيا عام 1992م من 1.36 إلى 1.02.

- أن 93% من الأسبانيات يستخدمن حبوب منع الحمل.

وقد أكد علماء المجتمع اليابانيون أن عدد سكان اليابان سوف يتناقص بنسبة عالية عام 2025م نتيجة إصرار النساء اليابانيات على عدم الاستجابة لرغبة الأزواج بالإنجاب المبكر بحجة التفاني في العمل وعدم توفر الوقت المناسب لتربية الأطفال، مما يشكل خطراً قومياً يهدد مستقبل اليابان(12).

إن من النتائج السيئة لخروج المرأة للعمل وترك البيت قلة السكان ونقص المواليد وقلة الشباب الذين هم عماد الأمة وسندها بعد الله سبحانه وتعالى، وكثرة العجائز في المجتمع من الرجال والنساء وذلك ما تحتمه المساواة وإخراج المرأة من البيت، لأن وجود الأطفال يعيقها عن القيام بعملها، ويضيف لها أتعاباً إلى أتعابها فتظل تعمل في الخارج من أجل لقمة العيش وفي الداخل من أجل أطفالها فتلجأ المرأة العاملة إلى ترك الإنجاب أو تقليله بواسطة وسائل منع الحمل المختلفة أو بالإجهاض إن حصل حمل.

وأما الحديث عن الأزمة المالية نتيجة لكثرة السكان، فهي لا ترجع إلى قلة الموارد البشرية، أو أن الموارد البشرية لا تكفي لتلك الزيادة المطردة، بل سبب ذلك يرجع إلى سوء التخطيط وسوء الإدارة، وعدم استخدام التقنيات الحديثة، وعدم استغلال الموارد المتاحة استغلالاً جيداً، وإضاعة الأموال الضخمة في ترسانات الأسلحة، وفي أجهزة المخابرات وفي الحروب الطاحنة، وفي الإنفاق على أجهزة الإعلام الهابطة التي ليس لها وظيفة سوى مغالطة الشعوب والكذب عليها، وفي الإنفاق على الفنون الداعية للرذيلة، وفي إلهاء شباب تلك الشعوب بمعارك وهمية، سواء كانت ميادين الكرة أو غيرها من الميادين(13)

شعب العجائز:

مصانع لن تجد أيدي عاملة من الشباب؛ نتيجة إخراج المرأة عن وظيفتها الأساسية:

أنحى وزير المالية الياباني" ريونارو شيموتو" باللائمة على سياسية حكومة بلاده التي تحث المرأة بشكل دؤوب على مواصلة تعليمها العالي، الأمر الذي حدا بالكثيرات إلى إهمال الإنجاب، مما يجعل نسبة المواليد تنخفض في اليابان خلال السنوات الماضية، وهذا بدوره قد يجعل اليابان خلال عشرين سنة مقبلة شعباً من العجائز".

وقال الوزير أيضاً: "إن حب التعليم العالي لدى المرأة في اليابان جعلها تهمل إنجاب الأطفال وتكوين أسرة، حتى صار 37% من اليابانيات اللاتي يتممن مرحلة الدراسة الثانوية يتوجهن إلى الجامعة ثم الدراسات العليا، في حين كانت هذه النسبة لا تزيد عن 18%قبل 20 سنة، وتخشى الحكومة اليابانية أن يصل الأمر إلى مرحلة تفتقر فيها المصانع اليابانية إلى الأيدي العاملة من الشباب"(14).

اليهود وكثرة السكان:

في مؤتمر السكان العالمي الذي عقد في القاهرة في ربيع الأول لعام 1415ه- تقدمت جميع الدول في العالم بتقارير حول تحديد النسل في بلادها ما عدا إسرائيل حيث كانوا هم الجانب الوحيد في المؤتمر على الإطلاق الذي لم يعرض تجربته في تحديد النسل أو برامجه في تنظيم النسل لعدم وجود ذلك في قوانينهم، وأعلن أحد أعضاء الوفد الصهيوني بكل جرأة وتحد عن ذلك بصريح العبارة قائلاً" ليس لدينا برامج لتحديد أو لتنظيم النسل، وإنما لدينا برامج لزيادة السكان ونحن نسعى ليصبح تعدادنا مثل رمال الأرض، حتى نسود العالم(15).

وصرح خطيب المسجد الأقصى لمجلة "المجتمع"، بأن الصهاينة يرصدون جوائز مالية لمن تنجب من اليهود وصاحبة العدد الأكبر من الأطفال تعطى دائماً جائزة الأم المثالية(16).

بل إن بعض الدول التي خرجت المرأة فيها للعمل وبدأت تشعر بقلة سكانها وقلة شبابها وكثرة العجائز فيها بدأت تتعرض للخطر وبدأت تشجع كثرة النسل فهذه فرنسا تمنح مرتباً خاصاً للعائلة مقابل كل طفل تنجبه، بل ها هي دولة المجر الشيوعية بدأت تحس بالخطر فأصبحت تمنح الأم مقابل البقاء في البيت 800 فورنيت للطفل الأول و900 للطفل الثاني و1000 للطفل الثالث وتعطي إعانة على عملية"2500" فورنيت(17)

تحطيم الأسرة وضياعها واضطراب الحياة العائلية.

في ظل المساواة والحرية المزعومة التي نالتها المرأة فقدت المرأة الراحة والاطمئنان والسكينة والهدوء الذي كانت تناله في جو الحياة الأسرية والبقاء في المنزل والقيام بشئون الأطفال وتهيئة عش الزوجية وإصلاحه.(18)

بل انعكس الأمر حتى على الأطفال حيث فقدوا حنان الأم ورحمتها وشفقتها عليهم وأصواتها التي تحمل مشاعر الحب والعاطفة التي تغمر الطفل وتزيد من سعادته وسروره، بل فقدت الأم عاطفة الأمومة ولم تنم عندها تلك الغريزة بل ضعفت إن لم تكن قد ماتت أو تبدلت، بل صرح كثير منهن أنهن أصبحن كالرجال وأنهن فقدن الأنوثة، وأما الزوج فهو الرجل المسكين المحروم من المودة والرحمة والسكن الهادئ لقد سيطر عليه الضيق والقلق وزادت عليه الهموم وفقد الراحة والسكينة فبدلاً من أن يعود إلى البيت ليجد العش المريح والمرأة التي تستقبله وتخفف آلامه وتمسح عنه آثار التعب وقد أعدت له ما يحتاج إليه إذا به يجد زميلاً مثله يعاني مما يعاني منه، بل يجد زوجته تشكو من التعب والإرهاق أشد مما يشكو منه يقول العلامة الإنجليزي سامويل وهو من أركان النهضة الإنجليزية:"إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية".(19)

شكاوى الغربيين من ضياع الأسرة:

وقد كثرت شكاوى الغربيين وتذمروا كثيراً من الحالة السيئة التي وصلت إليها الأسرة بعد خروج المرأة إلى ميدان العمل، وبدأ المفكرون منهم ينذرون بالأخطار الناشئة عن ذلك ويعلنون قرب انهيار حضارتهم نتيجة لذلك – يقول الفيلسوف الاقتصادي"جول سيمون"في مجلة المجلات"المجلد 17":" النساء قد صرن الآن نساجات وطباعات الخ، وقد استخدمتهن الحكومة في معاملها وبهذا فقد اكتسبن بضعة دريهمات ولكنهن في مقابل ذلك قد قوضن دعائم الأسرة تقويضاً... إلى أن قال" ولكن هذه الوظائف قد سلختهن من أسرهن سلخا, بل سيطر عليها الضيق والقلق والاضطراب والأمراض النفسية وعلاها الكآبة والهموم من كثرة الأعباء الملقاة على عاتقها في البيت وخارج البيت وهي مسكينة لا تطيق ذلك بل لا يطيقها الرجل وهو أقوى منها".

وتقول الكاتبة الشهيرة"آني رورد" في جريدة"الاسترن ميل" عدد 10/5/1901م: "لئن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والطهارة رداء ولا تمس الأعراض بسوء، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها".(20)لقد كثرت في الآونة الأخيرة شكوى المفكرين الغربيين من انحلال الأسرة عندهم وكثرت أبحاثهم لحل هذه المشكلة ويكادون يجمعون على أنه ليس هنالك من سبب لتفكك الأسرة إلا هجر المرأة بيتها لتعمل خارجه. يقول الفيلسوف برتراند رسل:"

إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوفة وتأبى أن تظل أمينة لرجل واحد إذا تحررت اقتصاديا"، وتقول إحدى الفتيات الإيطاليات بعد أن سمعت عن حال المرأة في الإسلام وفي بلاد المسلمين: إنني أغبط المرأة المسلمة وأتمنى أن لو كنت مولودة في بلادكم".(21)

طالب عربي يتحدث عن الأسرة في الغرب:

"يقول أحد الطلاب العرب الذين يدرسون في إحدى الجامعات الألمانية إنه قبل عودته إلى دمشق قادما من أوروبا قام بجولة في بلدان أوروبا كان آخرها سويسرا، وحين سُئل عن مشاهداته وانطباعاته قال: إن هناك ظاهرة عجيبة نلمسها في أوروبا إن الأسرة الأوروبية مفككة جدا وروح الاستغلال التام تسيطر عليها وتوجهها، الأب يعمل والأم تعمل هي الأخرى وهما لا يلتقيان إلا على مائدة العشاء والعمل في أوروبا يبدأ من الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ومن الثانية بعد الظهر حتى السابعة مساء، والأم ليس لديها الوقت الكافي لتمضية مع أولادها، إنها تلقي بهم في مدرسة داخلية ولا تراهم إلا في المواسم والأعياد، ونسبة كبيرة جداً من الأوروبيات لا يحملن أبدا، لا لضيق الوقت فحسب ولكن للمحافظة على جمال الجسم، ولحفظ حقهن في الطلاق فبين كل ثلاث زيجات في سويسرا تقع حالة طلاق واحدة.

وعندما ينتهي الابن أو الابنة من الدراسة الابتدائية يلحق بإحدى المدارس المهيأة ليتعلم حرفة ما في هذه المدارس مدة الدراسة فيها تتراوح بين ثلاث وأربع سنوات فقط وبعدها يتخرج الطالب ليعمل على الفور، ومعنى هذا أن الفتاة تبدأ العمل في سن مبكرة جدا لا تزيد على 18 سنة وكذلك الشاب ومن النادر أن يكمل الشاب السويسري دراسته الجامعية أولاً، لأن أباه مهما كان ثريا يبخل عليه ولا يدفع له مصروفات الدراسة الجامعية الباهظة، وأغلب الطلبة السويسريين الذين يدرسون في الجامعة يدفعون مصروفات دراستهم من عرق جبينهم، لا من جيوب آبائهم والفتاة الأوروبية حرة في كل تصرفاتها، إنها تدفع لأسرتها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسل ملابسها , أعرف فتاة تدفع لإمها 20 سنتيما عن كل مكالمة تليفونية لها في المنزل وهي تحمل مفتاحا للشقة"(22).

وهذا" مارفن هاريس" يعلق على تطور أوضاع المرأة العاملة المتزوجة في أمريكا فيقول:"لم تعد الأسرة هي الأسرة – الآن - التي كانت مألوفة: فقد توقف فيض الأطفال وغاب رب الأسرة الرجل من الوجود الأسري... والأطفال الذين يولدون – الآن – يولدون في أوضاع شاذة غير مألوفة...

لقد أصبحت الأسرة الآن تتصف بصفات رئيسة ثلاث:

- تأجيل الزواج إلى فترة متأخرة من العمر.

- وكثرة الطلاق.

- وانهيار الأسر التي تتكون، حيث أصبح كل ثلاث نسوة يتزوجن تنتهي واحدة إلى الطلاق، وازدياد نسبة الأطفال الذين يعيشون في كنف الأمهات لا أزواج لهن، وكثير منهم لا يعرفون أباً، وقد بلغت نسبة الأطفال الذين لا يعرفون لهم أباً إلا الأم 40% في الوقت الحاضر، كما أن الأخلاق التي كانت تحكم علاقات الرجال والنساء قد اختفت وحل محلها نوع من التحرر الذي لا يتقيد بقيد". (23)

تقول كل من مارين. أ. فربر، - وبوني بيرنبوم – في بحثيهما" تأثير عمل المرأة على الأسرة"ما يأتي:"  في الأعوام الأخيرة، مرت الأسرة في تغيرات عاصفة أثرت في وظائفها الأساسية ذلك أن الوقت الذي يقضيه كل من الرجل والمرأة في العمل خارج البيت قد أنقص الزمن الذي يعيشانه سوية، فهما يعيشان مع الآخرين أكثر بكثير من عيشهما في البيت ومع أعضاء الأسرة، وهذا بدوره لم يجعل للنقود التي يحضرها الزوجان من العمل خارج البيت أثراً كبيراً من السعادة الأسرية، بل إن هذا النقود قد تكون سبباً في الشقاء الأسري، خاصة حين يصر كل من الرجل والمرأة على شراء ما يناسب ذوقه وإن اختلف مع ذوق الآخر، بسبب تفاوت أثر أجهزة الإعلان والإعلام التي ترفع شهية الاستهلاك عند الإنسان المعاصر إلى درجة لا يكفي لإشباعها ما يحصل عليه من عمله"

" ولا شك أن هذا السلوك الذي تفرزه النقود المكتسبة عند كل من الزوج والزوجة من خارج الأسرة ينتقل أيضاً إلى الأطفال ويتسبب في تمركز قيمهم حول المادة والنقود وإنفاقها أيضاً على شؤونهم الخاصة وليس من أجل التكافل الأسري، كما أن أنظارهم ستظل متطلعة إلى اليوم الذي يفضلون به على الأسرة للعمل في الخارج والحصول على النقود التي من خلالها يلبون شهواتهم.(24)

وثمة خطر ثالث تتعرض له الأسرة بسبب حصول أعضائها على مصدر عيشهم من خارج الأسرة هو أنه في الوقت الذي يتوقف أحد أعضاء الأسرة عن الكسب وإحضار النقود من الخارج فإن الأسرة تصبح مهددة بالانفجار والدمار".

ومن ذلك أيضاً ما كتبه الكاهن المشهور – جيري فولول – في كتابه" اسمعي يا أمريكا" إذ يقول" لدي إحصاءات مرعبة عن حوادث الطلاق وتدمير الأسرة والإجهاض، وجنوح الناشئة والفوضى الجنسية، وتعاطي المخدرات، وجرائم القتل، إنني أشاهد حطام الإنسان والأرواح المهدورة بأكداس تفوق الإحصائيات"(25)

عقوق الوالدين:

ومن مظاهر تفكك الأسرة الغربية وانهيارها وضعف العلاقة بين أفرادها، ضعف الصلة بين الآباء والأبناء لدرجة أن الرجل ربما يصل سن الشيخوخة ولا يجد له عملاً يقتات منه ويظل يتسكع في الشوارع ويعاني الويلات، وأولاده ينعمون بالمال الوفير، لا يستفيد منهم رحمة ولا رعاية ولا حناناً يقول الدكتورعبد الخاطر:

" كانت جارتنا عجوزاً يزيد عمرها عن سبعين عاماً.. وكانت تستثير الشفقة حين تشاهَد وهي تدخل وتخرج وليس معها من يساعدها من أهلها وذويها.. كانت تبتاع طعامها ولباسها بنفسها..كان منزلها هادئاً ليس فيه أحد غيرها ولا يقرع بابها أحد.

وذات يوم قمت نحوها بواجب من الواجبات التي أوجبها الإسلام علينا نحو جيراننا، فدهشت أشد الدهشة لما رأت، مع أنني لم أصنع شيئاً ذا بال، ولكنها تعيش في مجتمع ليس فيه عمل خير ولا يعرف الرحمة والشفقة، وخلال تردد هذه المرأة على بيتنا، علمت أن الرجل في بلادنا مسؤول عن بيته وأهله، يعمل من أجل إسعادهم، كما علمت مدى احترام  المسلمين للمرأة سواء كانت بنتاً أو زوجة أو أماً، وبشكل خاص عندما يتقدم بها العمر، حيث يتسابق أبناؤها وأحفادها على خدمتها وتقديرها.

كانت المرأة المسنة تلاحظ عن كثب تماسك الأسرة المسلمة... وكانت تقارن بين ما هي عليه، وما نحن فيه من نعمة.

كانت تذكر أن لها أولاداً وأحفاداً لا تعرف أين هم؟ ولا يزورها منهم أحد، قد تموت وتدفن أو تحرق وهم لا يعلمون، ولا قيمة لهذا الأمر عندهم !، أما منزلها فهو حصيلة عملها وكدحها طوال حياتها.

وكانت تذكر لزوجتي الصعوبات التي تواجه المرأة الغربية في العمل وابتياع حاجيات المنزل ثم أنهت حديثها قائلة:  إن المرأة في بلادكم" ملكة" ولولا أن الوقت متأخر جداً لتزوجت رجلاً مثل زوجك، ولعشت كما تعيشون !"انتهى"(26)

فالوالدان هناك يعيشان في حالة بائسة، إذ لا يسأل الولد عن أبيه ولا عن أمه، ولا ينفق عليهما ولو كانت حاجتهما شديدة.

وكم من رجل مسن"وامرأة مسنة" يموت في أوروبا وأمريكا في كل عام برداً وجوعاً !.

نعم إن هناك آلاف الأشخاص من الطاعنين في السن يموتون بسبب البرد والجوع في بلاد الحضارة..! ولا يسأل عنهم أحد، وقد تبقى الجثة في الشقة أياماً دون أن يحس بها إنسان، إذ يعيش معظم هؤلاء الشيوخ بمفردهم، ولا يزورهم أحد إلا نادراً، وقد لا يرون إلا مندوب الضمان الاجتماعي في كل شهر مرة(27)

يقول أحد الأطباء العاملين في بريطانيا" لقد كنت أعجب من أحد الشيوخ المرضى، الذين كنت أقوم بعلاجهم في أحد المستشفيات التي كنت أعمل فيها في إحدى ضواحي لندن، فقد كان الرجل لا يمل من الكلام عن ابنه البار الذي ليس له نظير في العالم اليوم.

ولم أرَ ابنه يزروه، سألته عن ولده أمسافر هو؟! فأجاب: لا أنه موجود، ولكنه لا يأتي لزيارتي إلا يوم الأحد، فقد عودني ذلك منذ سنتين.

تصور ! يأتي كل يوم أحد حاملاً معه باقة من الورود، ونذهب سوياً لنضعها على قبر أمه.

ولما سألته:هل ينفق عليك؟ قال: لا أحد ينفق على أحد في هذه البلاد.

إنني استلم كذا من الجنيهات، من الضمان الاجتماعي، وهي لا تكاد تكفيني للقوت والتدفئة، ولكن هل هناك أحد في الدنيا مثل ولدي الذي يزورني كل يوم احد من سنوات؟!

ولم أشأ أن اصدمه لأقول له إن الإسلام يعتبره ولده عاقاً.

إلا أن المستوى الهابط من الأخلاق، انتشار العقوق يجعل مجرد زيارة ولده له مره في الأسبوع قمة في البر والصلة(28).

"وقد نشرت الصحف قريباً، قصة الشاب الذي قبل إيواء أمه العجوز إلى بيته مقابل أن تخدمه وتخدم زوجته وأولاده، وتنظيف بيته، وهذا يعتبر على أي حال كرماً من هذا الولد البار بأمه"(29).

وقصص حياة القوم بؤسها وشقائها تكاد لا تنتهي، إلا أننا نذكرها للمفتونين والمفتونات في ديار المسلمين، أولئك الذين يزينون الشقاء لمن لا يعرفونه.

وذكر محمد حامد الناصر فقال: "حدثني أخ أثق بدينه يدرس الطب في بريطانيا أن صديقاً له، كان يعمل مناوباً في أحد المستشفيات هنالك، وكان أن توفى رجل مسن في تلك الليلة عنده، فأحب أن يعزي أسرة المتوفى - ثم اتصل بولده الساعة الثانية عشرة ليلاً، وعزاه بوفاة والده، وهو على وجل.

فما كان من الابن العاق إلا أن امتعض من هذا الاتصال ليلاً وقال: أتتصل بي في هذه الساعة المتأخرة من الليل لتخبري بوفاة والدي؟! وماذا تنتظر مني أن افعل؟! على أي حال أنا مسافر صباحاً لمدة ثلاثة أيام، ضعوه في الثلاجة، وحين عودتي سأراجعكم، لأقوم باستلام الجثة."(30)

فظاهرة العقوق ظاهرة عامة في حياة الأسرة الغربية، فقد تجمدت العواطف، ونضبت معاني الإنسانية، وأفسدت الفطرة لديهم.

ومثل هذه الظاهرة يدركها كل من يدرس أو يعمل في ديار الغرب، ومع ذلك  فلا يزال في بلادنا من لا يخجل من تقليد الغربيين في كل أمر من أمور حياته، ولا تزال في بلدان العالم الإسلامي صحف ومجلات تتحدث بإعجاب عن لباس المرأة الغربية، وعمل المرأة الغربية والأزياء الغربية، والحرية التي تعيش في ظلها المرأة الغربية !

اللهم لك الحمد أن أنعمت علينا بنعمة الإسلام.

قال تعالى -:"يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ" ] الحجرات: الآية 17 [ .

وهذا المعاني غريبة على تقاليد العرب حتى في جاهليتهم، ممقوتة بغيضة محرمة في شريعتنا الحنيفة، ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون حقائق الأمور.

وإذا كان الأبناء عاقين، فهم يردون الصاع صاعين لإهمالهم صغاراً من أبويهم، انظر إلى الخبر التالي:" نشرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر في 15/9/1400ه- خبراً مفاده أن مطلقة بريطانية اسمها مانيس جاكسون، عرضت إبنها الوحيد للبيع بمبلغ ألف جنية، والمبلغ يشمل ملابس الطفل وألعابه،وقالت: إنها تبيع ابنها لأنها لا تستطيع الإنفاق عليه، وليس لديها دخل لإعاشته"(31)

حياة الوحدة والانفراد.

مما ابتلى به المجتمع الغربي نتيجة التفكك الأسري وضياع حقوق الأزواج والزوجات وقطيعة الرحم وعقوق الوالدين حياة الوحدة والإنفراد، حيث يعيش الآلاف من الرجال والنساء منفردين ليس معهم أحد، ويضطر كلٍ منهم أن يقيم علاقات غير شرعية مع غيره، وهذه امرأة عجوز في الخامسة والسبعين من عمرها "بيتو لاهايت" من أصل ايرلندي تعيش من خمسين عاماً في مدينة "أوتارا" الكندية تقول: إنني أعيش وحيدة، وأولادي وأحفادي يعيشون في"مونتريال" أتلقى منهم الرسائل بانتظام وأشعر أن عملية الرسائل باتت ميكانيكية لأنها خالية من الود الحقيقي، هذا ليس ذنبهم، أعود ستين عاماً إلى الوراء عندما كانت حياتنا أشبه بالمهرجان الدائم الآن تبد كل شيء ويبدوا أن الناس كلهم يسيرون في جنازة هم الأموات فيها(32).

يقول  س. هرفيرث و ك. مور في بحثهما" عمل المرأة والزواج" "إنه خلال العشرين عاماً الواقعة ما بين 1960- 1980م فإن نسبة العاملات الأمريكيات من النساء بلغت 50% من قوى العمل، ونسبة المتزوجات بينهن هي الضعف، وإنه نتيجة لذلك سقطت نسبة المواليد مقدار 40% بينما تضاعفت نسبة الطلاق، ولذلك يمكن القول بأن نسبة الولادة بسبب عمل المرأة خارج دائرة أسرتها سوف تتدنى إلى مستوى هابط وصغير في الوقت الذي تتصاعد نسب الطلاق وتكرار الزواج"(33)

ويقول أيضاً – جيري فولوي – في كتابه" اسمعي يا أمريكا"ما يأتي:" هناك هجمة ضارية ضد الأسرة الأمريكية، فالبرامج التلفزيونية التي تحسن بيوت المطلقين والعزاب وحياتهم تتزايد باستمرار أكثر من البرامج التي تتحدث عن الأسرة العادية، فكل برنامج أسري في التلفزيون من البرامج الرئيسة يبرر الطلاق والشذوذ الجنسي، والخيانة الزوجية، ويقدر بعض علماء الاجتماع أن ظاهرة الأسرة المألوفة سوف تختفي عام 2000م، فالكثرة المتزايدة في الطلاق وتكرار الزواج حطم الولاء ووحدة الأسرة وأساليب التفاهم، ومن النادر أن تجد – الأمن – للأطفال الذين هم ضحايا التدمير، ومن الصعب على الكثير من الأطفال أن يتلقوا محبة حقيقية، وهم في خوف مستمر من تكرار الأذى، وهذه الحياة المعزولة المحرومة ستجعل من الأطفال في المستقبل آباء فاشلين، وأمهات فاشلات، وأزواج فاشلين وزوجات فاشلات، كما أن الكثير من الشباب والشابات لا يرغبون في الزواج أصلاً.." (34)

"إننا نعيش في مجتمع مشوه متآكل تشعر النساء فيه بقلة القيمة وفقدان المنزلة حين يصبحن ربات بيوت.

ومن المحزن أن نرى في مجلاتنا الكبرى مقالات كذلك الذي نشرته مجلة يو. أس. نيوز في 9 تموز 1979م بعنوان: "إن التفرغ للأسرة قد تم إلغاوه الآن" ويضيف كاتب المقال: إن ارتفاع نسبة الطلاق 2% تزيد من دخل المرأة مقدار ألف دولار، وفي مقال آخر نشرته في 15 كانون الثاني 1979م بعنوان" مسرات المرأة العاملة وأحزانها" جاء فيه ما يأتي:

"يكتسح النساء دنيا الأعمال كقوة مقدارها مليونين كل عام – وهذه ظاهرة بدأت تحول الحياة في أمريكا – فالنساء يغزون مجالات العمل كلها ابتداء من غزو الفضاء إلى عالم الحياة في تخصص ووظيفة، فأكثر من نصف سكان البلاد من النساء والبالغ 84مليون – وغالبهن أمهات – غزون مجالات العمل المختلفة، ويصف – ايلي جينبرج – رئيس اللجنة القومية للقوى العاملة – بأن هذه ثورة أهم من اكتشاف الطاقة النووية والقنبلة الذرية لأنها ستغير نمط الحياة بأمريكا وستقلب علاقات الأسرة وعلاقات الأمومة".

"ونتيجة لذلك أصبح أسهل الأمور في أمريكا هو انفراط الأسر -  وتقدر مجلة سو. أس. نيوز – أن حوالي 45% من مواليد الحاضر هم بدون آباء وأنههم سينشأون بدون أسرة وبدون حنان وسيكبرون على برودة العلاقات وجفاف المعاملات"(35)

ومما يؤكد ذلك ما نشرته – جودي مان – في جريدة الواشنطن بوست مقالاً في 4 كانون الثاني 1980م بعنوان نحن" الآن أكثر حرية، ولكن هل نحن في حالة أفضل؟" ومما جاء فيه:"ماذا ينتظرنا؟ ماذا ينتظرنا خلال العشر سنوات القادمة بالنسبة للأطفال: الجيل المتحرر، الجيل الذي أعطيناه حرية الكلام وحرية الجنس وحرية المخدرات...(36)

وذكر محمد العويد أن عشرة ملايين امرأة فرنسية تعيش وحيدة، منهن 5.800.000 امرأة بدون زواج، و3.200.000 أرملة، 1.100.000 امرأة مطلقة، وأن هذا الوضع موجود في جميع دول أوروبا الشرقية والغربية، ففي أمريكا ما يقارب 8 ملايين امرأة تعيش وحيدة دون زوج ولا أسرة، ومثل هذا الأعداد الرهيبة أي شيء ينقذهن من وحشتهن ومعاناتهن، غير تشريع التعدد وتحديد مركز المرأة في المجتمع حسب فطرتها.(37)

كثرة شرب الخمور والمخدرات.

أعلنت إدارة خدمات الصحة العقلية في دراسة لها نشرت في نهاية سبتمبر الماضي، أن عدد الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين العشر وأربعة عشر عاماًَ قد تزايد على شرب وتعاطي المخدرات، وشكلت نسبتهن 31%(38)

وذكر المجلس القومي الأمريكي لأبحاث المرأة: أن المرأة أو الفتاة الأمريكية استطاعت تقليص الفجوة بينها وبين الفتى الأمريكي إلى حد كبير، ولكنها تغلبت على الفتى في معدلات التدخين والاكتئاب والمخدرات والكحوليات، وارتفعت معدلات الفتيات المدخنات قبل سن 13 عاماً من 13% عام 1991م إلى 21% عام 1999م، والمخدرات من 5% إلى 17%(39).



(1)  مجلة البيان العدد 32/ 67 .

(2)  مجلة البيان العدد 8/97 .

(3)  ينظر : لماذا ينتحرون 13 .

(4)  المرجع نفسه 24 وما بعدها .

(5)  المرأة بين الفقه والقانون 214 .

(6)  المرأة بين الفقه والقانون ص174 ، وينظر أيضاً: من أجل تحرير المرأة 102 .

(7)  من أجل تحرير حقيقي 102 .

(8)  المرجع نفسه 15 وما بعدها .

(9)  المرأة الغربية 30 نقلاً عن  : مجلة الأسرة العدد 104 .

(10)  ينظر : الأمومة ص877 .

(11)  الأمومة ص881نقلاً عن  :كتاب سياسة تحديد النسل للمودودي ص196.

(12)  ينظر : المرأة الغربية 66  .

(13)  ينظر : كتاب الأمومة 880 نقلاً عن  : د.محمد علي البار ص63 .

(14)  المرأة الغربية 67 .

(15)  ينظر : الأمومة 889 .

(16)  المرجع نفسه .

(17)  ينظر : ماذا عن المرأة 132 .

(18)  ينظر : المرأة بين الفقه والقانون 170 .

(19)  المرجع نفسه  .

(20)  المرأة بين الفقه والقانون 118 ، نقلاً عن دائرة معارف فريد وجدي  8/ 606 .

(21)  المرجع نفسه : 121  .

(22)  المرجع نفسه : 122.

(23)  ينظر : الأمومة  2/ 844 .

(24)   المرجع نفسه 2/ 845  .

(25)  المرجع نفسه .

(26)  البيان العدد 4/96   .

(27)  ينظر : المرأة بين الجاهلية والإسلام 327   .

(28)  المرأة بين الجاهلية والإسلام 328   .

(29)  المرجع نفسه 329  .

(30)  المرأة بين الجاهلية والإسلام 328 .

(31)  المرجع نفسه 329 .

(32)  المرأة بين الفقه والقانون د/ السباعي 120-205 . .

(33)  ينظر : الأمومة  2/ 846 .

(34)  ينظر : الأمومة  2/ 847 .

(35)  ينظر:الأمومة ص2/847،نقلاً عن كتاب :Listen America, Jerry Falwll PP .

(36)  ينظر ذلك في : الأمومة 2/844-848  .

(37)  ينظر : من أجل تحرير حقيقي : 73 . 

(38)  الموقع : //newhttp://khyma.com/alhadath

(39)    ينظر : المرأة الغربية 69 .

JoomShaper