جديد الكتب جيرون- باسم حسين
يُعد العنف ضد الأطفال من أخطر أنواع العنف، لما له من آثار كارثية على مستقبل المجتمعات ككل، وليس الأفراد فحسب، ولا سيما في ظل الانفتاح الذي يشهده المجتمع الحديث، ومن هذا المنطلق؛ تبرز أهمية الكتاب الجديد الذي صدر -قبل أيام- للكاتب السوري عمر عرودي، عن دار (دامسكا -الحقيقة الغائبة).
يرى العرودي، ومن خلال اختصاصه التربوي وبملكية حسية، أن هناك ثمة أمورًا يجب التوقف عندها، ولهذا يدخل هذا العالم الطفولي الجميل ويعيش معه بعض تجاربه، ويجري عليه استباناته وبحوثه، مشتركًا مع بعض زملاء تخصصه، فتتشكل هالة إبداعية فردية، تختلط بين الإبداع التربوي العاطفي وما يراه الكاتب من أجل حماية الطفولة والعناية بها.
يأتي الكتاب مختلفًا عما صدر حول الموضوع نفسه خلال العقود الأخيرة، وخاصة أن الزمن الحالي هو زمن تكنولوجيا المعلومات، ولا نحيد عن الصواب عندما نزعم أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة لعبت دورًا سلبيًا في هذا المضمار؛ إذ أسهمت في زيادة بعض أشكال العنف، ولا سيما العنف الجنسي، وعنف القتل والدمار، ففي أكثر أيقونات اللعب المبرمج الجديد المتوفر على كل وسائل الاتصالات الحديثة، نجدها هناك.
يطرح العرودي في هذا الكتاب، بأسلوب سلس ورشيق، حلولًا وآليات؛ للتخلص من العنف ضد الطفل، ويشرح كيف يمكن تحويل التعامل الفظ معه إلى تربية مثالية حديثة، تليق بمستقبله الذي يختاره هو، بحسب ميوله وأفكاره، التي يُراقبها المربون في البيت والمدرسة والمجتمع.
في تعريفه بالكتاب، يؤكد الناشر على أنه لا يمكن تبرير أي عنف ضد الأطفال، فجميع أنواع العنف ضد الأطفال يمكن منعها، ومع ذلك تؤكد الدراسة المتعمقة عن العنف ضد الأطفال أن هذا العنف موجود في كل بلد من بلدان العالم، وهو يشمل جميع الثقافات والطبقات والمستويات التعليمية والدخل والأصل العرقي، وفي كل منطقة يحظى العنف ضد الأطفال -اجتماعيًا- بالقبول، في تناقض مع التزامات حقوق الإنسان والحاجات الإنمائية للأطفال، وكثيرًا ما يكون قانونيًا ومسموحًا به من الدولة.
يجيب الكتاب عن تساؤلات حول أسباب العنف وتأثيره في مستقبل الأطفال، وآلية العلاج للتخلص من هذه الآفة الاجتماعية الخطرة التي تعج بها المجتمعات العربية وبلدان العالم الثالث، من خلال بحوث تربوية وأسرية واجتماعية.
تأتي أهمية الكتاب كونه يفتح موضوعًا من الموضوعات التي تُعدّ من “المحرمات” في مجتمعاتنا العربية، أو بأحسن الحالات من الأمور التي لا تُعطى كثير أهمية، فالمجتمعات العربية تتجرع سموم هذا العنف، وتدفع ثمنه باهظًا، دون أن تثيره في كثير من الحالات، ودون أن تعمل جادة لإيجاد حلول ناجعة ونهائية له.
لا يتردد الكاتب بإظهار جرأته وصراحته في الكتاب، وهذا يستدعي تقدير عمله، ولا سيما أنه يُبحر في عالم النشر دون مُعين، شأنه شأن كثير من الشباب السوري الذي لا يجد من يأخذ بيده ويعينه؛ ما يضاعف عليه الصعوبة في إيصال الصورة الفكرية الإعلامية التي ينشدها.
ويُشار إلى أن العرودي، هو كاتب وصحافي سوري، مقيم في فرنسا، صدر له أخيرًا كتاب “الحرب على الأمة السورية، أسرار وحقائق”، وله دراسات إعلامية وتربوية ونفسية، وحول البرمجة اللغوية العصبية والعلاقات العامة، وله قيد الطباعة رواية سياسية تتحدث عن صراع الحضارات.