اتفاقية ( سيداو) من المنظور الإسلامي
اسم المؤلف: د. رشدي شحاتة أبو زيد.
اسم الإصدار: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من المنظور الإسلامي.
الناشر: مكتبة الوفاء القانونية.
الطبعة: الأولى.
تاريخ النشر: 2009.
عدد الصفحات: 367.
يقدم المؤلف وهو أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان في هذا المصنف رؤية موضوعية لاتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" المعروفة اختصارًا بـ" سيداو"، فهو يؤكد ابتداءًا في المقدمة على عدد من الحقائق، أهمها:
1ـ أن الإسلام دين جامع ونور للإنسانية بأسرها.
2ـ أن التقدم الذي أحرزه العلم إنما هو في العلوم التطبيقية واستخدم أحيانًا لصالح البشرية، ولكننا في الوقت نفسه نكاد نعيش في العصر الحجري حينما نتعامل مع العلاقات الإنسانية.
وينقسم الكتاب إلى فصلين رئيسيين، الأول: "التعريف بالاتفاقية والتدابير التي تهدف إليها"، وتحته مبحثين كبيرين، أولهما يتطرق للتطور التاريخي للمعاهدات والإتفاقيات دوليًا وإسلاميًا، وثانيهما يتعرض للتعريفات والتدابير الخاصة بالاتفاقية.
أما الفصل الثاني: فيتناول قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية والمدنية، وينقسم هذا الفصل بدوره إلى مبحثين، الأول: خاص بحقوق المرأة في مجال السياسة والتعليم والعمل، والثاني: عن حقوق المرأة في نطاق الزواج والعلاقات الأسرية والاجتماعية.. ويركز فيه على المادة "16" التي نالها الحظ الأكبر من الانتقادات.
ـ التوقيع على الاتفاقية
يوضح في الفرع الأول من المبحث الأول أنه تم فتح باب التوقيع على الاتفاقية في أول مارس عام 1980، وقد سبق صدور هذه الاتفاقية تمهيدًا لها عام 1979 عرف باسم "إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة".
وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981 بعد تلقي التصديقات العشرين اللازمة، وبعد أن تبنتها الجمعية العامة في الأول من ديسمبر 1979.
ـ محتوى مواد الاتفاقية:
افتتحت الاتفاقية بجملة من المبررات الداعية إلى إعدادها، ثم تبقيت بموادها التي بلغت ثلاثين مادة كمدونة دولية لحقوق المرأة، منها 16 مادة نصت على ما يجب، وما يمتنع بالنسبة للمرأة، وواجبات الدول الموقعة نحو الالتزام بتلك الأحكام، وانتخاب لجنة تتبع الأمين العام للأمم المتحدة تقوم على تنفيذها، أما المواد من 17 إلى 30 فهي تنظم تشكيل هذه اللجنة، وخطة المتابعة، والتصديق، وسائر الإجراءات المتعلقة بمتابعة التنفيذ والتحكيم.
انتقاد رئيسي
ورغم قبول المؤلف لمحتوى الاتفاقية بشكل عام، إل أنه يعترض على التزيد بالقول- والوارد في الاتفاقية بالنص التالي-:"إن تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل، وكذلك دور المرأة في المجتمع والأسرة".
ويعلق المؤلف على هذا النص، بقوله: هذا التغيير بطريقة تخل بوظائف كل منهما طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فيه تجاوز لكل من طبيعة الرجل والمرأة وما استقر في هذه الطبيعة المغايرة في الكثير من الخصائص والوظائف العضوية والنفسية، وإن تساويا في الإنسانية.
ويضيف: ونصوص الإسلام في مصدريه الأساسين – القرآن والسنة- لا يجيزان كل هذا التغيير الذي تبغيه الاتفاقية إذا كان يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، فطبيعة الخلقة تختلف بين الرجل والمرأة، ولكل وظيفته، ومن هنا كان تحديد المسؤولية لكل منهما كما أفصح عنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". متفق عليه.
مزايا وعيوب الاتفاقية
ذكر المؤلف ما يميز هذه الاتفاقية عما سبقها، أي الجديد فيها وليس الجيد، من كونها وسعت مفهوم إلغاء التمييز، واتخاذها في "المادة 9" إجراءات إيجابية يجب على الحكومات اتخاذها، كما انها اهتمت بشكل مباشر بالممارسات الثقافية في واحدة من أهم المواد المثيرة للجدل "المادة 5" والتي تحث الحكومات على تعديل النموذج الاجتماعي والثقافي المتعلق بسلوكيات كل من الرجل والمرأة، أي تغيير جميع الممارسات المبنية على أهمية أو تفوق أي من الجنسين على الآخر.
أما عيوب الاتفاقية من وجهة نظر المؤلف فأوضحها في الآتي:
1ـ أنها تراعي مبدأ حقوق المرأة دون إلزامها بواجبات، لكسب تأييد النساء، ولكن البديهي أن الحق يقابله واجب.
2ـ الدعوة إلى إنكار دور المرأة في الأسرة التي أولاها التشريع الإسلامي عناية كبيرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع.
3ـ النزعة الفردية.. فالمخاطب بهذه الاتفاقية هو المرأة وليس النساء، وهي سمة كل ما صكته الأمم المتحدة من قرارات ومواثيق في ظل سيطرة المراكز الغربية عليها بما تحمله من فلسفة ذات نزعة فردية.
التحفظ على بعض مواد الاتفاقية
بلغ عدد الدول التي قدمت تحفظات مكتوبة على الاتفاقية 55 دولةن ومن بين هذه الدول: إسرائيل والهند وبريطانيا التي بلغ حجم تحفظاتها 3 صفحات.
وسببت كثرة التحفظات قلقًا لدى لجنة الاتفاقية لذا فقد جاء إعلان فيينا ودعا برنامج عمل بكين الدولي إلى "إجراء مراجعة منتظمة لهذه التحفظات" بغية سحبها، إلا أنه لم يفعل ذلك إلا عدد قليل من الدول وخاصة فيما يتعلق بالتحفظات المرتبطة بالقوانين والممارسات الثقافية.
تحفظات مصر
تحفظت مصر على أربع مواد من هذه الاتفاقية، وهي:
1ـ "المادة 1" والتي تطالب الدول الموقعة بإدخال مواد الاتفاقية إلى نصوص دستورها والتشريعات المختلفة ضمانًا للتحقيق العملي لها.. أما التحفظ المصري فاشترط ألا يتعارض تنفيذ فقرات هذه المادة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
2ـ التحفظ على الفقرة 2 من "المادة 29" والتي تتحدث عن عرض أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق الاتفاقية على محكمة العدل الدولية إذا لم تسوى عن طريق المفاوضات.
ومضمون التحفظ المصري أنها كدولة ذات سيادة لا تعتبر نفسها ملزمة بتطبيق نصوص هذه المادة، لعدم إجبارها على اللجوء إلى التحكيم الدولي.
3ـ التحفظ على الفقرة 2 من "المادة 9" والمتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة في اكتساب الجنسية والاحتفاظ بها وتوريثها..وبررت الحكومة المصرية تحفظها بأن حمل الطفل لجنسيتين مختلفتين قد لا يكون في صالحه العام.
4ـ التحفظ على "المادة 16" والتي تنص على اتخاذ الدول جميع التدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية. ومضمون التحفظ هو "عدم الإخلال بقواعد الشريعة الإسلامية.
تعريف التمييز ضد المرأة
ورد تعريف التمييز في المادة الاولى بأنه:" أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس".
ويعلق المؤلف على هذا التعريف بقوله: من الثابت أنه ليست كل تفرقة ظلمًا، بل إن العدل – كل العدل- يكون في التفرقة بين المختلفين، كما أن الظلم – كل الظلم- في المساواة بين المختلفين والتفرقة بين المتماثلين، فالمساواة ليست بعدل إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق على تفاوت واجباتهم وكفايتهم وأعمالهم، فليس من العدل والإنصاف أو المصلحة أن يتساوى الرجال والنساء في جميع الاعتبارات، مع التفاوت في الخصائص التي تناط بها الحقوق والواجبات.
المادة 16
وتطرق المؤلف بشيء من التفصيل إلى المادة 16 المتعلقة بمسائل الزواج والأسرة، مؤكدًا على أن الإسلام منح المرأة أكثر بكثير مما تمنحه هذه المادة، ولكن بحكمة وتفصيل.
وتعرض إلى الفقرة "و" من المادة ذاتها والتي نصت على أن يكون للمرأة في عقد الزواج "نفس الحقوق والمسؤليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال".
وعلق عليها مؤسسًا في البداية لحقيقة أن استخلاف الله للإنسان في الأرض يشمل الرجال والنساء، وأن "النساء شقائق الرجال"، وقد جعل الله تعالى للرجال على النساء درجة، والتي هي القوامة، التي لم تقم على أساس نص ذاتي في المرأة وإنما على أساس التطبيق العملي والكسبي، فالمراد بالتفضيل هنا زيادة نسبة الصلاح في الرجل من جهة الرئاسة للأسرة عن صلاح المرأة لها، فهي صالحة وهو أصلح والمصلحة تقضي تقديم الأصلح.
وأضاف: إن القوامة لا تزيد عن أن له بحكم أعبائه الأساسية وبحكم تفرغه للسعي على أسرته والدفاع عنها ومشاركته في كل ما يصلحها... أن تكون له الكلمة الأخيرة – بعد المشورة- ما لم يخالف شرعًا أو ينكر معروفًا أو يجحد حقًا.
اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة
- التفاصيل