الكتاب: أهم التواريخ في الحضارة الإسلامية
المؤلف: روبير مانتران
ترجمة وتعليق: محمد ريحان
الطبعة: الأولى – 2012م
عدد الصفحات: 450 صفحة من القطع المتوسط
الناشر: دار نوفل - بيروت - لبنان
عرض: نادية سعد معوض
يمتد العالم الإسلامي من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، ويضم الملايين ممن يجمعهم الإيمان بالله الواحد وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم. أما حضارته فقد قدمت الكثير في مجالات عديدة، كالطب والفلك والملاحة البحرية والفلسفة والشعر والفكر والتصوف والعمارة والعلوم العسكرية والري وغيرها، وهي ما زالت تساهم في الكثير.
ولقد صدرت مؤخرًا في بيروت عن دار نوفل بالتعاون مع (هاشيت-أنطوان) وبدعم من برنامج "أضواء علي حقوق النشر" في أبوظبي؛ الترجمة العربية لكتاب "أهم التواريخ في الحضارة الإسلامية" للمؤرخ الفرنسي "روبير مانتران" الذي أصدره باللغة الفرنسية عام 1990م عن دار "لاروس" الفرنسية.
يعرض الكتاب لوقائع تطور الحضارة الإسلامية ولأبرز تواريخها منذ القرن السابع الميلادي حتى عصرنا الحالي. ورغم أن العنوان الذي قد يوحي بسرد زمني للأحداث، إلا أن المضمون أكثر من مجرد تأريخ للحوادث. فهو يوفِّر للقارئ المعطيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأساسية، وما يجعله مرجعًا لا غنى عنه لأي قارئ مهتم بالتاريخ.
أهم التواريخ في الحضارة الإسلامية
يرى المؤلف أنه بعد تأكد النصر لأوروبا علي الصعيدين السياسي والاقتصادي، لم يعد يؤخذ العالم الإسلامي بالحسبان، ولم يعد يتم تناوله إلا في شكل مجتزَأ أو منحاز؛ لأنه يرزح تحت سيطرة الاستعمار. أما بالنسبة إلي فترة حياته وانتشاره وحضارته، فيَعتبر "مانتران" أن قليلين هم الذين يستطيعون ذكر بضعة أحداث طبعته، باستثناء المستشرقين، إلا أن العالَم المسلم عاد أخيرًا ليحتل مكانة مهمة بعدما حازت بلدانه استقلالها بعد الحرب العالمية وأصبحت بعض دوله من أغني دول العالم لامتلاكها النفط.
ويضيف "مانتران" قائلاً: وما لا شك فيه أن هذا الإسلام لم يظهر في الأرض فجأة؛ فتاريخه يمتد علي مدي قرون، وهو علي غرار أي تاريخ قد شهد فترات من العظمة وأخرى من الركود والتدهور. كما أنه ينتشر علي مساحة شاسعة إذْ يمتد من المحيط الأطلسي إلي المحيط الهندي، من المغرب إلي إندونيسيا. وعليه، لا يُمكن التغاضي عنه في أية دراسة أو تحليل يتناول العالم الماضي أو الحاضر.
جاء الكتاب في عدة فصول تنضوي تحتها تواريخ مختلفة ومتسلسلة.
وفي قسم منه تعرض إلى تاريخ العالم العربي ما قبل الإسلام حيث تناول "شبه الجزيرة العربية" التي تمتد في وسطها صحراء شاسعة تشكل عالَمًا غير مأهول، وفي المناطق الساحلية وعلى سفوح الجبال وعلى أطراف فلسطين وبلاد ما بين النهرين قامت مدن شكلت في معظمها محطات للقوافل.
كان جنوب شبه الجزيرة العربية (العربية السعيدة) يرزح تحت سيطرة ملوك سبأ، فمن بعدهم ملوك حمير، وعرفت هذه البقعة فصولاً من عبادة الكواكب، الديانتين اليهودية والنصرانية، أما وسط شبه الجزيرة العربية وشمالها فكان معقلاً للبدو الرحل والمستقرين في واحات أو مدن تقع غربًا بشكل خاص، وكان هؤلاء يعبدون الأرواح والجن. كان عرب الشمال وعرب الجنوب يتكلمون لهجات محلية امتزجت تدريجيًا في الشعر وكونت اللّغة العربية.
واستهل الكتاب بأول تاريخ من القرن التاسع قبل الميلاد بذكر العرب أصحاب الإبل في شمال شبه الجزيرة العربية، وتتسارع التواريخ بالانتقال إلى القرن السابع قبل الميلاد والتاريخ الوحيد في جنوب شبه الجزيرة، ممالك: معين، وسبأ، وقتبان، وحضرموت، وقحطان، وسد مأرب في مملكة سبأ (اليمن). ثم القرن الثاني وفيه تم ذكر الأنباط من أصل عربي في بلاد الشام، والقرن الأول قبل الميلاد، حيث أخذت وتيرة الوقائع تتوضح وتتباطأ تفصيلاً مستهلة زوال مملكتي معين وقتبان، وسيطرة الحميريين على جنوب شبه الجزيرة، وفي العام 105م تم إنشاء "كورة" العربية على أراضي الأنباط، ومع نهاية القرن الثالث صار التأريخ أكثر غزارة يُحتسب بالسنوات فبين عامي 288-328م حكم امرؤ القيس اللخمي ملك كل العرب.
كما تطرق إلى الخلفاء الراشدين والحملات العسكرية والفتوحات (632-675م) وجزء عن الأمة الاسلامية 11/632. ثم تتالت الفصول متناولة الأمويين (التوسع العربي الإسلامي)، السلالة الأموية ومشكلة الشرعية والحركة الدينية فيها، والثورة العباسية، ثم تواريخ الفتوحات ونشر الإسلام والولايات الفارسية، متناولاً تاريخ الحياة الدينية والمجتمع والمدينة والثقافة، ويكتب نبذة عن سيرة عمر بن عبدالعزيز حفيد عمر بن الخطاب./P>
ثم يتناول العباسيين (الإمبراطورية الإسلامية)، وانعكاس ذلك على المجال الثقافي؛ إذ بدأ العراق بلد العواصم، وكأنه أرخبيل من العواصم الإقليمية، وكان يُحيي تجارة تمتد إلى الهند والصين.
وفي كل فصل من فصول الكتاب يتناول تاريخ الحياة السياسية، والمؤسسات، والحياة الدينية، والمجتمع الحضري كتأسيس "سجلماسة" في "تافيلالت" مركزًا للقوافل في القفر الصحراوي، وتأسيس بغداد (مدينة السلام) على يد الخليفة المنصور، وتأريخ للاقتصاد، وبعض التيارات الفلسفية والعقائدية، ونبذة عن أبرز رجال تلك الحقبات مثل: سيرة المأمون، الابن الثاني لهارون الرشيد.
سلالات وأنساب
لقد تناول الكتاب العباسيين والفاطميين والأمويين في إسبانيا وملوك الطوائف، إلى السلالات غير العربية، والتشرذم في الغرب، وإعادة التجمع في الشرق (1258-1512م) ومن ثَم إلى الدولة العثمانية (1512-1774م)، ثم تفكك الدولة العثمانية، وحركة الاستعمار الأوروبي الذي تلاها (1774-1920م) -لاسيما الهيمنة الفرنسية والإيطالية- ثم الاستقلالات السياسية (1945-1963م).
وينتهي الكاتب كتابه بفصل تحت عنوان "التجذر الإسلامي (1963-1989م)"، وأتبعه بعرض مفصل لقوائم السلالات: بَدءًا بسلالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من قريش ثم قصي ثم عبد مناف حيث تفرع إلى عبد شمس وهاشم، وتفرعت عبد شمس إلى حرب وأبي العاص، وبدورها حرب تناسلت إلى أبي سفيان، ومن بعده معاوية والخلفاء الأمويين، وكانت هذه السلالة الأولى، وأبو العاص انقسمت إلى عفَّان والحكم، وعفان خلفه فقط عثمان، أما الحكم فجاء بعده مروان، ومن ثَم الخلفاء الأمويون من السلالة الثانية، وعن هاشم تناسل عبد المطلب إلى العباس وعبد الله وأبي طالب، والعباس تناسل عنه عبد الله ثم علي ثم محمد ثم أبوالعباس كأول خليفة عباسي، ثم عبد الله الهاشمي تناسل عنه فقط النبي محمد وفاطمة، أما أبوطالب فابنه علي ثم ابناه الحسن والحسين، وعن الحسن امتدت سلالة الخلفاء الفاطميين. وذكر سلالات أمية، والعباسيين، والأئمة العلويين والخلفاء الفاطميين، وأمويي قرطبة وأغالبة إفريقيا، ويوهيي (إيران - العراق)، والسلاجقة، والأيوبيين ورثة شاذي بن مروان والأيوبيين، وسلاجقة الروم، والعثمانيين سلالة كيتا مانزا (مالي)، والملوك السعوديين، والعلويين، والعثمانيين سلالة إسكيا صنجاي، والقاجاريين (إيران)، وبلغت السلالات آسيا الوسطى (1770-1875م)، سلالة منجيت في بخارى، وغنغرات في حيفا، وملوك (خانات) جذكندا أو فرغانا، لتنتهي بالمغول (الهند).
ثم جاء في نهاية الكتاب ملحق التحديث بقلم الكاتب محمد ريحان إضاءة على العالم الإسلامي (1990-2010م) بين الدكتاتورية والتطرف والديمقراطية.
ومن السير التي تناولها -سيرًا مع تصميم الكتاب- سيرة محمد البوعزيزي (1974-2011م) الشاب التونسي الذي أضرم النار في نفسه في 17 ديسمبر؛ احتجاجًا على مصادرة السلطات لعربة الخضار التي كان يعيل عائلته من بيعها، وسيرة أحمد حسن زويل الأمريكي المصري الأصل والحائز جائزة نوبل للكيمياء 1999م، وأخيرًا محمد يونس من مواليد 1940م، وهو البنغالي حائز الجائزة عام 2006م عن مشروعه مصرف "جرامين" لقروض الفقراء.
ـــــــــــــــــــــــــ
الإسلام اليوم