سدني - أشواق الجابر
برغم ان للمرأة دموعاً تحمل أسراراً كثيرة اكتشف أغلبها مؤخراً إلا أن دموع  المرأة العراقية لا تحتاج إلى ذكاء كثير لاكتشاف أسبابها ، ذلك أن الاضطهاد والجور الذي عاشه المجتمع العراقي طوال العقود الثلاثة الماضية
أدى الى بروز حالات اجتماعية قاسية حيث وقعت على كاهل المرأة الكثير من الاحزان والكوارث العائلية ، فضلاً عن ذلك ، فقد جاء الحصار ليضيف للمرأة مشاكل لاتقل في صعوبتها،عما سببته الحروب الكارثية التي قادها النظام السابق والتي راح عشرات الآلاف من العراقيين ضحية لها .


وإذا كانت الدموع سلاح المرأة كما يقول العلماء فان دموع العراقيات غدت دليلاً على أحزانهن لفقدان الزوج أو الاب أو الأخ في حروب النظام أو هجرة حبيب إلى خارج الوطن جراء الظروف الاقتصادية والاضطهاد السياسي الذي يعاني منه معظم المواطنين بسبب قمع السلطات لهم.
ولكن للدموع تفسيرات اخرى كما تؤكد الدراسات العلمية الحديثة ، إن الدموع التي تسقط من عيون المرأة تشكل صمام الامان الفعلي للجسد والروح على حد سواء بالنظر لقدرتها على ازالة الكثير من الهموم الصغيرة والكبيرة وللبكاء والدموع فوائد في بعض الامراض العضوية التي تصيب الانسان مثل (القرحة وارتفاع ضغط الدم ) والتي قد تنشأ بتاثير حالات الانكماش والارهاق النفسي والعصبي.
من جهة ثانية ان هذه الآمراض غالباً ماتكون أقوى وأشرس لدى الكثيرات ممن يكتمن مشاعرهن أو بمعنى آخر اللواتي يحجمن عن البكاء لعل الموضوع يحاول الاستدلال على موقع الدمعة في عيون نسائنا، عسى أن يكون سقوطها سبيلاً للسعادة والتخفيف عن الهموم.
إن البكاء هو تعبير عن كل ما يجول في خاطرها ولا اؤيد الرأي الذي يعتقد أن دموعها هي دليل ضعفها، بل العكس أن المرأة كتلة من المشاعر والعواطف الرقيقة، ربما تتاثر بمشهد لحادثة ما أو عبارات تخدش مشاعرها وكيانها، فتجهش بالبكاء وتسقط دموعها نتيجة لتلك الحالات الصعبة ، ويعتقد الكثيرون أن بكاء المرأة ربما يأتي في بعض الاحيان وكأنه خدعة ، كأن تحتاج الزوجة الى شيء ما مثل الذهاب إلى دعوة أو حفلة او حاجتها إلى هدية أو شراء بعض الحاجيات للبيت وزوجها غير آبه بذلك، فتذرف الدموع التي غالباً ماتوصف بدموع التماسيح كما يقال وبمجرد حصولها على ماتريد تتوقف دموعها.

 

دلالة انثوية

ولكن هناك مايسمى بالدمعة العزيزة التي تتمثل عند بعض النسوة اللاتي لايستطعن ذرف دموعهن إلا في حالات نادرة، حتى ولو أصابهن أي طارئ أو مكروه، ذلك لأن هذه المرأة قوية الارادة والعزيمة لذا تبدو دموعها شحيحة وعلى أية حال فاني اعتقد أن دموع المرأة دلالة أنثوية ملفتة للانتباه وشديدة التأثير في الآخرين.
فالدموع تعبر عن حالات الحزن أو عجز الإنسان في تحقيق شيء ما في حياته أحياناً، فربما تكون هي السلوى والعزاء له، كما يمكن عدها وسيلة للتفريغ عن الذات. وان البكاء سمة انسانية والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعبر عن مشاعره بالبكاء أحياناً والحال ان هنالك أسباباً كثيرة قد تثير مشاعرنا بالبكاء أحياناً والحال أن هنالك أسباباً كثيرة قد تثير مشاعرنا فتجعلنا نبكي والاسباب هذه ليست متطابقة بالضرورة بمعنى ان ردود الفعل الإنسانية قد تختلف من شخص لآخر فهناك امرأة قد تذرف دمعة واحدة وتمسحها حالاً. واخرى تبكى بدموع غزيرة أما الرجل فدموعه ليست ممنوعة لان البكاء وسيلة من وسائل التعبير عن المشاعر الصادقة من حزن أو فرح أو موقف ما مؤثر. ويمكن أن نعتبر أن الدموع أشبه ماتكون بلسان حال يعبر عن حالات الانفعال العاطفي بل أن البكاء ليس سوى إعلان واضح عن حالة انسانية ما. أحياناً نذرف الدموع حزناً على فقدان شخص عزيز غادرنا الى العالم الاخر، وفي أحيان أخرى تذرف في مشروع معين، أو حين تحدث له مصيبه لاسمح الله. ولكن في كل الاحوال ، فان للدموع فوائد حسبما يؤكد علماء النفس على اعتبار أن البكاء أفضل علاج للجسد والروح والانسان لايستطيع حبس أنفاسه بسبب اوجاعه الجسدية والنفسية من دون أن يستجيب لمشاعره الجياشة التي يعبر عنها بالدموع تارة وبالحزن والفرح تارة أخرى ومهما يكن فان هناك رجالاً دخلوا التاريخ قد انهمرت الدموع من أعينهم، كما حدثنا التاريخ والملاحم الاغريقية مثل (يوليوس قيصر) (والآسكندر المقدوني) وهذا ليس دليل ضعف او نقصا في رجولتهم ، ولكن التاريخ يحدثنا أن المرأة أكثر ذرفاً للدموع من الرجل، بل وتتهم أحياناً بأن دموعها ليست حقيقية ولكنها دموع محبة وشوق ربما لحبيب فقدته أو زوج غادرها خائفاً أو لطفل ويمكن أن نقول أن الدموع تقوم بمهمات متعددة فهي تغسل العين وتبعد الاجسام الغريبة كالغبار والقذارة وغيرهما عنها وتقتل البكتريا الضارة بواسطة الانزيمات التي تحتويها، وتوزع الماء والغذاء الى قرنية العين والجفن وتكون أشبه بطبقة ناعمة أو كطبقة الشحمة في الالات الميكانيكية إلا أن الامر الطريف والمذهل في الوقت نفسه هو أن الدموع يمكن أن تقوم بعملها أفضل في غير أوقات البكاء قد يعطل عملها ويحدث خللا في العين ولذلك تلتهب وتحمر وتبدو كماء مضطرب ولكن إذا كان الاقلال من ذرف الدموع أمرا مفيداً بالنسبة لصحة الجسم فان الافراط فيه مضر أيضاً، وقد تبين من نتيجة إحدى الدراسات أن الاشخاص الذين يركزون اهتمامهم في ما يعرض لهم من مآس، يصابون بأكتئاب بدرجات أكبر من أولئك الذين ينصرفون إلى ممارسة بعض الانشطة المبهجة بدافع من الرغبة من نسيان العواطف المزعجة.
وهو ما يفعله أكثر الرجال في مثل هذه المواقف.

للبكاء فوائد

أما الأشخاص الذين يواجهون أحزانهم وامالهم العاطفية بالانطواء فان قدرتهم على حل مشاكل حياتهم تغدو ضعيفة بالمقارنة مع الفريق الأول وهناك فوائد جسمانية يجنيها المرء من البكاء  وهي كثيرة نذكر منها ما يلي أنها تزيد من تدفق الأوكسجين في دماغ الانسان وعضلاته وكذلك تؤدي مؤقتاً الى تخفيض ضغط الدم العالي . والبكاء يخلق في النفس إحساساً بالعافية ويخلى مشاعر الغضب والبهجة الزائدة والعداء والميل الى الدموع. وان معظم البشر يعانون من ضعف الأحاسيس والمشاعر وإذا كان البشر سيعانون من هذا الضعف في الاحاسيس والاقلال من ذرف الدموع . وأن البكاء متنفس لبعض الناس ولكن كثرة البكاء والافراط فيه مترافقات مع كثير من الأمور السلبية التي يقع فيها الناس عند شعورهم بالاكتئاب كالانعزال عن الناس والامتناع عن اتخاذ التدابير الضرورية وعدم البوح للأصدقاء بحقيقة مشاعرهم.
وأخيراً نقول أن الدمع وانسكابه هو مدعاة للعزاء والفرح وكذلك باعث على الانبساط والراحة ودافع الى العمل النشاط فالبكاء مفيد أحياناً إذا أحسن الإنسان استخدامه فعلاً.

 

جريدة الصباح

JoomShaper