د.محمد عمر الفقيه

بعد استعراض الآيات القرآنية المتعلقة بموضوع الدراسة واستناده عليها فقد توصل الباحث إلى أن أهم الشهوات التي تنزع إليها النفس الإنسانية كما بينتها الآيات القرآنية الكريمة هي :
1- شهوة حب النفس .
2- شهوة حب المال .
3- شهوة الفرج .
وسيتم بيان ذلك بالتفصيل .
إن الحق عز وجل فطر النفس البشرية على حب الشهوات ، والميل إليها من أجل غاية سامية رفيعة ذات علاقة مباشرة باستمرار وجود الإنسان على الأرض ،وتحقيق الخلافة عليها، ومن أجل أن يؤدي دوره في هذه الحياة، وتحقيق ما يجلب له الخير ويدفع عنه الشر؛ ولذلك يميل الإنسان بطبيعته إلى حب المال الذي يحقق ما يرجوه من خير لنفسه؛ لذلك وصف الحق الإنسان بقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)العاديات/8 .
وقال تعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم : (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ )الأعراف / 188.


إلا أن هذه الدوافع الفطرية ما لم تخضع لميزان النهج الإلهي القويم الذي يضمن لها الكرامة والعفة والاستقامة وخيري الدنيا والآخرة ستنحرف وتسقط الإنسان في وحل الرذيلة والانحطاط والفساد والأمراض. وقد كشفت الآيات القرآنية عن هذه الحقيقة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقد بين الحق إن ما تمتد له الأعناق، وتتشوف له النفوس من النساء والبنين والأموال ، إنما هو متاع للحياة الدنيا. بقوله تعالى :(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران /14.
وعقب الحق على هذه الآية مباشرة بقوله تعالى : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)آل عمران/15 .
وقبل البدء ببيان أهم الشهوات التي جبلت عليها الطبيعة الإنسانية والتي تشكل لها تحدياً صعباً وتعتبر بمثابة المحك الرئيس الذي توضع عليه النفس الإنسانية، والتي في ضوئها يتقرر مصير الإنسان إما إلى رضوان الله وإما إلى سخط منه، لا بد من بيان حقيقة مهمة سلطت الآيات القرآنية الضوء عليها، وجعلتها الأساس في اتباع الشهوات، ومعوقاً أساسياً من معوقات تزكية النفس ألا وهي اتباع الهوى ،فإذا جعل الإنسان هواه قائداً له فقد سلك سبيل الردى والهلاك. قال تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُون)الجاثية/23.
فقارب النجاة الوحيد الذي يوصل الإنسان إلى شاطئ الأمان أن يضبط هواه وفق ما شرع الله، وأن يقود هواه لا أن يجعل من هواه قائداً له .قال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى(40)فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات/40- 41 .
ومن خلال الاستقراء التام للآيات القرآنية الكريمة،واستناده عليها توصل الباحث إلى أن القرآن الكريم لم يذكر اتباع الشهوات أو اتباع الهوى إلا في موضع الذم كما هو واضح في الآيات الآتية :
قال تعالى : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا)النساء/27 .
وقال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)مريم/59 .
وقال تعالى :( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ )الأعراف/176 .
وقال تعالى :( وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ) البقرة/145 .
وقال تعالى :( وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ َ)المائدة/49 .
وقال تعالى :( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)محمد/14
ومما لاشك فيه إن الاستغراق في اتباع الشهوات والهوى يجعل النفس الإنسانية تفقد مقومات إنسانيتها وكرامتها وأفضليتها .قال تعالى :( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4)ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)التين/4-5 .
وينحط بها إلى ما هو أحط من درك البهيمية .قال تعالى :( أَمْ تَحْسَبُ أن أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إن هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) الفرقان/44 .
إنهم كالأنعام لأنهم يلهثون وراء شهواتهم وأهوائهم، ليس لهم من غاية ولا هدف إلا في إطار الحياة الدنيا ،فتجمعهم بقطعان الأنعام صفة السعي الحثيث لتلبية الشهوات ،بل الأنعام تفضلهم لأنها لم تخرج عن المهمة التي خلقها الله تعالى من أجلها .
ومن أجل الوقوف على أهم الشهوات التي تنزع إليها النفس الإنسانية، فقد قام الباحث بتقصي الآيات القرآنية الكريمة ومن ثم قام بتصنيفها حسب الموضوعات التي تتضمنها بما ينسجم مع سؤال الدراسة فتوصل إلى أن أهم هذه الشهوات هي:
أولا _حب النفس :
إن من أقوى الشهوات وأعظمها تأثيراً في النفس الإنسانية حب الإنسان لذاته، مما يدفع به إلى ممارسة شتى السلوكيات أللأخلاقية من أجل تحقيق ما يسعى إليه من تلبية رغباته وأهوائه وشهواته، والمتتبع للمسيرة الإنسانية عبر تاريخها الطويل، يتبين له بوضوح إن الذين ناهضوا دعوة الأنبياء، وأصروا على مقاومتها ، استخدموا الأساليب الإرهابية كافةً؛ لمقاومة الخط الرسالي الذي لازم وجوده وجود الإنسان. فالذي دفع إلى هذا الموقف والمدافعة عنه بشراسة هو انحيازهم إلى أهوائهم وشهواتهم . ومن مظاهر حب النفس التي استعرضتها الآيات القرآنية المظاهر الآتية :
أ - الكبر والتعالي على الناس :
يعتبر الكبر والتعالي على الناس من مظاهر حب النفس، لأن الدافع إلى الكبر هو استعظام النفس والاعتداد بها والترفع عن قبول الحق أو الإذعان إليه ،للإحساس الذي يرافق المتكبر من الفوقية والاستعلاء. ويعتبر الكبر من أخطر الشهوات التي حذر منها القرآن الكريم ،وقد تعرض لها القران الكريم في مواقع كثيرة من سوره؛ لما لهذه الشهوة من آثار مدمرة على صعيد الفرد والجماعة . ولقد ضرب الحق مثلاً على الكبر جعله قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، وهو عدو الإنسان الأكبر ،وهو إبليس وذلك من أجل أن يتعظ الإنسان بهذا المثل .قال تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)البقرة/34 .
فالذي دفع إبليس إلى معصية أمر الخالق جل وعلا هو الكبر. فاستحق الخلود في جهنم وبئس المصير ،والذي دفعه للكبر والتعالي الإحساس بالفوقية والخيرية .ولقد صرح إبليس بذلك فقال تعالى: ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)الأعراف/12 .
ولخطورة الكبر وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع، فقد توعد الحق جل وعلا المتكبرين بالخلود في نار جهنم . روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر) (صحيح مسلم ، ص274، 1997)
كما عرض القرآن الكريم أنموذجا إنسانيا تأله في الأرض - قصة فرعون - عرضاً تفصيلياً ؛ لما لهذا المسار من خطورة على المسيرة الإنسانية ،ولقد بلغ الكبر بفرعون إن ادعى الإلوهية، وأنكر نداء فطرته ودعوة رسل الله تعالى عليهم السلام .ولقد سجل الحق جل وعلا دعوة فرعون بقوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِين)َ يونس/38.
ولقد شاءت قدرة الحق جل وعلا أن يحفظ جثة فرعون ؛ ليكون عبرة لكل المتألهين في الأرض إلى أن تقوم الساعة. قال تعالى :( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون )يونس /92 .
ومن هنا يتبين إن الكبر أساس كل رذيلة وفساد وشر ، وأن الكبر ينطلق من معاقل إتباع الأهواء والشهوات ، والتي في قمتها الإفراط في حب النفس وتقديم ذلك على كل ما يتعارض مع مصالحها ورغباتها .
ب - الرياء والنفاق :
يعتبر الرياء من مظاهر حب النفس لأنه يتظاهر بقول أو فعل من شأنه أن يمدح ، أو ينال متاعاً دنيوياً عليه، والدافع إلى كل هذا هو حب النفس وتلبية رغباتها وشهواتها في إطار الحياة الدنيا. ومن الآيات الدالة على ذلك : قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )البقرة/264 .
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا)النساء/38 .
ج - الإعجاب بالنفس وحب المدح من الناس :
إن من مظاهر حب النفس الإعجاب بها وحب الثناء عليها وتزكيتها. وقد تناول القرآن الكريم هذا الجانب الخطير من الشهوات الذي يلامس شغاف القلوب التي تنأى عن منهج الحق جل وعلا ، وقد تقصى الباحث الآيات القرآنية ذات الصلة بهذا المحور وتوصل إلى النتائج آلاتية :
1- تحذير الحق جل وعلا الإنسان من السرور والفرح بأمر لم يفعله ، ولم يكن من كسب يده .قال تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آل عمران/188 .
2- نهى الحق عن مدح الناس بعضهم بعضا بما ليس فيهم ،كما نهى عن الادعاء بأنهم مبرؤون من الذنوب عند الله تعالى . قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)النساء/49 .
وقال تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى)النجم/32 .
د - الشح والبخل :
إن من مظاهر حب الشهوات المتعلقة بحب النفس والمتصلة بها اتصالا وثيقا الأنانية (النفس الحوازية ) والتي ترغب بحيازة كل شيء دون منازع ، والذي ينتج عنها صفات منها الشح والبخل اللذان لهما ارتباط وثيق بحب النفس. فالذي يدفع إلى التقتير وعدم الإنفاق هو الحفاظ على النفس، وعلى مقومات وجودها، واستمرارها وفق مستوىً معين يسعى الإنسان إلى الوصول إليه ، وإن الشح والبخل من صفات الإنسان التي أكدها القرآن الكريم، فهي تقوى وتشتد كلما ابتعد الإنسان عن النهج الإلهي، وضعف اعتماده على خالقه في طلب رزقه ومؤونته، فيصبح الشح هو المسيطر على سلوك الإنسان وعلاقته مع نفسه ومع خالقه ومع الآخرين ، ومما يدلل على خطورة الشح أنه كان سببا رئيساً في دفع بعض النفوس قديماً وحديثاً إلى قتل أبنائهم خشية الفقر الذي يخيم شبحه دائما عليهم . فقال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إن قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا)الإسراء/31 .
ولأن الشح والبخل من الصفات التي تنزع إليها النفس البشرية؛ فقد جعل الحق جل وعلا كل من ابتعد عنهما من المفلحين قال تعالى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) التغابن/16.
ولقد أخبر خالق النفس البشرية إن النفس تميل إلى التقتير وتخشى الفقر؛ ولهذا جعل أرزاق الناس بين يديه. قال تعالى : (قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا)الإسراء/100 .
وإن النفوس البشرية تميل إلى الشح والبخل فيما يتعلق بالنفقة وبكل ما هو محبب إليها إرضاءً لأهوائها وشهواتها. قال تعالى: (وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)النساء/128.
وإن من أبرز صفات الذين أعرضوا عن النهج الإلهي، الشح والتقتير بكل ما من شأنه أن يكون فيه خير للمؤمنين. قال تعالى : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ )الاحزاب/19 .
وان من أبرز صفات المؤمنين الإيثار وتقديم ما تحبه وتميل إليه النفس للمؤمنين تقرباً به إلى الله تعالى. قال تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون)الحشر/9 .
وإن من مظاهر الإفراط في حب النفس، البخل والحرص على الاحتفاظ بالمال، وجعله غايةً بحد ذاته، وليس وسيلةً يتوصل بها الإنسان إلى مرضاة الله تعالى. ومن الآيات الدالة على ذلك الآيات الآتية :
قوله تعالى : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ000)البقرة/180 .
ثانياً _ شهوة حب المال والتملك :
إن حب المال والتملك غريزة فطرية في الإنسان، وقد كشفت الآيات القرآنية عن هذه الحقيقة الكامنة في الإنسان منذ خلقه، والذي يدل على ذلك بشكل جلي إن إبليس اللعين العارف بطبيعة خلق الإنسان ومواطن الضعف فيه، وسوس إلى آدم عليه السلام من هذا الجانب الذي تتطلع إليه النفس الإنسانية بشغف وتلهف . قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى)طه/120 .
فشهوة الملك الذي لا يبلى أغرت آدم عليه السلام بمعصية خالقه، وستبقى شهوة الملك الذي لا يبلى موئل الرجاء، وغاية الآمال للكثير من بني آدم كما وصفهم الحق جل وعلا بذلك فقال تعالى : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر/20 .
وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)العاديات/8 .
كما أن شهوة التملك وما لها من علاقة وثيقة بطبيعة النفس الإنسانية قد كانت مبعثاً للتمرد والكفر والجحود بنعمة الله تعالى . ومن النماذج الإنسانية والتي جعلها الحق جل وعلا قرأنا يتلى؛ ليكون آية لمن خلفه هذا الأنموذج القاروني . قال تعالى : (إن قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إن مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76)وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ إن اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ)القصص/76- 78 .
ولما كانت شهوة المال ذات سطوة وتأثير على النفس الإنسانية، حيث أنها تشكل محوراً رئيساً من محاور الابتلاء الذي على الإنسان أن يجتازه بنجاح؛ لذا فإن الحق جل وعلا قد نبه عباده من الوصول إلى هذا المال بطريق غير مشروعة كما حذر من إنفاقه بغير ما أمر الله . فقال تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/188 .
إن شهوة المال إذا ما استحكمت بالنفس الإنسانية تدفعها إلى مد يدها إلى أكل أموال الآخرين بأي طريقة ممكنة، ولشدة أثر المال على النفس يدفعها للنظر إلى ما في أيدي الأيتام من أموال فتأكلها ظلماً وعدواناً .
فقال تعالى:(إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)النساء/10.
يؤكد الحق إن الحياة الدنيا وما فيها حينما توزن بموازين الوجود بما فيها الآخرة تبدو شيئا زهيداً لا قيمة له لا تتجاوز لعب الأطفال ، بعد انتهاء أمرها وانتهاء مصير أهلها إلى الآخرة ، وهذه الحقيقة لا يقصد به الحق العزوف عن الدنيا وما فيها وإنما يراد منها تصحيح المقاييس والقيم السائدة في كثير من المجتمعات، والذي ترتب عليه الاستعلاء في الأرض انطلاقاً من الموازين والمقاييس الخاطئة التي وزنوا الحياة الدنيا من خلالها.
قال تعالى :(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ)الحديد/20 .
فالأموال والأولاد من نعم الله تعالى على الإنسان يتمكن من خلالهما تحقيق خلافته في الأرض. فهما وسيلة لغاية تعبدنا الحق بها بإدارتهما وفق منهجه، ولقد حذر الحق عباده من الغفلة عن هذه الحقيقة ولكن الذين استحكمت بهم شهواتهم جعلوهما غاية يسعون إليها بأي طريقة كانت. كما إن الإنسان بما ركب فيه من استعدادات للخير وللشر، وما ركب فيه من جانب حرية الإرادة الإنسانية، وما زود به من قدرات عقلية، فاختار فريق من الناس بمحض اختيارهم طريق السعي للوصول إلى المال بأي طريقة ممكنة، وجعل المال غاية رجائه في الحياة الدنيا . كما إن الفريق الآخر من الناس اتخذ المال سبيلاً لنيل رضى الله وسعى للوصول إليه من خلال الطرق المشروعة وقد بينت الآيات القرآنية حال الفريقين ففريق جعل من أهوائه وشهواته ميزاناً يزن الأمور من خلالهما؛ فالمال والأولاد قيم عليا في حياته، توزن الحياة كلها من خلالهما، فمن يملكهما حصل على الخير كله، ومن فقدهما فقد الخير كله ،إنها القيم الأرضية قيم الأهواء والشهوات مما يدفع بمن اختار هذا الطريق إلى سلوك كل السبل للحصول على المال لتحقيق وجوده ومكانته التي يسعى إليها وفق موازينه ومقاييسه الخاصة .
ثالثاًً - شهوة الجنس :
إن من الغرائز التي جبلت عليها النفس الإنسانية الشهوة الجنسية، وقد جعل الله تعالى هذا الميل الغريزي عند كل من الرجل والمرأة لتحقيق غاية سامية وهو استمرار النوع الإنساني ، إلا أن من حاد عن منهج الحق جل وعلا واستبدت به شهوته أصبح أسيراً لها ،تسيره حيث شاءت ليس له هم إلا مجرد نيل الشهوة ،وقد سمى الله تعالى الانحراف في هذه الشهوة مرضاً، فقال تعالى محذراً نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء المرضى : (يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إن اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا)الاحزاب/32 .
ومن هنا يتضح إن بداية الانحراف في هذه الشهوة سببه الأساس مرض القلب وعدم رسوخ الإيمان . بينما القلب الذي عمره الإيمان وجعل صلته بالله تعالى مستمرة لا ينهزم أمام شهواته، ولا يلهث وراءها مهما تعرض للفتنة والإغراء، ومصداق ذلك النموذج النبوي المتمثل بسيدنا يوسف عليه السلام حينما عرضت امرأة العزيز نفسها عليه وغلقت الأبواب وهيأت الأسباب فكان موقفه الثابت الراسخ بالإيمان . فقال تعالى على لسانه : (000مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُون)يوسف/23. وفيما يتعلق بأبعاد الشهوة الجنسية ومن خلال استقراء الآيات القرآنية الكريمة واستناده عليها فقد توصل الباحث إلى أن القرآن الكريم قد بين بوضوح إن هذه الشهوة الجامحة كما أنها تعتري الرجل فإنها تعتري المرأة كذلك، وقد أشارت الآيات القرآن لذلك بوضوح ومن الآيات الدالة على ذلك : قال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ000)يوسف/23 .
وقد وجه الحق نداءه للجنسين بالابتعاد عن هذه الفاحشة فقال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)الإسراء/32 .
كما بينت الآيات القرآنية بوضوح أن النفس الإنسانية لما تميزت به من حرية الاختيار والإرادة إن بعض النفوس اختارت بمحض إرادتها طريق الانحراف والشذوذ والسعار الجنسي المحموم على النحو الآتي :
الفريق الأول – الذين اختاروا طريق ممارسة الشهوة الجنسية على غير هدى، فقال جل وعلا : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ(2)الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين)النور/2-3
وان من أبشع الجرائم التي ارتكبها هذا الفريق من الشذوذ الجنسي لإرضاء نهمهم وشرههم والذي يمثل خطاً خطيراً للانحدار بالبشرية إلى ما هو دون البهيمية هو ممارسة الفاحشة أو ما سماه القرآن الكريم إتيان الذكران، ومن الآيات التي وصفت أحوال هؤلاء وما هم عليه من الضلال والانحراف والسقوط الآيات الآتية :
قال تعالى : ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِين(80)إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُون )الأعراف/80-81 .
كشفت الدراسة أن النفس الإنسانية فطرت على حب الشهوات والميل للهوى ، حيث تعتبر الشهوات والهوى محور الشر الذي حذر الشارع الحكيم من إتباعه ،فهما المحك الذي تختبر وتبتلى به الإرادة الإنسانية ، فقد زين الباري عز وجل الحياة الدنيا بكل ما تهفو إليه النفس الإنسانية وتتمناه، سواء مما يتعلق بالشهوة الجنسية، أو حب الأموال والأولاد ،أو حب الجاه والسلطان،أو غيرها من الشهوات التي توصل إليها الباحث في نتائجه ، فالنفس الإنسانية أحد طرفي معادلة صعبة ومعقدة فطرفها الأول غرائز النفس الإنسانية ورغباتها وما تتطلبه من تلبية لهذه الغرائز والشهوات، وطرف المعادلة الثاني ما خلقه الله تعالى مما يحيط بالنفس الإنسانية مما يثير غرائزها ورغباتها وأهوائها ، إلا أن النفس الإنسانية مزودة بكل ما يمكّنها من اجتياز هذا الاختبار الصعب بما وهبها الحق من قدرات واستعدادات . وحرية الإرادة أهم ما يميز الطبيعة الإنسانية عن غيرها، فالعزوف عن إتباع الشهوات أو الوقوع فيها قرار إنساني يقع ضمن دائرة القدرات الإنسانية، والقرآن الكريم حافل بالنماذج البشرية التي لم تستعبدها شهواتها واختارت بملء إرادتها ما أمرها الله تعالى به . والحق جل وعلا الذي خلق النفس الإنسانية بهذا التركيب الذي يفيض بالحكمة لا تستقيم غاية خلق الإنسان بغيره ، فالغريزة الجنسية غريزة لا يستمر الجنس البشري بغيرها ؛ فهي مخلوقة لغاية سامية وهي ضمان الوجود الإنساني على الأرض. وكذلك غريزة حب التملك ليبقى الإنسان في جد وسعي ومثابرة في الحياة الدنيا ،وذلك مما يسهم في تحقيق الخلافة في الأرض. وكذلك كل مكون من مكونات النفس الإنسانية وما يرتبط به من غرائز وحاجات يعد لازماً من لوازم تحقيق الخلافة في الأرض ، ولم يعمد الحق إلى كبت هذه الغرائز والحاجات في النفس الإنسانية بل شرع ما يضمن إشباع هذه الغرائز بطريقة مشروعة ، وجعل إشباعها عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله تعالى؛ فأباح الزواج وحث عليه ،وكذلك حث على الأكل من الطيبات وحث على التملك المشروع ، فما من غريزة أو حاجة طبيعية في النفس الإنسانية إلا واعترف بها وأقرها لأنها من خلقه جل وعلا . ولكن الذين يحيدون عن المنهج الإلهي يسعون إلى تلبية نداء غرائزهم وحاجاتهم وفق ما تملي عليهم شهواتهم وأهواؤهم مما يترتب عليه الفساد والإفساد في الأرض .ولقد اختار أكثر الناس بمحض إرادتهم واختيارهم إشباع شهواتهم بغض النظر عن مدى مشروعية الطريقة التي اتبعوها ، منطلقين من أهدافهم وغاياتهم التي تنبثق من إطارهم الفكري الذي لا يتجاوز الحياة الدنيا .
ومن الانعكاسات التربوية المتعلقة بموضوع الدراسة . في ضوء ما تقدم من نتائج ، ينبغي على المؤسسة التربوية أن تكون على وعي تام بما ركب في النفس الإنسانية من أهواء وشهوات من أجل إعداد برامج تربوية متكاملة ولمختلف المراحل العمرية تؤدي إلى ضبط سلوك الأفراد بما يتفق مع الغاية التي خلق من أجلها الإنسان ،ويكون ذلك من خلال تنمية الرقابة الداخلية عند الأفراد .كما ينبغي العمل على توعية المتعلمين بالمعايير والمقاييس الإسلامية التي تقيم الأمور من خلالها ،ولا يكون ذلك إلا إذا توحدت منظومة القيم في كل مؤسسات المجتمع وعلى مختلف مستوياتها ،بحيث تبرز هوية المجتمع بشكل واضح وجلي ،وأما في حال اضطراب منظومة القيم في المجتمع كما هو الحال ، فسينشئ جيل يصعب تحديد هويته لانتمائه إلى قيم متصارعة.

 

دنيا الوطن

JoomShaper