أيمن موسى
من المفترض أن تكون السينما مرآة لواقع المجتمع تعكس قيمه وثقافته وما يطرأ عليه من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولكن نظرًا للتغير الكبير الذي طرأ على منظومة القيم في المجتمع المصري خلال العقدين الأخيرين لأسباب سياسية واقتصادية، فقد تفاعلت السينما مع هذا التغير بشكل سلبي، وبدلا من أن تبرز الأسباب الحقيقية وراء هذا التغير وتحاول العودة بالمجتمع إلى قيمه الأصلية، اهتمت السينما بالقيم الجديدة التي تتناقض مع قيم مجتمعنا تناقضًا تامًا، وظهر هذا في عدد من الأفلام التي سلطت الضوء على بعض مظاهر الانحراف التي بدأت تظهر في المجتمع – خاصة الانحرافات الجنسية – دون مراعاة لخطورة ذلك على جمهور السينما الذي يتكون معظمه من شباب وفتيات مراهقين، ونظرًا لخلو هذه الأفلام من محتوى هادف وبناء يجذب الجمهور، فقد قام صناع هذه الأفلام باستخدام الجنس ومشاهد والعري لرفع الإيرادات وزيادة الأرباح.
لقد وصلت الجرأة في تناول العري والجنس إلى حد تصريح المخرج والمنتج السينمائي هاني جرجس للشروق في الحوار الذي أجرته معه في 03/02 قائلا: "لا أرى أى عيب فى مغازلة الجمهور عن طريق تلك المشاهد والملابس العارية، وحتى المشاهد الجنسية طالما لا يفسد ذلك الفيلم، لأن مغازلة الجمهور حرفة"!! وفي حوار آخر له مع الشروق نشر في 18/01 يقول: "الفن لا علاقة له بالأخلاقيات"!!
على الجانب الآخر نشرت الشروق في 04/01 تصريحًا لرئيس الرقابة على المصنفات الفنية سيد خطاب قال فيه: "سمحت بمرور أفلام نصف العام بدون حذف رغم جرأتها، واكتفيت بأن يكون «للكبار فقط»"، وأضافت الشروق أن خطاب أشاد بـ"الفكر" الذى تقدمه هذه الأفلام، و"المجهود" الذى بذله صناعها!!
لماذا إذن نلوم الشباب الذي يتحرش بالفتيات في الشوارع ولا نلوم هؤلاء الذين يعلمونهم كيفية التحرش؟؟
عندما تصبح مغازلة الجمهور عن طريق المشاهد الجنسية فكرًا يستحق الإشادة، والرقص بالملابس الساخنة مجهودًا يثاب فاعله، وعندما لا تجد السينما رصيدًا تخاطب به جمهورها مما يضطرها إلى أن تبعث برسالة فارغة المحتوى والمضمون عنوانها: "كلمني شكرًا"، عند هذا يكون ردنا هو: عفوًا.. لقد نفد رصيدكم!!