ينصحك خبراء كثيرون في مجال الصحة بالتغيير على رغم أنه قرار يتطلب جهوداً كثيرة، لكنه يفضي في نهاية المطاف إلى السعادة.

للقيام بهذه العملية إليك بعض الأفكار لمساعدتكِ في فهم التغيير وعدم الخوف منه والمباشرة به.

لا يدرك معظمنا تأثير التغيير الإيجابي في حياتنا. لا شك في أن إجراء تعديلات جذرية على نمط حياتنا وعاداتنا يتطلب جهداً كبيراً. وبحسب الاختصاصيين النفسيين، يتطلّب الجهد الكبير مكافأة تتمثل في أن يكتشف المرء في نفسه مجموعة أحاسيس ومشاعر ومعارف وأفكار وصور لم يتعرّف إليها سابقاً، وهي أمور لا تغني حياته فحسب، بل تؤمن له في الوقت عينه أدوات أخرى ليتعايش مع نفسه والآخرين بشكل أفضل. بحث عن السعادة

يشير المعالجون النفسيون إلى أنه عبر البحث في الأوجه المختلفة من شخصيتنا نتوصّل إلى فهم هويتنا الحقيقية، بالتالي إلى التنعم بالسعادة. بيد أننا حين نصل إلى سن البلوغ، نشعر كأننا أمام محيط شاسع لا نعرف إلا حدوده التقريبية ونجهل مصادر غناه.

لا شك في أننا نعرف أوجهاً معينة من شخصيتنا، لكننا نغض الطرف عن أوجه أخرى كثيرة أو نتجاهلها بالكامل. علينا اكتشاف هذه الأوجه التي تؤلف شخصيتنا، وعبر تغيير طريقة تصرفنا أو حياتنا بكاملها قد ننجح في اكتشاف أنفسنا.

أحياناً، يمثّل الانزعاج أو الشعور بالضيق أو اتخاذ قرار خاطئ أحد الأسباب التي تدفع إلى التغيير، لكن الهدف يبقى نفسه: تحقيق الذات لاكتشاف هويتنا الحقيقية والتمتع بالسعادة في نهاية المطاف.

حوادث

تتأتى التغيرات من حاجة إلى استبدال شيء ما في حياتنا، وتحقيق ذاتنا. «أصبح ما أنت عليه»، هذا ما كان يقوله نيتشه. قد تحصل أمور غير متوقعة كثيرة وتكون السبب في تحفيز التغيير الذي سيساعدنا في اكتشاف أنفسنا بشكل أفضل. قد تشتمل الأحداث التي تمر بنا، على رغم أنها تحفر الألم أحياناً، على معلومات كثيرة عنا وتساعدنا على استنباط عِبَر كثيرة، حتى أنها قد تدفعنا إلى تبني أنماط سلوكية جديدة أو إلى قلب حياتنا رأساً على عقب.

ثمة أوجه من شخصيتنا ما كنا لنكتشفها إن لم نشعر بحزن شديد. فبعض الظروف الخارجية يستجد علينا ويجبرنا على التفكير بجدية وبشكل واعٍ والرضوخ لقرارات مصيرية، قد تكون سلبية (موت، رسوب، فشل، فقدان أشياء عزيزة على قلبنا...) أو حتى إيجابية (ولادة طفل، زواج، نجاح في الامتحان، ترقية...). من هنا، إذا انكسر غرض نحبه كثيراً أو إذا دار بين المرء وأحد جيرانه نزاع غير متوقع، اضطر إلى الانفصال عن حبيب أو صديق حميم، جميعها أحداث قد تمثل دافعاً إلى التغيير.

لكن لماذا نتردد كثيراً قبل القيام بأي تغيير في حياتنا أو نمط عيشنا؟ لماذا لا نستقبله بذراعين مفتوحتين؟ بكل بساطة، لأنه عندما نفكر في تغيير حياتنا، تطفو مخاوفنا جميعها إلى السطح، وهي التي تردعنا عن تحقيق هدفنا.

الخوف... العائق الأكبر

يظهر الخوف عندما نستعد إلى تغيير المراجع التي كنا نعتمد عليها أو نلجأ إليها. فنتردد بشأن ذلك إلى أن نتمكن من الاعتماد على مراجع جديدة أخرى. يُشار إلى أن الهدف من الخوف محدد، فهو يجعلنا نعتمد الحذر في مواجهة خطر محتمل. بمعنى آخر، يؤدي الخوف دور صفارة خطر تمنعنا من القيام بمجازفات غير مدروسة جيداً.

ويرى الخبراء في مجال علم النفس أنه للتخلص من الخوف نميل غالباً إلى الهرب من هذا الشعور المزعج عبر اللجوء إلى الانتظار، والاختباء وراء القول السائد، «إذا لم أفعل شيئاً، لن يحصل شيء»، أو إلى العمل المفرط: «أنا منشغل جداً حتى أنني لا أملك الوقت للتطرق إلى المشاكل الحقيقية».

مواجهة

يمكن للخوف، إذا عرفنا كيف نواجهه، أن يصبح حليفاً لنا. يمكننا أن نستغله لمساعدتنا في تحقيق أغراضنا عوضاً عن أن ندعه يبعدنا عنها. وتتمثل الطريقة الوحيدة لتخطيه في مواجهته ومحاولة التغلب عليه.

وتبقى الشجاعة الطريقة الفضلى المتاحة أمامنا لنتغلب على خوفنا. يرى المعالجون النفسيون أننا إذا عملنا على تغذية شجاعتنا، سنعتبر الخوف حافزاً لنا عوضاً عنه أمراً علينا تجنبه وتفاديه وتجاهله أو حتى عدم مواجهته أبداً».

عودوا بالذاكرة إلى الأحداث الماضية التي أشعرتكم بالخوف والتي تمكنتم من التغلب عليها. إذا وضعتم مسافة بينكم وبين هذه الأحداث، ستلاحظون بالتأكيد أن الأمر كان يستحق العناء. بعدئذٍ، حاولوا أن تتذكروا كيفية تغلبكم على هذا الخوف، ربما بإمكانكم تطبيق الاستراتيجية نفسها مجدداً. في النهاية، حددوا الأشياء التي تشعركم بالخوف في إطار عملية التغيير التي تترددون في المباشرة فيها لتفكروا لاحقاً في فوائد هذا التغيير.

الأهم من ذلك كله، كفّوا عن النظر إلى التغيير من منظار سيئ. ستلاحظون من خلال تطويعه أنه إيجابي ومفيد، ويجعلكم تشعرون بأنكم أفضل حالاً. أبقوا في ذهنكم دائماً أن التغيير لا يحرمكم من شيء وأنه لا يجبركم على التخلي عن أشياء تحبونها، بل يسمح لكم بالتخلص من الأشياء غير المفيدة واستبدالها بأمور من شأنها منحكم السعادة والنجاح.

من جهة أخرى، إذا كانت العوائق أمام التغيير قد تنبع من شخصيتنا، إلا أنها تتأتى من المحيطين بنا أحياناً. فمن الصعب القيام تغيير وظيفتنا مثلاً، خصوصاً إذا كان المقربون منا يعارضون ذلك. ويشير الاختصاصيون إلى أن «المحيطين بنا، خصوصاً الشريك أو الزوج، يشكلون عنصراً ضرورياً لنجاح التغيير الذي نحاول القيام به أو فشله»

 

صوت العراق

JoomShaper