القاهرة - هيثم سلامة
أكد أستاذ الفلسفة بكلية الآداب- جامعة القاهرة - الدكتور حسن حنفي... أن مواثيق حقوق الانسان تكيل بمكيالين، فإذا ما تأذى أحد في أوروبا أو أميركا تقوم الدنيا، واذا مات الملايين في رواندا أو غزة لا يحرك أحد ساكنا.
وقال في المؤتمر الدولي الثاني الذي أقامته كلية الآداب بالتعاون مع لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر تحت عنوان «الفلسفة وحقوق الانسان»: مع بداية القرن العشرين بدأت الأزمات تجتاح العالم، حيث بدأ الميل للتفكيك، والعدمية، وللكتابة وليس القراءة.
كما أن الانسان أصبح يتسم بالأنانية، والتمركز حول ذاته، بل والعنصرية... وهذه مأساة حقوق الانسان في الغرب، التي تثير تساؤلا حيويا: أين المفهوم الجماعي لحقوق الانسان؟ وأين حقوق الشعوب في تحقيق المصير؟ وأين الحق في سيطرتها على الموارد ومعارضة كل من الفساد وسيطرة بعض الدول الكبرى على المنظمات الدولية؟ والأهم: أين تجارب العالم الثالث؟، وادخالها في مفهوم حقوق الانسان كتجارب جنوب أفريقيا وفيتنام، وكوبا وماليزيا وتركيا؟ أين تجربتنا نحن ضد الفساد؟
وأضاف: «ان دورة الثقافة الغربية بدأت وقاربت على الانتهاء، ومع ذلك لا يوجد مفهوم مطلق لحقوق الانسان؟ كما أن تجربة حقوق الانسان في الغرب ليست كل شيء، فنحن كمفكرين في دول العالم الثالث علينا أن نعيد صياغة الاعلان العالمي لحقوق الانسان وندخل عليه تجاربنا، وقد حاولت بالفعل منذ ما يقرب من 20 عاما، مع عشرين مفكرا وفيلسوفا، اعادة صياغة الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ولكنه مر كوثيقة عادية في الأمم المتحدة ولم يلتفت اليه أحد، لذلك نحن في حاجة الى مركزية جديدة دون الشمال والجنوب أو الشرق والغرب، في حاجة لتاريخ جديد للانسانية لم يُكتب بعد، كما أننا في حاجة لاعلان جديد تجد فيه جميع الشعوب مطالبها، ويشمل كل شيء، بما فيه النبات والحيوان».
وقال: «حقوق الانسان ظهرت في العالم من الأدب وليس اللاهوت، فقد ارتبط مفهوم حقوق الانسان بالثورة والرفض لكل من الدولة والكنيسة، والحاكم، حتى ان فولتير قال: (فلنشنق آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)، وعلى الرغم من ذلك نجد علاقة بين مفهوم حقوق الانسان والاصلاح الديني، الا أن السؤال يمكن في مدى فعالية الأخير في ابراز مفهوم حقوق الانسان».
حنفي... عاب على عدم قدرة جمعيات حقوق الانسان المصرية- حتى الآن- في التأصيل لمفهوم نظري لحقوق الانسان تحشد حوله الناس، وأنه مع ذلك تؤيدها المنظمات الدولية، بالرغم عما نراه، من انتهاكات عديدة لحقوق الانسان.
ومن جانبه، قال أستاذ الفلسفة وعلم الجمال بأكاديمية الفنون الدكتور صلاح قنصوة: «للأسف هناك تصور بأن الغرب له رؤية فكرية وموقف واحد، وهذا ليس صحيحا فالأفكار التي نتحدث عنها لا تنتمي كلها للغرب، وأنا أرى أن الغرب هو مرحلة وليس منطقة جغرافية، تمور فيه الأفكار وتتناقل، هو صاحب الحربين العالميتين الأولى والثانية، لذلك علينا أن نبتعد قدر ما نستطيع عن الأساطير الفكرية التي نستعملها ببساطة وسهولة، فالفلسفة ليست ترديدا لأقوال الفلاسفة الآخرين، وردودهم على بعضهم فهذا حديث لا يفيد كثيرا».
أما أستاذ الفلسفة في جامعة تونس نور الدين السافي فتحدث عن «حقوق الانسان بين الخصوصية الثقافية والكونية»، مشيرا الى أن العقل المزعج يعيد التفكير في الأشياء، وأن قسم الفلسفة هو الأكثر قربا لفعل الازعاج، وقال: حين يكون العقل نبيا يوحي للانسان بما يفعل وبما لا يفعل، ويكون الانسان هو المملكة كما عبرت عنه العلمانية، فان المسألة تصبح أعقد، وقد أخطأ الغرب في تطبيقهم للعلمانية التي أصبحت تستخدم لاقصاء الدين من الساحة العمومية، فأصبح من حق السياسة أن تتدخل في شؤون الدين، ولكن في المقابل ليس من حق رجل الدين أن يتدخل في شيء.
وشدد نور الدين على ضرورة التمييز بين حقوق الانسان المكتوبة، وتلك التي يحتاجها الانسان، متسائلا: «كيف يمكن أن نعيد للفلسفة فعلها في الواقع والتاريخ أمام فعل السياسة والاقتصاد ورأس المال وسلطان العسكر؟ وقال: ان البنك الدولي والبنتاغون اليوم هما اليد المسيطرة على البشر باسم الحقوق والقانون، بينما نتغنى نحن بالأسماء، والمصطلحات».

 

جريدة الرأي

JoomShaper