يقظة فكر /بلال وهب
غيّر الوجه الذي اعتدته، غيّر طباعك، هذّب أفعالك، وسّع على عيالك، انسَ حزنك وألمك، اعفُ عن من ظلمك، سامح من وقع فيك أو سبك..
ابدأ بالخير.. أرِ الناس فضل الله الذي آتاك، أظهر عمل الاستقامة في أيام العشر على محيَّاك, امسح العبوس عن وجهك، وانشر البسمة من شفتك, أظهر البشاشة في عينك, افتح أبواب قلبك على مصارعها وأدخل فيها جميع الناس..
امش في طرقات ذوي الرحم التي هجرتها، وأعد الفرحة التي استبعدتها, كُن صاحب البدء في لم الشمل وضم الأهل..
بِرّ أباك وأمك, وقرّب أخاك وأختك, وزُر عمك وعمتك, وصِل خالك وخالتك, وأحسن لجارك وجارتك, وأسعِد قريبك وقريبتك, واسكن قلوب كل من عرفوك, وعش في فؤاد كل من رأوك أو كلموك.. اقض العيد بجمال وجلال, وتمام وكمال, وربط واتصال, وبشاشة تخالط القلوب، واطمئنان يلازم الجنوب، وبساطة وانشراح, وهجر للهموم والأحزان والأتراح..

فرّج عن كربة من حولك من البؤساء والمعدمين, من جيران أو أقربين أو نحوهم, فتّش عن هؤلاء، وسَل عن حاجاتهم, وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم, وإن لم يسعك المال.. فلا أقل من أن يسعك المقال بالكلمة الطيبة والابتسامة الحانية والخفقة الطاهرة..

اذكر من هجرت, وفكّر فيمن أغضبت, واطلب سماح من خاصمت, وأرضِ من هجوت, وافتح مغاليق القلوب التي أغلقت, واطلب من الجميع السماحة والرضا والعفو عما مضى, والخير فيما أتى..

عش أحلامك بنهضة جامعة, واسرح بخيالك في صحوة عارمة, على خطى السابقين الكبار كُن من العايدين, وعلى دروب المغيرين النهاضين كن من الفرِحين, اسلك سبيل من سلف وادعم بهممك من خلف, وداعب خيوط الحلم الجميل الذي يتدلى مبشّرًا بتغير الحال وسعادة المنقلب والمآل..

تذكر أهلك وإخوانك في فلسطين والعراق وكشمير كيف حال عيدهم ؟ وما حقيقة فرحهم ؟ تذكر وأنت تأوي إلى ظلك الظليل، ومنزلك الرحب ذو الهواء العليل وفراشك الوثير الجميل, تذكر إخوانًا لك يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضورون في العراء..

تذكر نسائهم الآيامى إن نظرت لزوجك, وتذكر أطفالهم اليتامى إن رأيت ولدك, وتذكر بؤس حياتهم إن عشت في سعادة طول يومك وعمرك..

اقض العيد بوجه جديد, فيألفك الناس وجها جديدًا سمحًا طيبًا تقيًا قد مسح الله عليه مسحة من الرضا فعمل بين الناس بالبشر والخير, وعندها أقول لك من كل قلبي:

“تقبل الله منا ومنك”