عايض الميلبي
من خلال التجربة فقط يمكن تقييم أي منتج جديد أو نظام أو أسلوب ومعرفة الحقيقة، لا عن طريق التوقع والتنظير والمزاج الذي لا يستند إلى دراسه عميقه ومن جميع الجوانب لتتضح بذلك الايجابيات والسلبيات، وما يثير الدهشه والاستغراب أننا غالباً نُحمل كل جديد أكثر مما يحتمل سوى كان فكره أو تقنيه حديثه وننظر له بعين المؤامره والاستهداف وإفساد المجتمع، فيكثر المجتهدين هذا يُحرم وآخر يدعو للمقاطعه وثالث يُطالب بالمنع وكل طرف يُحاول إثارة الرأي العام بطريقته وحشد اكبر قدر من الأنصار، بالمقابل ثلة قليله هم من يؤيدون التريث والنظر بعينٍ ناقده بعيداً عن العواطف الجياشه والحماس المفرط، وما يُثير الحيرة والتساؤل انه بعد حين من الدهر تجد الجميع يستخدم هذا الجديد ويستفد منه بما فيهم من وقف بكل قوته ضده عندما يكتشف ويتيقن أن خوفه واتهامه في غير محله، وهذا إن دل على شيء يدل على أن ثمة سوء فهم وسوء ظن يتزامن مع جديد العصر ومفاجآته نتيجة التشبث بالماضي وعدم مسايرة المستجدات واعتقاد أن ما لم نتعود عليه شر يجب مقاومته، والدافع لهذا بكل بساطه هو الجهل بالشيء (الجديد) وعدم قدرة بعض العقليات على الفهم الصحيح إلا بعد حين. والحقيقه أن ذاكرة تاريخنا حبلى بالكثير من الشواهد، ففي الوقت الذي كان الغرب ينشر العلم بطباعة آلاف الكتب نجد الامه العربيه تراهن على الطريقه التقليديه وتحظر استخدام المطبعه لأسباب واهيه، أما على المستوى المحلى فثمة من تخوف من تعليم المرأه النظامي ومن اعتقد أن التلفاز الأداه التي سوف تُدمر القيم والأخلاق، وحتى جهاز الجوال المزود بكمره احدث بلبله وصخب في بداياته، والأمر نفسه فيما يتعلق بالآراء أو الأطروحات التي لم يتعود المجتمع سماعها.
للأسف أن اغلب الأصوات التي يتزامن سماع دويها في فضاء الإعلام مع بعض المستجدات أو المتغيرات أما غير متخصصه لتستطيع تقييم الجهاز التقني الحديث أو الرأي أو الفكره على سبيل المثال، أو إنها تضع مصالحها الشخصيه نصب أعينها من شهره أو كسب مادي أو غيره وتسعى لبلوغها بأي ثمن ولو على حساب المصلحه العامه، وهناك نوعية من الأصوات تريد أن تكون وصية على المجتمع اعتقاداً منها أنها هي الأعلم بمصالحه، وترفض حتى مجرد النقاش أو الحوار بل وتصف الرأي الآخر بالعو لمه والتغريب.
نحن لا نريد أن نكون مجتمع يقبل كل شيء وخاصة ما يتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا، ولا ينبغي أن نُهرول وراء كل رأي ونجاريه دون معرفة المسار والهدف الذي يصبو إليه، لكن لا نرغب أن نعيش بمعزل عن العالم ونضع جداراً عازلاً بيننا وبينه بدافع الخوف والقناعات غير المبرره، كذلك لا نود أن نرفض الرأي الآخر لأنه لا يتوافق مع توجهاتنا.
أخيراً دعونا نعطي العقل مساحه كافيه لئلا يأتي زمن ويصبح حكمنا في غير محله، فديننا ولله الحمد صالح لكل زمان ومكان، والحياة بطبيعتها لا تبقى على حال لذا علينا مواكبة العصر والتحرك بطريقه تقدمنا خطوات للأمام كي لا نجد أنفسنا متفرجين على بطولات غيرنا.
لماذا نحمل كل جديد أكثر مما يحتمل ؟
- التفاصيل