فضيلة المعيني
ضمن أحداث كثيرة وقعت الأسبوع الماضي، ونشرتها الصحف وتفاعل معها القراء، كانت حادثة تعرض طفلين لحروق بليغة إثر اندلاع النار في سيارة والدهما، الذي تركهما وحدهما في السيارة وذهب ليتسوق، فحدث ما حدث وكان من الممكن أن يذهب الصغيران ضحية هذا الاهمال.
موقف آخر ضحاياه أطفال برهنت «الكاميرات» الخفية في منزلهم على تعرضهم للضرب على يدي خادمتهم التي مضى على وجودها بينهم سبع سنوات، إلا أن تلك السنوات لم تشفع للعلاقة بأن تتوطد بما فيه الكفاية وتذيب جليدا يكون متراكما في العادة في بداية عهد الخادمة بالأسرة، وحدث ما حدث! الحادث بما فيه من تفاصيل، يثير تساؤلات كثيرة، ليس حول عنف الخادمة، فكم من أسر يتعرض صغارها ليل نهار لشتى أنواعه، أحياناً تعينهم الصدفة على اكتشاف ذلك، وأوقات كثيرة تبقى تلك المشاهد مكبوتة في أذهان الصغار يستعيدونها متى ما كبروا.. لكن أن يبقى البعض غافلاً عن أسرته وأطفاله ولا يدرك ما يتعرضون له على أيدي أناس يعيشون بينهم، إلى أن تتطور حالتهم ويعيشوا حالة نفسية تدفع الأسرة للبحث عن أسباب اضطراب صغارها والرعب الذي يسيطر عليهم، ثم تكشف الكاميرات المستور، فهذا العجب بعينه! وأن يعيش الأطفال وهم في سن يستوعبون فيها كل شيء ويتمكنون من شرح ما يتعرضون له لوالديهم ولا يفعلون، فهذا ربما كان مؤشرا على غياب الحوار بين أفراد الأسرة، خاصة بين الأم وأبنائها، وأنهم على مدار الأسرة في أحضان الخادمة التي تعنف وتضرب، مبررة تصرفها بأنه من باب التربية والتأديب! حتى آثار الضرب لم تتمكن الأم من اكتشافها، لأنها وفق قولها كانت في أجزاء الجسد من تحت الثياب، وهذا دليل آخر على أن الخيط والمخيط في رعاية شؤون البيت والأطفال، يتركه البعض على الخدم ويعتمد فيه عليهم بشكل كبير، وهذه خطأ فادح ومصيبة كبرى يحياها بعض الأسر.

نعم، وجود الخدم شر لا بد منه مع خروج المرأة إلى العمل، ومع الكسل المسيطر على البعض، لكن لا بد أن تكون قناعة كل أم أن الخادمات، وكما تصنفهن إدارات الإقامة وشؤون الأجانب «فئة مساعدة»، ولن تكون بأي حال أماً بديلة أو حتى مربية، فتربية الأبناء من أعظم المهام التي شرفت بها الأم، ونتمنى ألا تتنازل عنها طواعية لغيرها، ليس تجنباً لما لا تحمد عقباه فحسب، بل لأنها مسؤولية ومتعة يجب أن تتمسك بها.

JoomShaper