فاطمة نادي
سواء كان السبب وظيفتك، أو حياتك الاجتماعية، أو عائلتك، أو غيرها من الأسباب، جميعنا يتعرض من الحين والآخر إلى سيل من الأفكار السلبية التي تغزو أدمغتنا وتفسد حالتنا النفسية، في السطور التالية، نتعرف إلى ماهية الأفكار السلبية؟ وكيف تؤثر في حياتنا وجودتها ونستعرض بعض الطرق للتغلب عليها.
التفكير السلبي أو الحياة بنظارة سوداء
الأفكار السلبية هي إدراك للذات أو الآخرين أو العالم، يتسم بتصورات وتوقعات سلبية، ويرتبط بمشاعر غير سارة ونتائج سلوكية وفسيولوجية وصحية سلبية، وتصاحبها في العادة أعراض الاكتئاب، والقلق، والوحدة، والعداء، وأفكار اليأس، والعجز، وتقليل قيمة الذات.
وهناك نوع من التفكير السلبي يسمى «الحديث السلبي عن النفس»، كأن يقول الشخص لنفسه «أنا لست جيدًا في هذا الأمر، يجب أن أتوقف عن محاولة فعله»، أو «لن أتمكن أبدًا من فعل هذا الأمر»، ولهذا النوع من الحديث مع النفس آثار مدمرة؛ إذ يقلل من قدرة الشخص على إجراء تغييرات إيجابية في حياته، أو يقلل من ثقته بنفسه للقيام بأمر ما.
وتجعلنا الأفكار السلبية عامةً ننظر إلى العالم نظرة قاتمة، ونشعر بالسوء تجاه أنفسنا، ويساهم في تدني قيمة الذات، وشعور المرء بأنه ليس مؤثرًا في العالم، ويعوق قدرته على تحقيق النجاح.
يمكن أن تؤدي الأفكار السلبية إلى أمراض عقلية خطيرة، ويمكن أن يؤثر في صحتك الجسدية أيضًا؛ إذ يمكن أن يزيد التفكير السلبي على المدى الطويل من مستويات التوتر، وتنشيط وضع القتال أو الهروب. ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى التوتر إلى مشكلات صحية جسدية، مثل إضعاف جهاز المناعة والجهاز الهضمي، ومتلازمة التعب المزمن، وعسر الهضم، والصداع، وآلام الصدر، وتباطؤ عملية التمثيل الغذائي. فكيف يمكن أن نتفادى هذه النتائج الهدامة؟
1. تقنيات الاسترخاء.. افصل عقلك عن الأفكار السلبية
أنشطة الاسترخاء وتقنياته مثل اليوجا، والتأمل، والتركيز كامل الذهن من العوامل المساعدة في تهدئة عقلك، وتوجيهه بعيدًا عن الأفكار والمشاعر السلبية، وقد وُجد أن التأمل يعمل على تغيير المناطق المرتبطة بالاكتئاب في المخ.
على سبيل المثال، يمكنك ممارسة التأمل لمدة 20 دقيقة يوميًّا، إلى جانب ممارسة الأشياء التي تجعلك سعيدًا، مثل هواية مفضلة، أو الاستماع إلى موسيقى محببة، ومشاهدة الأفلام التي تجعلك تشعر بالإيجابية تجاه حياتك.
2. التواصل مع الأهل والأصدقاء.. ابحث عن دائرة الدعم
خلق شبكات للتواصل مع الأهل والأحبة أمر ضروري عند التعامل مع الاكتئاب والأفكار السلبية، إذ يمثل الأشخاص الذين يهتمون لأمرك نظام دعم قوي، وإذا ما انقطع هذا التواصل، يمكن أن تسوء الأمور أكثر. كذلك فإن التحدث مع شخص ما حول خطب تمر به، يمكن أن يهون من الأمر ويخفف من وقعه على نفسك.
في دراسة نُشرت في المجلة الأمريكية للطب النفسي، لاحظ الفريق القائم على الدراسة أن التواصل الاجتماعي يعد أقوى عامل وقائي ضد الاكتئاب، واقترح أن تقليل الأنشطة الخاملة مثل مشاهدة التلفزيون، وقيلولة النهار يمكن أن يساعد أيضًا في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.
وقد أظهرت دراسة أخرى أن خطر الإصابة بالاكتئاب يزداد بشكل ملحوظ بين الأشخاص الذين يعانون من نقص الدعم الاجتماعي، وضعف جودة العلاقات الاجتماعية عامةً، وأن الأشخاص الذين كانت لديهم أدنى جودة عامة للعلاقات الاجتماعية كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل يزيد على الضعف مقارنةً بالأشخاص الذين يتمتعون بأعلى جودة.
3. التواصل مع طبيب معالج.. المساعدة النفسية ليست عارًا
يعد الطبيب المعالج أيضًا ضمن خيوط شبكة الاتصال الحيوية، والضروري وجودها حولك لتقديم الدعم، يمكن للطبيب أن يوفر مساحة آمنة للحديث حول ما تشعر به، ويمكنه أيضًا تقديم الإرشاد والنصيحة، ووصف الأدوية التي يمكنها مساعدتك، أو تبديلها بما هو أفضل لحالتك.
4. الاتصال الروحاني.. اقترب مما تؤمن به
الانتماء إلى جماعة تشاركك العقيدة ذاتها من الأشياء التي تمنحك شعورًا بالأمان، والقدرة على التحدث عما يقلق مضجعك. ويمكن أن تقدم لك المجتمعات الدينية التي تتوفر بها أماكن للعبادة؛ والصحبة، والدعم، والمشورة. وفي السياق ذاته، أشارت نتائج إحدى الدراسات إلى أنه كلما ازدادت الروحانية كانت حدة الاكتئاب أقل، علاوة على ذلك، وجدت الدراسة أن الدرجة التي تحسنت بها مقاييس شدة أعراض الاكتئاب، واليأس، والتشوهات المعرفية على مدار ثمانية أسابيع كانت أكبر بشكل ملحوظ لدى المرضى الذين كانوا أكثر روحانية.
5. الطعام الصحي.. المعدة بيت الداء
يمكن أن يساعدك الطعام الصحي على تحسين مزاجك وتخفيف حدة القلق، ومثال على ذلك: التوت، والشوفان، والشوكولاتة الداكنة، والسبانخ، والمحار، والسردين، والبرتقال، والكبدة.
وبصفة عامة اتجه في طعامك نحو تناول الخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، وقلل من تناولك اللحوم الحمراء، والأغذية المصنعة، ومنتجات الألبان عالية الدهون، والأطعمة عالية السكريات أو الأملاح.
6. النوم الكافي.. احترم ساعتك البيولوجية
بالإضافة إلى ذلك، يعد الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم من العوامل الأساسية في مقاومة الأفكار السلبية وأعراضها. فإذا كنت لا تنام بالقدر الكافي، أو تحدث كثير من التغيرات على جدول نومك، يمكن أن يجعل هذا أعراض الاكتئاب أسوأ.
حاول إنشاء عادات نوم منتظمة والالتزام بها، وخلق بيئة تساعد على النوم بحيث تكون مظلمة، وهادئة، ويكون جوها مناسبًا. وإذا كنت تعاني من مشكلات في الخلود إلى النوم، أو البقاء نائمًا تحدث مع طبيبك حول ذلك لإيجاد حلول مناسبة.
7. النشاط البدني.. سر 30 دقيقة يوميًّا ولاحظ الفرق
لممارسة النشاط الرياضي فوائد جمة على المستوى الجسدي والنفسي، ومنها أنها تؤدي إلى إفراز مادة كيميائية تسمى «الإندورفين»، والتي تحسن من مزاجك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تجعلك ممارسة التمارين البدنية اليومية قويًّا عقليًّا، هذا إلى جانب أنها ستعمل على تحسين لياقتك البدنية. على سبيل المثال، يمكنك الذهاب للمشي لمدة 30 دقيقة يوميًّا مع أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة، الأمر الذي من شأنه أن يخفف من حدة القلق، ويبعدك عن الأفكار السلبية.