ماذا يعني العمل التطوعي وإلام يهدف؟ وهل قام الإعلام والمدرسة والأسرة بدور كاف لتعريف المجتمع بقيمة العمل التطوعي؟ خاصة في وقت فراغ العطلة الصيفية والتي تمتد إلى ثلاثة أشهر وأكثر.


يجيب على هذه الأسئلة وغيرها:
الاستبيان الذي قامت به  الدكتورة فائقة بدر أستاذ علم النفس بجامعة الملك عبد العزيز، حول مفهوم العمل التطوعي.
والذي باختصار كانت نتيجته:
القصور في مفهوم العمل التطوعي الاجتماعي والخلط بينه،  وبين التطوع في العبادات كالصوم والصلاة والزكاة وغيرها.
إلى جانب ما بينته نسبة أخرى من عدم قدرتهم على الانخراط في هذا العمل؛ تحت وطأة العادات والتقاليد والقيود الأسرية بالنسبة للفتيات.
بخلاف غلبة النظرة المادية لدى الأغلبية,  وهو ما يعارض ما أتت به تعاليم ديننا الحنيف من التعاون والترابط  كما في الحديث النبوي:"من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" حسنه بعض العلماء المتأخرين. 

 

ما الدافع وراء العمل التطوعي

تحدثت عنه عائشة رمضان موجهة علم نفس بإدارة التربية والتعليم قائلة: إن عمل الخير بكل أنواعه مجبول عليه الإنسان مصداقا لقوله تعالى (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) سورة العاديات، وهو أمر طبيعي  فلا يوجد إنسان يفعل ذنب وهو سعيد؛ بل العكس نجد أكثر المصابين بالأمراض النفسية هم من ابتعدوا عن طريق الله ونسوا ذكره، فمن أشقى ممن توعدهم عز وجل بالشقاء في الدارين (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) سورة طه.
وأضافت أيضا: أن خدمة الناس والتقرب إلى الله من أعظم العبادات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربه أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحب من أن تعتكف في المسجد شهرا) رواه الطبراني، وحسنه بعض العلماء المتأخرين. 

واقع العمل التطوعي

عن واقع العمل التطوعي  قال محمد الناجم  مسؤول  البرامج والأنشطة  بجمعية أصدقاء المجتمع الخيرية:"يختلف واقع العمل التطوعي في الغرب عن واقعه في العالم العربي، وإذا أخذنا أمريكا على سبيل المثال: فبلغ عدد المتطوعين منذ عدة سنوات  حوالي 29% من عدد السكان نتاجها 3354مليون ساعة عمل تطوعية تقدر قيمتها بـ  50بليون دولار  أي بمتوسط 52 ساعة عمل للفرد الواحد".
ونظرا لضخامة حجم العمل التطوعي و أعداد المتطوعين المتزايدة: ظهر تخصص إداري جديد يسمى إدارة المتطوعين،  كما انتشرت  مراكز متخصصة لإدارة شئونهم بلغ عددها 360 مركزا، تعمل مع بعضها بشكل منظم، وترتبط مع بعضها بشبكة تسمى الشبكة الوطنية لمراكز المتطوعين تقوم بتوفير المتطوعين ل  75000 منظمة غير ربحية.
هذا في أمريكا.

أما في الدول العربية:
فلا يوجد تنظيم بهذا الحجم،  بخلاف عدد من المشكلات المتوقعة  التي تعوق العمل التطوعي،  مثل: العبء الذي يقع على المتطوع، بالزامه بجدول معين وبحضور الاجتماعات، ومطالبته بتقارير عن الأعمال التي قام بها؛ لمنع الإرباك الذي قد يحدث نتيجة عدم التزامه في العمل.

ولتسهيل العمل التطوعي:
اقترح الناجم  أن يكون العمل جماعيا؛ بحيث يعمل كل شخص في العمل الذي يرغبه، وفي الوقت نفسه: تكون مجموعته على اطلاع على أعماله، بحيث يمكن استكمال عمله في حال تغيبه أو عدم التزامه.
أما أغلب الجمعيات التي تطلب متطوعين: فإنها تعطي المتطوع فرصة اختيار العمل الذي يحدده، والوقت الذي يناسبه؛  وهو ما يتيح فرصة العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية لكسب الأجر واكتساب الخبرة بعيدا عن شجع الشركات والمؤسسات التجارية التي تستغل الشباب خلال العمل التطوعي بحجة التدريب واكتساب الخبرة.    وفي المقابل تستغني عن موظف براتب طالما وجد المتطوع بدون راتب وبذلك تكون نسبة البطالة كما هي.

وفي جانب آخر يجب على الجمعيات الخيرية:
تشجيع العمل التطوعي و تدريب الشباب على الأعمال المختلفة وإعطائهم شهادات خبرة.
وفي بعض الدول تعادل الجامعات ساعات العمل التطوعي بعدد معين من الساعات الدراسية.
و الأفكار كثيرة طرح عدد منها في ملتقى العمل التطوعي، ومن أمثلتها: إعفاء المتطوعين من رسوم بعض الخدمات أو تخفيضها  بالتنسيق مع الجهات الحكومية كذلك إعطاؤهم الأولوية في التوظيف والتكريم.

العمل التطوعي دروس وعبر:

العمل التطوعي له مردود طيب على من يقوم به، وعلى أفراد عائلته.
أمل مليباري معلمة رياض أطفال قالت: أعمل كناشطة اجتماعية خاصة في مجال الطفولة والأسرة؛ لأهمية بناء الأسرة في المجتمع فبإمكان أي فرد في المجتمع عمل الخير من خلال عمل تطوعي محبب لنفسه،  وتعزيز قيمة العمل التطوعي لدى الطفل أمر مهم جدا، فمن شب على شيء: شاب عليه.
فمردود العمل التطوعي كبير جدا على المتطوع وعلى أسرته، و ذكرت مليباري  قصة أم كانت تشتكي من عقوق ابنتها، و حاولت إصلاحها بشتى الطرق  حتى أنها لجأت لأخصائيين نفسيين، وفي مرة قررت الأم القيام بعمل تطوعي لوجه الله وكسب الأجر، حينها لم تحدد ما هو العمل؟ فقط كانت تنوي عمل الخير، وأثناء حديثها مع صديقتها نصحتها بزيارة الأيتام وإهدائهم بعض الهدايا لتدخل الفرح والسرور على هؤلاء الأطفال.
وبالفعل أعجبتها الفكرة وأخذت ابنتها لتساعدها في حمل الهدايا وتوزيعها وأثناء زيارة الأيتام في دارهم، وهناك بدأت الابنة تتساءل لماذا كل هؤلاء الأطفال في مكان واحد؟ أين أمهاتهم؟ أين آبائهم؟ وعندما عادا إلى المنزل تحاورتا حول الأيتام وظروفهم الصعبة التي يمرون بها، حينها عرفت الابنة أن معظم الأطفال لقطاء، وأن الأمهات هن من رمى الأطفال في الشارع: حينها شعرت الابنة بفضل والدتها عليها وتغيرت 180 درجة كما عبرت والدتها.
فالعمل التطوعي إذن يعدل السلوكيات، ويوجه الأخلاقيات، وينمي روح العطاء  بما لا تستطيع كتب ودروس غرزه في نفوس الناس،  و فيه من المعاني والعبر الكثير. وقالت: لابد من زرع قيمة العمل التطوعي منذ سن المدرسة على الأكثر خلال برامج مدرسية،  وهنا يكمن دور المدرسة في زرع هذه القيمة المهمة في نفوس الأطفال حتى نضمن وصول المعنى المطلوب لكل أفراد المجتمع.

 

غادة بخش

لها أون لاين

JoomShaper