منى خير
29/7/2022
عمان- يوجه العديد من الأشخاص سهام النقد لأنفسهم بشكل مستمر، وهو ما يسمى "جلد الذات"، وقد يكون أحد الأسباب لشعور الفرد بعدم الثقة بنفسه، مما يثبط سعادته وشعوره بالرضا.
ويختلف جلد الذات عن تأنيب الذات، فالأول يعد من الأمور السلبية التي تفسد حياة الفرد، أما التأنيب فيعد أمرا إيجابيا ويساعد المرء في معرفة أخطائه وتصحيحها عند وقوعها.
ويرى خبراء أن أسباب جلد الذات كثيرة، منها الهروب من الفشل، الجهل، الانطواء، الفراغ، عدم الشعور بوجود الأمل، تكرار الأفكار السلبية، الخمول وعدم ممارسة الرياضة، عدم الثقة بالنفس والتأثر بكلام الآخرين.
ويذكر الخبراء علاماته، ومنها المزاجية والشعور السلبي المستمر، الشعور المستمر بالخجل، الشعور المستمر بالخمول والكسل، الشعور المستمر بوجود ألم في الجسد مع غياب مرض عضوي يعاني منه الفرد، الانطواء والشعور المستمر بالحزن والاكتئاب، القلق المستمر والأرق وفقدان التركيز بسبب تشتت الذهن، الانشغال بالأفكار السلبية، الكوابيس الدائمة.
وللتوسع بتوضيح مفهوم جلد الذات حاورت الجزيرة نت اختصاصية الطب النفسي الدكتورة جنا علي زعبلاوي، لتتحدثنا عنه، مع ذكر آثاره وكيفية التخلص منه.
جلد الذات
جلد الذات يكون أكثر عند من لا يرضون لأنفسهم التقصير ويلومون أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة (شترستوك)
هل يمكن للجلاد أن يجلد نفسه؟
وحول جلد الذات تقول الاختصاصية زعبلاوي "عند سماع كلمة "جلد" يتبادر إلى الذهن صورة جلاد حاد الملامح بلا رحمة، وتكتمل بصوت سياط تنزل واحدة تلو الأخرى لتؤذي وتعذّب، وصوت صراخ شديد مع كل جلدة".
وتضيف، يمكنكم تصور هذا لأنه شيء قد ترونه بأم أعينكم سواء كان ذلك بفيلم أو مسلسل أو برنامج تاريخي وثائقي يتحدث عن طرق التعذيب الأقسى.
وتشرح زعبلاوي، "دعونا نقف قليلا لنفكر، هل ممكن أن يكون هناك شيء له نفس الوقع أو ربما وقع أكبر؟ هل يمكن للجلاد أن يجلد نفسه؟ الجواب نعم. كثر هم من يجلدون أنفسهم، لكن هذا الجلد لا ترونه بأمّ أعينكم، فقد يكون الجلاد شخصا يصبّح عليك يوميا، قد يكون أقرب شخص لك، قد تكون أمك، أبوك، أختك، أخوك، صديقك المقرّب، معلّمك، وغيرهم".
وتكمل فتقول "نعم قد يكون أي شخص من حولك، وهو يمارس هذا الجلد الذاتي يوميا وبشدة بدون معرفتك، والوقع كبير جدا، لأنه يؤثر على حياته كلها وإنتاجيته وقدرته على إكمال حياته بسلام".
ما هو جلد الذات وما أثره؟
تقول الدكتورة جنا "جلد الذات هو اللوم الدائم للنفس، ومراجعتها بكل صغيرة وكبيرة، والندم على الأفعال واتهام النفس بالتقصير، وجلد الذات هو عدم إعطاء النفس حقها بالخطأ، ومحاولة الوصول إلى المثالية التي لن يصلها أحد أبدا، لأننا باختصار (بشر) نخطئ ونصيب".
وتوضح أن لجلد الذات أثرا سلبيا كبيرا، حيث يُفقِد الشخص ثقته بنفسه ويُشعره أنه مهما عمل سيكون مقصرا، فيدخل في دائرة مفرغة لا يخرج منها، ومن مضاعفاتها أيضا الوقوع في الاكتئاب الذي يتعزز بطريقة التفكير هذه.
جلد الذات
إن كنت تريد أن تساعد نفسك في التقليل من جلد الذات، عليك أن تعرف إذا كانت لديك أعراض نفسية أخرى (شترستوك)
هل جلد الذات مرض نفسي؟
وقد يسأل البعض إن كان جلد الذات جزءا من الشخصية أم مرضا نفسيا، وعليه توضح الاختصاصية زعبلاوي بقولها "جلد الذات ليس مرضا نفسيا بذاته، ولكنه قد يكون جزءا من مرض، فيظهر جليا مثلا لدى المصابين بالاكتئاب. ويظهر أيضا لدى الأشخاص الذين يتسمون بسمات الشخصية الوسواسية المثالية، والذين يكون جلد الذات لديهم أكثر من غيرهم، حيث لا يرضون لنفسهم التقصير ويلومون أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة.
نصائح للتخلص من جلد الذات
وتقدم الاختصاصية جنا زعبلاوي بعض النصائح للتخلص من جلد الذات:
إن كنت تريد أن تساعد نفسك في التقليل من جلد الذات، فبداية من المهم جدا أن تعرف إذا كانت لديك أعراض نفسية أخرى، كأعراض الاكتئاب مثلا.
لا تتردد باللجوء للطبيب النفسي للتقييم الكامل والعلاج، حيث إن العلاج سيساعد في السيطرة على هذه الأفكار وتحسين النظرة للذات، وبالتالي معاملتها بلطف أكثر.
إن لم يكن هناك أعراض نفسية أخرى واضحة، لكن تطفو المثالية على سطح الشخصية، فينصح بالتخفيف عن أنفسكم، وببساطة إعطاء أنفسكم حق الخطأ لأنه لا يوجد شخص كامل.
بالتوجيه والتدريب من الطبيب النفسي والمعالج النفسي، سيتم التعامل مع الأمور بعقلانية ومنطقية أكبر.
المصدر : الجزيرة