وسام السيد
يتأثر الأشخاص شديدو الحساسية بقوة بالأحداث والأجواء من حولهم، وهو الأمر الذي يجعل تأقلمهم مع مواقف الحياة وأحداثها المتقلبة صعبا، وذلك بسبب مشاعرهم شديدة الرهافة. رغم ذلك فإن هؤلاء الأشخاص يمكنهم الاستمتاع بأبسط الأشياء غير المكلفة مثل الفن والطبيعة، كما أنهم متعاطفون ومستمعون جيدون للأصدقاء ولديهم خيال خصب وتحليل عميق للأمور.
يختبر الأشخاص ذوو الحساسية العالية العالم بطريقة مختلفة عن الآخرين، حيث تثيرهم المحفزات الحسية مثل الضوضاء العالية أو الضوء الساطع وتشعرهم بإرهاق واستنزاف كبير لأنهم اعتادوا البقاء داخل عوالمهم الداخلية، حتى إنهم يمكنهم التوقف عن العمل بلا هدف رئيسي سوى تقليل تأثير المحفزات الخارجية عليهم.


ويتلقى الأشخاص شديدو الحساسية رسائل عدائية من العالم بقصد أو بغير قصد، حيث يدفعهم الجميع للتخلي عن حساسيتهم والتعامل معها كأنها خطأ يجب إصلاحه عن طريق جمل مثل: أنت تبالغ في رد فعلك أو لا تكن حساسا للغاية، أو لا تكن ضعيفا.
كل هذه الرسائل لا تفيد الشخص الحساس لكنها تبعده أكثر عن محيطه وتجعله يحاول الانفصال عن طبيعته، خاصة أن الحساسية الشديدة غالبا ما تكون سمة وراثية لا يمكن أن يختار الشخص التخلي عنها أو اكتسابها. ووفقا لـ3 عقود من البحث فهي ليست ضعفا يجب التخلي عنه أو معالجته لكنها سمة صحية ورصيد من القوة أيضا.
نتناول في هذا التقرير بالتفصيل مزايا الأشخاص مفرطي الحساسية ولماذا يحبهم أصدقاؤهم.
عمق المعالجة والتفكير
يميل الأشخاص شديدو الحساسية إلى كثرة التفكير، لذلك ربما يستغرقون وقتا أطول لاتخاذ القرارات، لكن ذلك الوقت يجعل قراراتهم أكثر نضجا وبلا ندم. ويأخذ الأشخاص الحساسون الأمور على محمل الجد ويفكرون بعمق ربما يؤلمهم ويصعّب من تأقلمهم مع العالم المحيط لكنهم في الوقت نفسه لديهم قدرة كبيرة على التقاط مشاعر الآخرين والتعاطف معهم والشعور بمشكلاتهم بصدق وبدون افتعال الاهتمام، حتى إنهم ربما يصلون لدرجة البكاء تأثرا بغض النظر عن مدى بساطة الأمر أم تعقيده وذلك لأنهم قادرون على وضع أنفسهم مكان الآخرين وفقا لعالمة النفس إيلين آرون. كما أنهم يلاحظون جيدا دوافع وميول الأشخاص المحيطين بهم ما يجعلهم مديرين ومفاوضين وقادة جيدين.
حياة داخلية عميقة
الحياة الداخلية العميقة هي أحد الفوائد الكبيرة للحساسية العالية، حيث يمكن للأشخاص شديدي الحساسية تحديد مشكلاتهم بدقة والعمل عليها، وهم قادرون على تحديد ما يثيرهم ويربكهم وما يسعدهم من خلال إدراك التفاصيل الصغيرة وتأثيرها على مشاعرهم وأفكارهم وعلى مشاعر وأفكار المحيطين بهم. كما أن لديهم خيالا نشطا وقدرة على ربط الإشارات الدقيقة المتفرقة من أجل الوصول إلى حلول إبداعية وأفكار غير تقليدية أو كما يقال أفكار من خارج الصندوق.
يميل أغلب الأشخاص شديدي الحساسية إلى الإبداع، فهو طريقتهم للوجود والتعايش وطريقتهم لصقل طبيعتهم الحساسة ودعمها في الوقت نفسه. ويجعل الفن الحياة أكثر احتمالا بالنسبة لهم ويباعد بينهم وبين التفاصيل الكثيرة التي ترهقهم في الحياة والعلاقات، كما أن خيالهم النشط لا يهدأ ويستقر إلا بصنع منتج إبداعي أو تأمل الإبداع مثل الانغماس في الرسم أو في سماع الموسيقى، وهم أيضا تأمليون ومليؤون بالعواطف وقادرون على إغداقها بكثرة على من يحبون.
تقدير الأشياء الصغيرة
يمكن لأصحاب الشخصيات شديدة الحساسية الشعور بالدهشة من أبسط الأشياء غير المكلفة، مثل ملاحظة الطبيعة وألوانها، وتباين المساحات الخضراء مع السماء الزرقاء. كما أنهم يقدرون ويحتاجون بشدة للمسات المحبة والعناق الصادق، كما أن سماع أغنية قديمة أو استنشاق رائحة قديمة يثير لديهم مشاعر الشجن والحنين ويعيدهم إلى الماضي، لكنهم في الوقت نفسه يمكنهم إيجاد الجمال حتى في مشاعر الشجن والحنين والحزن ويمكنهم الاستمتاع بكل تلك المشاعر المختلطة معا.
قوة أثر التحفيز
ربما تكون أكبر ميزة للأشخاص شديدي الحساسية هي قوة أثر التحفيز عليهم، أي أنهم يتأثرون أكثر من الآخرين بالمحفزات التي تساعد أي شخص. على سبيل المثال في دراسة أجريت عام 2022 على مئات الأزواج المعرضين لخطر الطلاق. تلقى هؤلاء الأزواج تدريبات لتحسين العلاقة في زواجهم وكان التدريب مفيدا بالفعل وساعد الأزواج على تجاوز الاختلافات والبقاء معا. لكن عندما أجرى الباحثون اختبارات شخصية للأشخاص وجدوا أن الأشخاص الحساسين هم أكثر من استخدم التدريب لإنقاذ زواجهم، وقد أبلغ الأزواج الذين كان واحد منهم على الأقل من ذوي الشخصيات شديدة الحساسية بأن العلاقة بينهم تحسنت بالفعل وأصبحوا أكثر سعادة معا.
المصدر : الجزيرة + وكالات

JoomShaper