مصطفى كريم
(الإرهاق أحد المصانع الكبرى للقلق).
ديل كارنيجي.
هل لي أن أسألك سؤالًا؟ متى كانت آخر مرة حصلت فيها على أجازة من عملك؟ متى كانت آخر نزهةٍ قمت بها؟ما هي هوايتك المفضلة؟ كم مرة تمارس الرياضة أسبوعيًّا؟

ربما يجيبني البعض (لقد مر وقتٌ طويلٌ دون أن أمارس هواية من هواياتي المتعددة)، أو يرد علي البعض متنهدًا (آه، كان عندي هواية، ولكن كان ذلك أيام شبابي، ولكني كبرت الآن)، وقد يعجب البعض من السؤال فيقول: (لا أجد الوقت الكافي لإنهاء عملي، فكيف أجد وقتًا لهواياتي؟!)، وربما يرى البعض أن في الهوايات مضيعة للوقت، ولا طائل منها.
ولكن دعني أكمل تساؤلاتي لك، هل تشعر بالإرهاق؟ هل يسيطر عليك الإجهاد المستمر؟ هل تحس في بعض الأوقات بأن كفاءتك في العمل ليست في أعلى مستوايتها؟ ألا تؤثر هذه الأحاسيس على مقدار إنتاجك في عملك؟ ألا تضعف مثل هذه الأحاسيس من رغبتك وهمتك في أداء مهام حياتك؟

ربما تجيبني قائلًا: ومن منا لا يشعر بذلك، ومن ثم تعالَ بنا في الأسطر القليلة القادمة لكي نتعرف على كيفية القفز فوق ذلك الحاجز.

إشارات التحذير:

وللتوتر علامات وأعراض كثيرة، وهي لك بمثابة إشارات تحذير من ذلك الخطر الداهم، ومن أهم تلك الإشارات ارتفاع صوت ضربات القلب، والإصابة المستمرة بالصداع وآلام الرأس، والإحساس الدائم بالإحباط والنسيان، والغضب لأقل الأسباب، والأرق المزمن، وحدوث مشاكل في الرقبة والظهر، وأما في الشهية للطعام فإما فقدانها بشكل ملحوظ أو الإفراط في الطعام الزائد عن الحد.

دقائق قليلة ... فوائد كثيرة:

إن الاسترخاء من أكثر ما يساعد الإنسان على التغلب على الإرهاق والإجهاد، ولا يحتاج من الإنسان إلى وقتٍ كثير، بل فقط جرِّب أن تغلق عينيك بعد وقتٍ طويلٍ أمضيته في عملك، حاول أن تلقي برأسك إلى الخلف أو أن تستلقي، حاول أن تجعل عضلات عينيك تسترخي؛ فإن ذلك يساعد على أن يكون الإنسان سعيدًا، كما يمحنه النشاط اللازم ليكمل مهام حياته بمتعةٍ وحيوية.

اجعل وقتًا لهواياتك:

إن الترفيه عن النفس من خلال الهوايات أصبح ضرورة عصرية، فعصرنا هذا كما يصفه الدكتور عبد الكريم بكار (هو عصر المطالب المتزايدة، وهذا يعني أن على كل واحدٍ منا أن يحسن كفاءته في مقاومة الضغوط التي تفرضها طبيعة العيش في هذا الزمان، وذلك يتطلب منا أن نتعود الاسترخاء والترفيه عن النفس في إطار من المشروعية والاعتدال).

وإن كنت ممن يتعلل بضيق الوقت وكثرة المهام الملقاة على عاتقك، مما يجعل فكرة أن يكون للهوايات نصيبًا من يومك فكرةً صعبة، فإليك هذه الحكمة التي تقول: (على الذين يجيدون الهرولة في هذه الحياة أن يتعلموا السكون والاسترخاء للحظات؛ عسى أن تستطيع بعض الأشياء الجميلة اللحاق بهم).

توقع الأسوأ واستعد:

فإن أردت أن تقضي على الإحساس بالتوتر الزائد، فتوقع كل الاحتمالات حتى أسوأها، واستعد لمواجهته بقوة وحسن تخطيط؛ فإن ذلك الاستعداد سيجعلك أكثر قوة، وأعمق معرفة بالمشاكل التي ستحدث؛ مما يمكنك من التخلص منها وتجاوزها.

ماذا بعد الكلام؟

وإليك ـ عزيزي القارئ ـ جملة من النصائح الغالية من أجل التخلص من تلك التوترات والضغوطات الزائدة عن الحد، ومن أهم تلك النصائح ما يلي:

1.  تنفس بطريقة 4-2-8 بمعنى أن تأخذ شهيقًا ببطء وعد حتى 4، ثم احتفظ بنفَسك وعد 2، ثم أخرج الزفير ببط من الفم وعد حتى 8، وقم بتكرير هذا التمرين 10 مرات.

2.  ممارسة الرياضة، كأن تقوم بالمشي، أو القيام ببعض التمرينات الرياضية في المنزل، أو في صالة الألعاب الرياضية، وذلك لمدة نصف ساعة يوميًّا.

3.    مارس هواية تحبها، واجعل لها وقتًا كل يوم، حتى ولو لدقائق معدودات.

4.  نَفِّسْ عن مشاكلك وهمومك، بأن تناقشها مع شخص تثق فيه وفي آرائه، أو بأن تكتب حول المشكلة التي تصيبك بالتوتر، وأن تدون بعض الأفكار حول كيفية التعامل مع تلك المشكلة.

5.  اجعل البيئة المحيطة بك تدفع عنك التوتر، غيِّر من شكل غرفتك، أو لون دهان حوائطها، أو بدِّل من موضع الأثاث فيها.

6.  احرص على تناول الغذاء الصحي المتوازن، وخذ قسطًا كافيًا من النوم، وقلل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل القهوة والشاي؛ فهي تزيد من التوتر على عكس ما يعتقد الكثيرون.

7.  حاول أن تجعل وضع جلوسك أثناء عملك أو أي من أنشطة يوميك وضعًا مريحًا، وحاول أن تجعل أعضاء جسمك التي لا تستخدمها أثناء العمل في وضع استرخاء.

وأخيرًا تذكر قول "واين و. داير": (ليس في مقدور أحد أن يوجد الغضب أو التوتر بداخلك؛ فإنك وحدك المسئول عن ذلك من خلال الطريقة التي تسوس بها عالمك).

أهم المراجع:
1.    دع القلق وابدأ الحياة، ديل كارنيجي.

2.    نعم تستطيع، سام ديب وليل ساسمان.

3.    بصائر في الشخصية، د.عبد الكريم بكار.

4.    أسرار قادة التميز، د.إبراهيم الفقي.

 

مفكرة الإسلام

JoomShaper