كانت الإحصاءات الرسمية المغربية، التي نشرتها صحيفة التجديد المغربية، صادمة حينما أكدت أن نسبة الأمراض التعفنية المنقولة جنسيًّا لم تنخفض في المغرب من سنة 1992م، على الرغم من الجهود المبذولة رسميًّا، وأنها وصلت إلى ما يزيد عن 370 ألف حالة بعدما كانت سنة 1992م لا تتجاوز 100 ألف حالة، وأنها منذ سنة 2001م لم تنزل عن 350 ألف حالة؛ وأن عدد المصابين الإيدز في المغرب في نوفمبر 2008م بلغ 2798 حالة بنسبة ارتفاع بلغت 70% ما بين سنة 2001 و2008م, و68% منهم من الشباب ما بين 15 و 39.

كما كشفت الإحصائيات أن 80% من حالات الإصابة بالإيدز سببها الرئيس هو الزنا، بينما توزعت 20 في المائة المتبقية ما بين المخدرات 4%، والشذوذ الجنسي 3%، والعلاقات المختلطة 4%، بالإضافة إلى حقن الدم 1%، والانتقال من الأم إلى الجنين 3%.

هذه الإحصائيات الخطيرة جاءت ضمن دراسة علمية حديثة، في إطار البرنامج الوطني لمناهضة السيدا "الإيدز"، عن المعارف والمواقف والسلوكيات الجنسية عند الشباب المغربي أعدتها وزارة الصحة، وأكدت أن 40 % من الشباب المغربي يبحثون عن علاقات جنسية بعد استعمالهم للمخدرات والخمور، وأن 9 % منهم يصرحون باستعمالهم المخدرات قبل علاقاتهم الجنسية، وأن نسبة تصل إلى 57% من الشباب يرتادون دور الدعارة بعد استعمالهم للمخدرات أو الكحول، و21 % يستعملون العازل الطبي أثناء العلاقات الجنسية وهم تحت تأثير الخمر أو المخدرات.

لكن الأسوأ مما سبق هو أن ذلك جاء مواكبًا لمشكلة أخرى خطيرة وهي انتشار "السياحة الجنسية" في المغرب، فقد ساءت سمعة المغرب على المستوى الدولي في السنوات الأخيرة بعد الفضائح التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الغربية وأكدتها التقارير الدولية بسبب تفجر حالات عديدة من الفضائح الجنسية المرتبطة بسياحة الأغنياء الغربيين والعرب الباحثين عن المتعة الحرام مستمتعين بالطبيعة المغربية الساحرة، ومستغلين حالات الفقر المنتشرة على نطاق واسع في العديد من المدن والقرى المغربية والتي تدفع إلى اشتراك الكثيرين في هذه الظاهرة الخطيرة.

وتلقى المسئولون المغاربة تنبيهات محلية ومن دول صديقة، خاصة فرنسا من احتمال كبير لأن يتحول المغرب إلى قبلة مفضلة للسياح الجنسيين، لكن السلطات المغربية لم تبذل الجهود اللازمة لمقاومة الغزو السياحي مخافة بوار برنامجها السياحي الذي تراهن فيه على رقم 10 ملايين سائح في سنة 2010م.

وتتحدث وسائل الإعلام الغربية من أن مدينة مراكش ستتمكن قريبًا، بما تحتويه من 20 ألف امرأة يعملن في هذا العمل السيئ، من إزاحة تايلاند عن عرش السياحة الجنسية العالمية، وفق ما جاء في تحقيق نشرته مجلة "شوك" الفرنسية، حيث أصبحت مراكش الوجهة المفضلة لمليوني سائح سنويًّا، موزعين بين رجال أعمال وأثرياء وفنانون يجذبهم ازدهار العقار بالمدينة، وسياح باحثين عن مغامرات جنسية.

ويشكو أهالي المدينة وغيرها من المدن والقرى أنهم يشاهدون السياح برفقة مراهقين لقضاء ليلة معهم، وأنهم يشعرون بالإهانة، لكن لا أحد يتحرك لوضع حد لهذا، خاصة عناصر الشرطة الذين يغمضون أعينهم عن هذه التجاوزات، ربما مقابل الرشوة.

فكل شيء مباح في مراكش وغيرها من المدن المغربية، الدعارة، والاعتداء الجنسي على الأطفال، كل شيء معروض للبيع والشراء، خاصة وأن هناك وفرة في الكباريهات والنوادي الليلية، بل وحتى المطاعم التي توفر هذه الخدمات الساقطة عن طريق تجنيد الشابات والمراهقات لخدمة من يدفع أكثر.

نوع ساقط ولا أخلاقي ولا آدمي من السياحة، أفرزته الظروف الاقتصادية الصعبة والبحث عن المال بأية طريقة جعلت الآباء يقذفون بأبنائهم وبناتهم إلي هذه الهاوية, ليقدمون صغارهم قربانًا مقابل حفنة نقود هم عبيد لها, في ظاهرة تدق ناقوس الخطر قبل أن تتحول إلى وباء في كثير من البلدان العربية والمسلمة.

والأمر لا يقتصر على المغرب، ففي مصر أورد تقرير الاتجار بالبشر لعام 2009م الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية, أن السياحة الجنسية مع الأطفال في ازدياد بالقاهرة والإسكندرية والأقصر، وأن هناك لاجئات سودانيات دون سن الـ18 يتم إكراههم على ممارسة البغاء في الملاهي الليلية بالقاهرة عن طريق عائلاتهن أو رجال عصابات سودانية, وأن مصر تعد بمثابة "دولة ترانزيت" للاتجار بالنساء القادمات من أوزبكستان ومولدافيا وأوكرانيا وروسيا ودول شرق أوروبا للانتقال إلى "إسرائيل" لاستغلالهن جنسيًّا، حيث تعد جماعات الجريمة المنظمة متورطة في عمليات الاتجار هذه.

فهل يفيق مسئولونا وأهل القرار في بلادنا لتطبيق الأوامر الشرعية على مؤسسات السياحة وغيرها، والانحياز إلى الدين والأخلاق والعفة للحفاظ على الأمة وطاقاتها وثروتها البشرية، "وخاصة من الشباب"، وتفعيل قوانين مكافحة الأعمال المنافية للآداب، قبل أن تصل بلادنا إلى طريق مسدود يؤدي بنا إلى المزيد من الانحطاط؟

 

رمضان عبد الرحمن

موقع بوابتي

JoomShaper