امل صبري
مع حلول شهر رمضان الكريم يقبل الكثير من الناس على زيادة الطاعات و فعل الخيرات و كثرة الخطى الى المساجد و قراءة القرآن و حضور دروس العلم و... و هى فضائل فيها ما فيها من الخير العظيم .... حيث يعد شهر رمضان موسم للطاعات فيه تتضاعف الحسنات و تصفد الشياطين و تتنزل الرحمة و المغفرة و العتق من النار ....ففي رمضان يسعى كل مسلم الى التغلب على تقصيره في العبادات و فضائل الاعمال وهذا شئ جيد أن يرد الإنسان الحقوق إلى أصحابها و لله على العبد حق فلابد أن يؤدي حق الله في الطاعة و لكن! لا ينبغي ان يكون اداء الحق الذي على العبد لربه بالتقصير في الحقوق التي عليه لعباد الله...؟! بل عليه ان يقضي دين نفسه من نفسه...؟!
أرسل أمير المؤمنين عمر بن خطاب الصحابي الجليل سعيد بن عامر إلى حمص واليا وأميرا وكان سعيد بن عامر من أزهد الناس ومن أعبد الناس وأصدق الناس مع رب الناس ..... فذهب سعيد بن عامر فتولى ولاية حمص ومكث عندهم سنوات وكان خيرة الناس يعيش عيشة الفقير .
فمر عمر على الأمراء يسألهم ويسأل الرعايا عنهم..... فلما وصل إلى حمص سأل أهل حمص عن سعيد بن عامر فقالوا فيه خيرا .. من أصدق الناس .. وأعبد الناس.. ومن أزهد الناس ... لولا أربع خصال فيه.
قال عمر : وماهي ؟
قالوا : لايخرج لنا حتى يتعالى النهار – يعني يتأخر في الخروج للرعية –
قال عمر : هذه واحدة.
قالوا : وله يوم في الاسبوع لايخرج إلينا فيه .
قال :والثالثة ؟
قالوا :لايخرج إلينا بليل مهما طرقنا عليه .
قال :والرابعة ؟
قالوا: إذا كان في مجلس الحكم أغمي عليه حتى يرش بالماء.
قال عمر :وقد ترقرقت عيناه بالدموع : اللهم لا تخيب ظني في سعيد بن عامر ... قم ياسعيد رد عن نفسك ..والرعية جلوس.
قال: والله لوددت أن أستر هذا العمل فأما قولهم يا أمير المؤمنين أني لا أخرج إلا إذا تعالى النهار فامرأتي مريضه وليس لي خادم فأكنس بيتي واصنع طعام داري واصلي الضحى ثم أخرج إليهم.
قال: وأما قولهم أني لاأخرج لهم بليل فقد جعلت لهم النهار وجعلت لربي الليل أصلي وأدعو الله حتى السحر .
قال: وأما قولهم أن لي يوما لاأخرج فيه إليهم فيوم أغسل ثيابي فيه فلا أجد ما أخرج به.
قال :وأما قولهم أنني يغمى علي فإنني حضرت مقتل خبيب بن عدي في مكة وهو مسلم وأنا مشرك فما نصرته فكلما تذكرت ذلك اليوم أغمي علي .
فتهلل وجه عمر وقال : الحمد لله الذي لم يخيب ظني فيك.
هذا هو سعيد بن عامر لم يقضي حق الله في العباده بالتقصير في حق عباد الله عليه...
فكان يقضي حق رعيته في إدارة شؤونهم بما يرضي الله... و كان أمينا على مال المسلمين رغم فقره فتغلب على عدم قدرته على التماس خادم و مرض زوجته ببذل المزيد من الجهد في رعاية شؤون بيته...و كان يقضي حق زوجته فكان رحيما بها ... إنه الإحساس بالمسؤولية أمام الله ... لم يؤدي حق الله في الصلاة و القيام و... بالتقصير في حق آخر فرضه الله عليه فيما بينه و بين عباده, بل قضى دين نفسه من نفسه, و ذلك بحمل نفسه على بذل المزيد من الجهد لتحقيق التوازن بين أصحاب الحقوق
اخيرا...
واجب المسلم أن يوازن بين الحقوق المترتبة عليه فيعطي لكل ذي حق حقه دون إفراط ولا تفريط... الكيّسُ هو من يجمع بين كل هذه الحقوق ويوازن بينها ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لربك عليك حقا، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه.
إياك ان تحيّ طاعة بضياع طاعة أخرى فأنت هكذا تخدع نفسك توهمها أنها زادت في الطاعات وهى مسكينة لم تتقدم خطوة .... و بذلك تكون مثلك مثل المدين الذي يستدين من صاحب لكى يسدد آخر و هو يظن أنه بذلك قد قام بسداد الدين و هو في الحقيقة لم يسدد شئ فالدين ما زال كما هو لم يزيد و لم ينقص و المدين مازال مدينا ...قدر قيمة نفسك و لا تخدعها و أقبل على الله بنية صالحة و عزم صادق على أن تعطي كل ذي حقا حقه.
http://kzafkra.blogspot.com