أرسلت هذه الرسالة إلى مديرة مدرسة بناتي
وكان فيها

الأخت والمربية الفاضلة الأستاذة .........تحية طيبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا أشكر لكم جهودكم الفاضلة فيما تقومون به من جهد منظور وملاحظ ، في تربية أبنائنا فجزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم.

بالأمس فاجأتني ابنتي  بقصة قصتها على طالبات الفصل، مدرستهن للتربية الدينية. والقصة كما أذكر كالتالي:

  كانت هناك فتاة في مثل عمر ابنتي (أي عشرة أعوام) لاتلبس الحجاب أو تلبسه مع كشف الشعر أو تلبس حجاباً ملوناً، وكانت لا تلتزم بالصلاة، ثم فجأة حصل معها حادث سيارة وماتت ودفنها أهلها. وفي البيت تكمل ابنتي (نقلاً عن مُدرِستها) حلمت الأم بأن ابنتها تحترق في قبرها فأخبرت الأب ولكن الأب قال لها إن هذا مجرد حلم.   في اليوم التالي حلمت الأم نفس الحلم وكان جواب الأب كسابقه. في اليوم الثالث، أصرت الأم على الذهاب لقبر ابنتها بعد أن عاودها نفس الحلم للمرة الثالثة، وهنا تجاوب معها الأب وذهبوا جميعاً للقبر. وعندما فتحوه ، وجدو النيران تأكل كل شئي داخله. وكان هناك رجل مار بالطريق ( لا أدري من أين أتى) فسأل الأب لماذا تُعذَب ابنتك؟ فقال إنها لم تكن تصلي ولم تكن تلبس الحجاب كما يجب.

 انتهت القصة عند هذه النقطة ولكن ابنتي لم تنته من السرد ، بل أخبرتني بأن المُدرِسة أخبرتهم بقصة أخرى لن أطيل في شرحها وإنما كانت معاكسة تماما للقصة الأولى. فالفتاة هذه المرة ملتزمة بالحجاب الصحيح ومؤدية لصلواتها. والنتيجة أن الفتاة  كان يشع من قبرها نور وليس نيران. وهي  أيضا وقع لها ما وقع للفتاة الأولى، حادث سيارة أليم قضت فيه نحبها.
 ابنتي في براءتها كانت تسرد لي القصة بكل حماس وسألتها هل هذه قصة حقيقية؟ فقالت نعم المُدرِّسة أخبرتهم بأن هذه قصة حقيقية.

 آخر مرة أذكر أنني قرأت فيها قصة مثل هذا النوع عندما كنت أنا في المرحلة الإبتدائية وربما في المتوسطة. وقتها انتشرت مثل هذه القصص في كتيبات صغيرة. والحمد لله قامت حكومة المملكة مشكورة بسحب جميع هذه الأنواع من الكتيبات.

 إن هذا النوع من التربية التي ما أنزل الله بها من سلطان  يذكرني بطريقة الكنيسة في أوربا في العصور الوسطى. حيث كان يقوم الرهبان بتخويف الناس وترغيبهم في الدين بأساطير مزعومة. وحيث كان الجهل يلف أوربا من أركانها الأربعة. إن الدعوة إلى الله وعبادته والتحذير من معصيته وعقوبته لا يجوز أن تتم إلا كما أمر. إن هذه القصة المكذوبة والتي لا حقيقة لها دليل على قصور في الوعي والحكمة في إيصال دعوتنا إلى الناس. ولم يعدم ديننا الوسائل التي تحبب الأطفال بالحجاب والصلاة وبدون إثارة خوفهم وفزعهم ناهيك عن كذب ما روي في هذه القصة.

ما الذي ستقوله الطالبات عندما يكبرن ويتذكرن معلمتهن وقصتها ويدركن أن كل هذا زور وبهتان ؟ ألن يؤثر سلبا في نظرتهن للدين والصلاة والحجاب؟

 الخطورة الكبرى هي في إيصال هذه القصة إلى أطفالنا ومن مصدر ينظر إليه الأطفال كقدوة لا تخطئ. وهذه النقطة بالذات هي ما أثارت حيرتي فكيف بإستطاعتي الآن أن أخبر ابنتي بأن مدرستها مخطئة. وبأن هذه القصة غير حقيقية وبأن من رواها هوجاهل، يظن أنه  يفعل خيرا، أو ربما كان حاقدا يريد التغرير والضحك على الملتزمين  بهذا الدين.

 في نهاية الأمر لم يكن لدي خيار من أن أوضح لابنتي أن المُدرِّسة قد أخطأت في الكلام. وأن الله يحب الأطفال فهو لا يعذبهم أبدا. وأنه إنما يعذب الأشرار، الذين يؤذون الناس. وأن هذا العذاب هو في الدنيا بالشعور بالحزن والضيق، أما عذاب الآخرة فهو من الغيب الذي لا يراه الإنسان.

قلت لابنتي نحن نطيع الله لأنه يحبنا ونحبه وهو لن يعذب الذين يحبونه أبدا عليكِ أن تنامي وتستيقظي على حب الله..

وكلما أحببنا الله أحبنا أكثر وأكثر. الله يحب الأطفال أكثر من أمهاتهم وآبائهم ولذا فهو لا يعذبهم أبدا أبدا

  العذاب الذي يصيب عاصي الله هو عذاب أخروي لا يراه بشر الدنيا ولا يمكن أن يرو كذلك نورا حقيقيا يخرج من الطائع، لا في حياته ولا بعد موته.

كما أخبرتها بأن باب التوبة مفتوح لم أراد وبأن رحمة الله وسعت كل شيئ. 

أخبرتها كذلك أنك يا إبنتي يجب أن تحكمي عقلك في ما تسمعيه فكل يؤخذ منه ويرد علي إلا سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 وأخيرا أتمنى إن كلمت مدرستها في هذا الموضوع أن لا تخبريها بأني أنا والد الطفلة هو من أثار هذه النقطة حتى لا يكون هناك أي إحراج لإبنتي أمام مدرستها وكلي ثقة بحكمتك في التعامل مع هذه الأمور.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.        
   نقلاً عن كاتب الحادثة

JoomShaper