* يوسف عبدالله محمود
صاغ الاسلام قيماً انسانية جليلة لو عقلها البشر على اختلاف أعراقهم ودياناتهم لانتفت عن عالمنا الحروب والأضغان ، ولتعمقت في النفوس البشرية "ثقافة الحب" التي مع الأسف بددتها "الكراهية" و"العنصرية" التي يسوق لها أعداء الانسانية. عن هذه القيم الجليلة يحدثنا المفكر والعالم التربوي د. محمد جواد رضا في كتابه النفيس "أثمة الفكر التربوي الاسلامي" - دار السلاسل - الكويت.
يختار هذا المفكر بعض القيم النبيلة التي إحتفى بها القرآن الكريم ، فيشير الى "المسؤولية الأخلاقية" التي على الفرد ان يتحملها ما دام - سبحانه - قد ترك له حرية الاختيار. إما ان يسلك الصراط المستقيم فيظفر برضا الله ومحبته واما يتنكبه عامداً فيبوء بالخسران وتلاحقه لعنة الله في الدنيا والآخرة.

وحتى يؤكد د. رضا هذا المبدأ الالهي العظيم يورد بعض الآيات الكريمة التي وردت في كتاب الله جل جلاله. "إنا هديناه السبيل اما شاكرا وإما كفورا" الانسان 3. وقوله تعالى: "لا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ، لا يضركم من ضل اذا اهتديتم" المائدة ,104

ثم قوله سبحانه: "وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم حسيباً". الاسراء 13 ، ,14

ان هذا المبدأ الجليل خير دليل على سماحة الاسلام "وحصره المسؤولية في الفرد". فهو ان شاء اتبع سبيل الهدى وان تمرد وعصى فذنبه على جنبه.

من القيم الاخرى التي ركز عليها هذا المكر قيمة "التسامح" واحترام "ثقافة الاختلاف" في الرأي.

يقول تعالى: "ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم". فصلت 34 قيم كثيرة اخرى احتفى بها كتاب الله ، وجميعها تحترم انسانية الانساني. "يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا" النساء ,27

يدرك سبحانه "ضعف" الانسان ، فخفف عنه ، وراعى ضعفه ، ولكنه - جل شانه - "حصر المسؤولية الاخلاقية فيه" فهو بعقله الذي أكرم الله به قادر ان يميز بين الخير والشر في كتابه - سبحانه وتعالى - رفض للتعصب والانغلاق الفكري حين طالبنا "ان ندفع بالتي احسن" كان ينهى عن تسييد "الخلاف" بين البشر فالله هو "رب العالمين". ما أجدرنا كمسلمين في هذا العصر ان نتدبر هذه الآيات البينات في كتاب الله ، فننأى بأنفسنا عن الخلافات ، ونتضامن فيما هو خير لنا ولامتنا العربية والاسلامية. ما أجدرنا ان نمارس هذه القيم الربانية ممارسة حقيقية في سلوكنا وتعاملنا مع الآخرين.

لقد خلق الله الناس امة واحدة ولكنهم اختلفوا فحصدوا النتائج الوخيمة "وما كان الناس الا امة واحدة فاختلفوا" يونس ,19

 

JoomShaper