نابلس/خاص/PNN- في منزل متواضع للغاية استقبلتنا أم سمية من سكان احد احياء مدينة نابلس القديمة بشرط عدم التقاط الصور أو الإشارة للاسم الحقيقي لتحكي حكاية أسرة فلسطينية تكابد صعوبة الحياة بعد وفاة رب الأسرة تاركا خلفه خمسا من البنات. قسمات وجهها تظهر أن عمرها تجاوز العقد الخامس لكنها بالحقيقة تجاوزن حديثا منتصف العقد الثالث بسبب "الحمل" والأمانة التي تحملها منذ وفاة زوجها وكدها بالليل والنهار لتوفير لقمة العيش لأسرتها من بعده.
تقول أم سمية وهي تجلس على فراش ارضي أمنيتي أن استر أسرتي واحافظ على عهدي مع المرحوم في الاعتناء بها.
وتروي أم سمية من مدينة نابلس تفاصيل يتم بناتها بحرقة" توفي زوجي قبل أربع سنوات، وترك لي خمس فتيات أعارك معهن الحياة، ولا معيل لهن سوى الله وأنا".
تفاصيل صعبة عاشتها عائلة أم سمية بعد رحيل زوجها، الم الفقدان والحرمان سكن زوايا المنزل لسنوات عدة، ومع دخول شهر رمضان الكريم يكون الألم مضاعف، ذكريات ما زالت تسكن نفوس بناتهن الخمسة، ويتم قلوبهن الصغيرة.
وتتابع أم سمية حديثها، لقد مرت ظروف صعبة فبعد سنوات الاجتياح وتراجع الظروف الاقتصادية تراكم على زوجي ديون كبيرة، وبعد وفاته أضطر أهله بيع المحل لتسديد ديونه، ولم نعد نملك شيء لسد احتياجاتنا، ومنذ لحظة وفاته وأنا انتهز كل فرصة من اجل البحث عن عمل، لأعيل أسرتي.
وذكرت، أن عائلة زوجها وضعها صعب وعائلتها ظروفهم لا تسمح بإعالة الفتيات، فلعبت دور الأب والأم والمعيل لبناتها.
وتسرد أم سمية قصتها وتنهدات طويلة تتخلل أنفاسها التعبة، عملت في المقاصف وكنت احصل على 400 شيكل بالشهر، وعملت بصناعة المشغولات اليدوية من تطريز وخرز، رغم انه عمل ليس دائم وحسب الطلب، ولكنني أحاول قدر المستطاع البحث عن مصدر بديل، فكنت أبيع الحلويات للجيران في منزلي وبعض الملابس لسكان الشارع، كلما تتاح لي فرصة للعمل في أي شيء كنت أخوض فيه، من اجل إعالة أسرتي.
في كل لحظة كنا نتحدث فيها مع أم سمية كانت تشكو وضعها وحالتها إلى الله، لم تلتجئ إلا لسواه، تقول " الحمد لله على كل شيء، ربنا ما بقطع حد، قدرت اربي بناتي واستطعت أن أزوج ابنتي الكبرى، وربيتهن تربية سليمة والكل يشهد لي بتربيتهن رغم صغر سني ولكنني حاولت أن أكون الأب والأم واعتمدت على نفسي في ذلك".
في بيت متواضع مكون من ثلاث غرف تسكن أم سمية وبناتها، تتذكر تفاصيل الشهر الفضيل مفتقدة زوجها تقول ودموع حبست في مقلتيها " أصعب شيء أواجهه في هذا الشهر هو أسئلة البنات عن والدهن، خاصة الصغيرات، فهن بالكاد يتذكرن والدهن، كان أب حنون ومحب، وعندما يسألنني عنه، أجيبهن انه في السماء عند بارئه ولكنه دائما معهن ويعلم بإخبارهن، لهذا عليهن أن لا يحزن لأنه عندما يرى دموعهن يرحل بعيدا عن المنزل، واطلب منهن أن يقرأن له القرآن و يطلبن الرحمة من الله حتى يبقى معهن طول العمر ويسهر على راحتهم ويحرسهن".
أسئلة عدة دائما تبحث أم سمية إجابة عنها، وتذكر " مضى على وفاته سنوات عدة، وكل رمضان يمر يزداد شعور الحرمان عند بناتي خاصة الصغيرات".
وتبين، فهن يفتقدن سماع صوته وابتسامته، أما بناتي الكبريات فقد ورثن عن والدهن الفن والألوان، فهن ماهرات بالتنسيق والأشغال اليدوية، والبنت الكبرى بالذات كانت اليد اليمين لأبيها في المحل، كانت ملاصقة له أينما ذهب، والتي تصغرها بعام تفتقد والدها ولهوه معها ودائما تقول لي أنها ستدرس بكلية الفنون حتى تحل محل والدها".
وتشير أم سمية أن بناتها يساعدنها في عمل مسابح الخرز والمشغولات اليدوية، وهن ماهرات في ذلك، ويقمن بمساعدتهن في كسب رزقهن.
أم سمية التي لم تبلغ السادسة والثلاثين بعد من عمرها تشير حتى أجرة المنزل ادفعها على أقساط وتبلغ 1100 دينار أردني سنويا، وأدفعها على ثلاثة أقساط حتى استطيع تسديدها، فكلما احصل على مبلغ من جمعية أوفره للأقساط ، فأقوم بتسديدها لصاحب المنزل، أما مصروف بيتي اليومي فأتدبره من عملي ومن أهل الخير، ومصروفي يوم بيومه.
عندما يكون الحرمان السمة اللازمة لأسرة فلسطينية مكونة من أم وبناتها الخمسة
- التفاصيل