في ظل الزخم الدرامي الذي تشهده القنوات الفضائية هذه الأيام، وبرامج المنوعات والترفيه التي تتكاثر في هذا الشهر الفضيل وتلهي الناس عن أجواء رمضان، استطاعت إحدى المجموعات النسائية بمدينة مكة المكرمة التغلب على إغراء متابعة هذه البرامج والمسلسلات الرمضانية، وقررن الاستفادة من أوقات الشهر الكريم فيما يعود عليهن بالنفع والفائدة، بوضع برنامج مغاير يستثمرن من خلاله أوقاتهن بالأنشطة الثقافية والتطوعية، وأيضا الترويحية.
فقد فضلت مجموعة "أحلى حياة" النسائية أن تقيم لنفسها برنامجا رمضانيا واقعيا خاصا بها، يضم العديد من المناشط الخيرية والتطوعية، يبدأ من صلاة الظهر وينتهي في تمام الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل، ويهدف إلى خلق قنوات تواصل أكبر مع أفراد المجموعة، والابتعاد عن الملهيات التي تعرضها القنوات الفضائية والتي تخدش الصيام وتجرحه، كما يساهم في خلق أجواء إيمانية وتربوية تتفق وطبيعة الشهر الكريم.

برامج وفعاليات

ويتنوع البرنامج الرمضاني بين اللقاءات الثقافية ،التي تتم في مقر الندوة العالمية للشباب الإسلامي، باستضافة العديد من الداعيات لإلقاء الندوات التي تهتم بالتذكير بالأعمال الإيمانية خلال رمضان، بالإضافة إلى تثقيف الفتيات بأفضلية هذا الشهر عن سائر الشهور، وتوجيه النصح باستثمار هذه الأيام المعدودة.

كما يساهم البرنامج في القيام بالعديد من الأنشطة التطوعية الخاصة برمضان، كإفطار الصائمين، ورعاية الأهالي المعسرين، بالإضافة إلى مساعدة الأهالي في إعداد وجبات الإفطار ومدهم بما يحتاجونه من أدوات لذلك.

وتقوم المجموعة خلال شهر رمضان بإعداد برنامج العيد الترفيهي للأطفال الأيتام، وتتكرر هذه الاحتفالية في اليوم العاشر من شوال من كل عام، حيث يقدمن فيها الألعاب الميدانية، بالإضافة إلى وجود بعض الأركان التي تهتم بنقش الحناء، والتلوين بالرمل، والرسم على الوجه، وركن تزيين الكعك.

يتخلل البرنامج العديد من الفعاليات الأخرى التي تتنافس فيها الفتيات من خلال المسابقات الثقافية الرمضانية، والمنافسة في ختم القرآن الكريم عدة مرات، بالإضافة إلى التذكير بالأدعية والأوراد والأذكار التي تجعل العبد على صلة دائمة مع الله عز وجل.

استغلال أمثل

تقول أماني عقيل، المشرفة العامة على المجموعة، أن البرنامج الرمضاني تم الاستعداد له قبل دخول شهر رمضان بأسبوعين، وتم تجهيز برامجه الروحانية والتثقيفية والبرامج الاجتماعية الأخرى. موضحة أن طبيعة شهر رمضان لا تتناسب مع البرامج غير النافعة والمسلسلات الخليعة التي يتم عرضها في شهر الصيام بشكل مكثف. مبدية استياءها الشديد من العرض الهائل للبرامج التلفزيونية التي تضر المشاهدين، وتشغلهم عن استغلال أيام رمضان في الخير والنفع.

واعتبرت أماني أن ما تقدمه الفتيات في مجموعة "أحلى حياة" من برامج تناسب روحانية شهر رمضان دليل على خيرية هذه الأمة، وأضافت: في ظل هذه المغريات الرمضانية التي تلهي الناس عن أجواء رمضان، استطاعت الفتيات التغلب على كل هذه الفتن، والاستفادة من الأوقات فيما يعود عليهن بالنفع والفائدة، مشيرة إلى أن برنامج هذا العام لم يكن الأول من نوعه، وأن المجموعة تمارس نشاطها منذ ما يقرب من أربع سنوات قدمن خلالها العديد من التجارب والأفكار الرمضانية، واستدركت: لكن برامج هذه السنة تعد رائدة من نوعها، من حيث الكم والكيف أيضا.

بعيدا عن المحرمات

من جهتهن، أكدت الفتيات استمتاعهن بالبرنامج الرمضاني الذي نظمته المجموعة، بعيدا عن أجواء المسلسلات والمحرمات، حيث قالت هدى النعيمي، إحدى المشاركات في البرنامج، إنها تؤيد إقامة فكرة كهذه، خصوصا في شهر رمضان، كونه شهرا يستحق التضحية والاستعداد والعمل الدءوب، وأضافت: أشعر أن رمضاني لهذا العام أفضل بكثير من العام الفائت، فالقيام بالعديد من النشاطات سواء الدعوية أو الخيرية التطوعية وغيرها التثقيفية أفضل بكثير من الجلوس داخل البيت ومتابعة ما يعرض على الشاشات.

وأيدتها في الرأي، خديجة محمد (25 عاما) لكنها لا تستغني عن متابعة بعض البرامج الدعوية التي تنتظر عرضها خلال رمضان، فتقول: أحرص كثيرا على ممارسة الأعمال الخيرية في شهر رمضان، لكنني لا أستطيع أن أحرم نفسي من بعض البرامج التي يشرف عليها دعاة، وبعض البرامج الأخرى التي تزرع في المجتمع قيما جيدة.

كما اعتبرت منى العقيلي (طالبة جامعية) أن شهر رمضان يجهز الإنسان لما بعده من الشهور الأخرى، فلو حرص الإنسان فيه على العصيان ومتابعة المحرمات وضياع الأوقات فيما لا يفيد، يكون قد أضر نفسه ودينه، مشيرة إلى أن رمضان فرصة للتغيير، فإذا لم يستطع الإنسان أن يغير من نفسه خلال هذا الشهر، فمتى إذن؟

وتشير بعض التقارير إلى وجود زخم كبير للمسلسلات الرمضانية التي تعرض على شاشات القنوات الفضائية التي تحاول إلهاء الناس عن أداء العبادة في هذا الشهر الفضيل، كما تؤكد خطر وجود بعض القنوات المتخصصة في المسلسلات التي تبث أعمالها على مدى 24 ساعة في غير رمضان، فكيف سيكون أداؤها في رمضان؟

ولا يستفيد من هذا العرض الهائل إلا المنتجون لهذه المسلسلات، والقنوات الفضائية التي تعرضها على شاشاتها، والشركات التي تروج لها خلال شهر رمضان، ويبقى الخاسر الأكبر فيها هو المشاهد؛ لضياع وقته في متابعتها، كما أنها قد تخدش عبادته وتجرح صيامه.

 

علي بن حاجب

إسلام أون لاين

JoomShaper