"أغلق تليفزيونك".. "حطم تليفزيونك".. "ألق بتليفزيونك في سلة المهملات".. "حياة بلا تليفزيون".. "تخلص من تليفزيونك".. شعارات لمؤسسات تطوعية آلت على نفسها العمل على مناهضة التليفزيون وترشيد استخدامه، وتوعية الوالدين بآثاره السلبية على صحة ونمو الطفل.
ففي أمريكا وحدها تشير الدراسات إلى أن متوسط ساعات مشاهدة الأطفال ما بين 9:14 عاما للتليفزيون يبلغ ما يقرب من 40 ساعة في الأسبوع، يشاهد خلالها الطفل ما يزيد عن 40.000 إعلان، كما أن نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-17 عاما لديهم أجهزة تليفزيون في غرف نومهم، والآثار التراكمية خطيرة؛ فالأبحاث العلمية أثبتت أن التليفزيون هو المسئول عن انخفاض مهارات القراءة، وانتشار السمنة، وتنامي حدة العنف لدى الأطفال.

انسف تليفزيونك!

من بين هذه المؤسسات الناشطة جمعية القضاء على التليفزيون "Society for the Eradication of Television" والتي أنشأتها ماري ديكسون وبعض أصدقائها في ولاية نيو مكسيكو عام 1980، ويحمل أعضاء الجمعية بطاقات تعريف تحمل شعار "لا أملك جهاز تليفزيون في بيتي، وأشجع الآخرين على القيام بالمثل"، وخلال مدة وجيزة انتشرت رسالة الجمعية من خلال عقد الاجتماعات ونشر الرسائل الإخبارية، وكتابة المقالات، وإجراء الحوارات والمقابلات التليفزيونية.

وقبل بضع سنوات كتبت ماري ديكسون دليلا موجزا حول الجمعية، وحددت عدة أنشطة للقيام بها خطوة بخطوة لنشر فكرة الجمعية، ومن بين هذه الخطوات إجراء اجتماعات للأعضاء في أي مكان عام ولو في مقهى أو ناد ليسهل حضور الناس لها، ونشر فكرة الجمعية في الصحف من خلال الإعلانات مدفوعة الأجر، وتوزيع منشورات في أماكن التجمعات مثل المغاسل والمكتبات والمحلات التجارية..

تتضمن هذه المنشورات مواعيد اجتماعات الجمعية، وتشجيع الأعضاء على فتح الحوار حول فكرة الجمعية لأي شخص لنشرها على نطاق واسع، وتبادل الأفكار مع المجموعات الشبيهة، وتوزيع الملصقات، وإعداد جناح خاص في معارض الكتب، وتصميم برامج إذاعية سريعة، والاتفاق مع المحطات الإذاعية لبثها، وتشجيع الأعضاء على كتابة المقالات وإنتاج الرسوم الكاريكاتيرية التي تساعد على نشر الفكرة.

نعم للقراءة.. لا للتليفزيون

"Turn-it-Off" هو موقع مناهض للتليفزيون، وفي نفس الوقت مشجع على القراءة، ويؤكد الموقع أنه لا يريد القول: "لا تشاهد التليفزيون أبدا"، ولكن القول: "أنت تشاهد التليفزيون أكثر مما ينبغي ".

ويقدم الموقع بدائل لمشاهدة التليفزيون؛ حيث يدعو الناس لمغادرة الأريكة وإلقاء الريموت كنترول، والقيام بأي أنشطة هادفة سواء في البيت أو خارجه، فيدعوهم لتشغيل عقولهم بدلا من البقاء كالببغاوات التي تردد ما يقوله التليفزيون وتعتبره مصدر المعرفة الأوحد، فلابد من تنويع مصادر المعلومات كالقراءة، والنظر في الكون، والتجربة والملاحظة، كما أنه لابد من الانخراط في أنشطة اجتماعية جماعية حتى لا يتقوقع الفرد حول نفسه، فالعبقرية والإبداع لن تظهر أمام شاشة التليفزيون.

ويتشابه معه مشروع "حطم تليفزيونك" الذي أسسه رون كوفمان، وهو صحفي ومدرس، عمل في بداية حياته في تغطية الأخبار العلمية للعديد من الصحف الأمريكية، ثم انتقل للعمل كمدرس كمبيوتر، وأنشأ صفحة على الإنترنت حملت عنوان: "اقتل تليفزيونك"، وما لبثت أن انهالت عليه الرسائل المشجعة على مشروعه، وتتضمن الصفحة مقالات وملخصات للكتب ومصادر للمعلومات، وأشعار وأناشيد وأغاني تدعو لترشيد استخدام التليفزيون، ويوفر تحميلا مجانيا لأيقونات كمبيوتر وشاشات توقف تروج لفكرة المشروع، بالإضافة إلى لعبة فيديو جيم بعنوان "Kill Your Television" يقوم الطفل من خلالها بتحطيم جيش التليفزيونات المهاجم بمعاونة الكتب.

أسبوع بلا تليفزيون

أما مؤسسة أمريكا بلا تليفزيون "TV-Free America" فهي منظمة وطنية غير ربحية تأسست في عام 1994 لرفع مستوى الوعي حول الآثار الضارة الناجمة عن الإفراط في مشاهدة التليفزيون وتشجيع الأمريكيين على خفض عدد الساعات التليفزيونية التي يشاهدونها، واستبدال وقت المشاهدة بالأنشطة البديلة؛ ما من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من تشجيع القراءة والكتابة، والحياة المنتجة للمواطنين. وتنظر المؤسسة للتليفزيون بشكل عام على أنه "لا نشاط" ينتقص من صحة وإنتاجية وأنشطة الأفراد.

ومن بين الآليات التي انتهجتها " TV-Free America" ما أسمته بأسبوع إغلاق التليفزيون؛ وهو أول جهد وطني يستهدف الاعتدال في مشاهدة التليفزيون، ويتكرر كل عام، والغرض من هذه الفعالية إعادة التفكير في دور التليفزيون، لماذا نستخدمه؟ وكيف؟ وفي أي شيء؟ وكذلك تقييم تأثيره على الطلاب والمعلمين والآباء والأطفال، والأفراد؛ حيث تطلب " TV-Free America" من الناس إعادة تقييم الدور الذي يلعبه التليفزيون في حياتهم اليومية، وتحديد هدف استخدامه هل هو للترفيه والتسلية، أم كحاضنة للطفل، أم لقضاء الوقت، أم لمجرد إحداث ضجيج في الخلفية؟.

أما الوسيلة ببساطة فتتمثل في إيقاف أو إلغاء توصيل جهاز التليفزيون لمدة سبعة أيام، والانخراط في مجموعة واسعة من الأنشطة البديلة، والفئات المستهدفة هم كل الأفراد، والأطفال، والأسر، والطلاب، والجماعات، فلا مكان للتليفزيون طيلة أيام الأسبوع.

وسبب اختيار " TV-Free America" لأسبوع كامل هو مساعدة المشتركين في هذه الفعالية على إدراك أن الحياة بلا تليفزيون ليست بشعة بل على العكس يمكن أن تكون أكثر متعة، ويتم الدعوة لهذا الأسبوع من خلال دورات تدريبية موجهة للعاملين والطلاب والآباء والمعلمين والمديرين والمتخصصين في الرعاية الصحية، ويشارك فيه إدارة الموارد البشرية في كل الشركات، والوكالات الحكومية أو الجماعات المحلية (بما في ذلك دور الرعاية والمدارس والكنائس...إلخ)، وخلال الدورات يتم توزيع ملصقات وبطاقات دعائية للحملة تشمل بدائل للتليفزيون ومعلومات عن الآثار المدمرة له على الصحة وعلى نفسية الأفراد.

في سلة المهملات!

ألق تليفزيونك في سلة المهملات "Trash Your TV!" هو موقع آخر يقدم دليلا متكاملا حول حياة خالية من التليفزيون بدءا من التوعية بالآثار الضارة للتليفزيون ومصادر للمدرسين،وتحميل كتب مجانية عن مخاطر التليفزيون، وقصص نجاح لحياة بلا تليفزيون، كما يحوي الموقع متجرا لبيع منتجات تشجع على العيش بلا تليفزيون، ومن بين مبيعات الموقع: تي شيرتات - أغطية رأس - ملابس أطفال - أكواب - ملصقات - ألعاب أطفال - أزرار مغناطيسية - كروت - ميداليات - نتائج إجمالية - ساعات مكتب - لوحات لفأرة الكمبيوتر.. وكل المنتجات تحمل شعار "Trash Your TV!".
كما يقدم الموقع تقنية التحكم في المشاهدة من خلال بيع جهاز تحكم في التليفزيون يقوم بحجب القنوات، وتحديد عدد ساعات المشاهدة. 

أما مؤسسة " تليفزيون محدود" أو "LimiTV" فهي منظمة غير ربحية بكارولينا الشمالية تستهدف تحسين صحة وتعليم الأطفال من خلال العمل على توعية الآباء والمعلمين والأطفال حول تأثير الإفراط في مشاهدة التليفزيون على إعاقة النمو والتعلم والتأثير السلبي على الصحة، وتحفيز السلوك العدواني، وتوصي المؤسسة بتقليل ساعات البث للأطفال أقل من أربع سنوات إلى 10 ساعات أسبوعيا، وتعقد المؤسسة ثلاث ورش عمل أسبوعية لأولياء الأمور في المدارس تتضمن كل ورشة عروضا تقديمية ومناقشات وكتيبات إرشادية للتوعية حول مخاطر التليفزيون، وتشجع المؤسسة أولياء الأمور على اتخاذ المبادرة بترشيح أنفسهم لإدارة ورش العمل، وتوفر أماكن لرعاية الأطفال الذين تصطحبهم أمهاتهم أثناء حضور الورشة، كما تقدم المؤسسة للوالدين جهازا للتحكم في عدد ساعات مشاهدة التليفزيون.

الحياة خارج الصندوق

حلقة نقاشية يقدمها أحد المنتديات بعنوان: "الحياة خارج الصندوق" يدعو فيها الأعضاء للتعبير عن آرائهم وتجاربهم الناجحة في الحياة بلا تليفزيون، ويشجع الأعضاء على إنشاء مدونات خاصة لمناهضة التليفزيون ومجموعات على الفيس بوك.

أما "مشروع التليفزيون" "The Television Project" فهو مؤسسة تعليمية تهدف لمساعدة الوالدين على فهم كيفية تأثير التليفزيون على أسرهم والمجتمع، ويساهم في اقتراح البدائل التي تعزز العلاقات الإيجابية العاطفية والروحية والاجتماعية داخل الأسر والمجتمعات المحلية.

أسس "أناماري بلوهار" مشروع التليفزيون عام 1993، وعمل من يومها على نشر رسالته من خلال عقد ورش العمل والدورات والندوات للتوعية بالآثار السلبية للتليفزيون على الأسرة، ويؤكد أن الهدف الأساسي للمؤسسة هو العمل على تمكين الوالدين لحسن إدارة استخدام التليفزيون؛ فكثير من الآباء لا يدركون بعمق كيف يغير التليفزيون من سلوكيات أطفالهم، وتقوم المؤسسة بدعوة الوالدين لحضور ورش العمل، والقيام بواجبات منزلية عملية تتضمن الالتزام بالحد من استخدام التليفزيون في منازلهم، وتساعد هذه الورش الوالدين على أن يطورا أفكارهما بأنفسهما حول كيفية ترشيد استخدام التليفزيون، وتقترح عليهما البدائل، وتذكر المؤسسة أن نهجها يتمثل في أنه ليس هناك إصلاح سريع، بل هو جهد طويل الأجل لزيادة الوعي وتثقيف الأفراد وتغيير السلوك.

 

أمل خيري

JoomShaper