خورشيد حرفوش
قد يتساءل أحدنا: «لماذا تسود مشاعر «الاغتراب» لدى إنسان هذا العصر؟». ولماذا تغيب المعايير القيمية ونبتعد عن المعايير الاجتماعية والعقائد الأخلاقية والدينية في عصر سادت فيه معايير النفعية والمادية؟ ولماذا أصبح الإنسان لا يقيّم إلا بالمال والمادة ومقدار ما يمتلكه منه في كثير من الأحيان؟.
إن هذه الحالة أسهمت في سيادة مشاعر عدم القناعة أو الرضا ومن ثم الاغتراب عن الذات وعن الآخرين وفقد الإنسان المعنى الحقيقي لحياته والهدف من وجوده، فأصبح عبداً لطغيان المادة.
سادت مشاعر سلبية عديدة، وسادت مفاهيم هلامية هي نتاج ثقافة ازدواجية مضطربة، وغلبت ثقافات مائعة وهشة لا لون ولا طعم ولا هوية لها! لقد انتشرت في عصرنا الذي نعيشه مشاعر العزلة والوحدة النفسية والرفض، خاصة لدى فئة الشباب، وشاعت أعراض فقدان أو تميع الهوية بأشكالها المختلفة، وضاعت في كثير من الأحيان الفروق بينهما، وأدت مظاهر التقدم والحضارة المادية الصارخة وغيرها من تبعات الحضارة الغربية الحديثة إلى فوضى أخلاقية وضغوط اجتماعية شديدة ومتصارعة. وفي ظل هذه الحالة انتهكت حرية الإنسان وكرامته وقل الشعور الحقيقي بالتضامن والتساند والتكاتف والتكافل والتعاون والأخذ والعطاء بلا حدود. لقد قل الشعور بالانتماء وظهرت قيم تعدد واختلاط الجنسيات والتجنسات. وخفت دور الأسرة وأصبح إسهامها ضئيلا وهزيلاً في أغلب الأحوال.

إن هذه الأعراض النفسية الاجتماعية التي صاحبت التطور المادي والحضاري للإنسان وسيطرة الثورة المعلوماتية والتقنية الهائلة أدت إلى بروز جملة من الأعراض اجتمعت كلها في شعور الإنسان بالعجز النفسي. وهذا العجز النفسي إذا ساد وانتشر لدى الإنسان جعل منه صريعا للتفكك النفسي والاجتماعي. وسادت لديه أعراض الانحلال الأخلاقي والاجتماعي ومشاعر العزلة والاضطراب النفسي والعقلي.

الحل أراه معقوداً على العودة إلى قيمة الإنسان الحقيقية، إلى دينه وأخلاقه، إلى مقاومة المادية الطاغية في كافة جوانب الحياة. إلى التمسك بالقيم الأخلاقية. إلى عدم الانسياق وراء الحضارة المادية الغربية الطاغية التي أفقدت الإنسان معنى وجوده وإحساسه بذاته وفقدانه لقيمته الحقيقية.

لا بد أن نتمسك بقيمنا الأصيلة وأخلاقنا النبيلة وأن ننشئ أبناءنا على ذلك.

أعلم أن ذلك أمر صعب في ظل عصر التقدم المادي المذهل في عالم أصبح قرية صغيرة، وانتشار المظاهر المادية والترف التي انغمس فيها الشباب والأطفال والرجال والنساء.

ليس هناك حل إلا بهذه الكيفية، وإن لم نستطع، علينا أن نقول على الدنيا السلام.! وسلامتك.





JoomShaper