الهام صبري
خاص أمهات بلا حدود: قال الله تعالى ( إنا عرضنا الأمانة على السوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوماً جهولا ) الله تعالى أنعم على افنسان بنعمة العقل ، والثمن حمل الأمانة ، فكل نعمة لابد من شكرها ، وشكر نعمة العقل حمل الأمانة ، فماهي الأمانة ؟يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ...) وحمل المسؤولية نوع من
حمل الأمانة ، فهل يستطيع كل إنسان أن يحمل هذه الأمانة ؟
عندما تفقد سليمان - عليه الصلاة و
السلام - رعيته افتقد الهدهد ولم يجده حيث يجب أن يكون ، فأقسم ليعاقبنه لتخلفه عن مسؤوليته وابتعاده عن مكان تواجده ، ولم يهمل موضوع غيابه فهو مواطن من مواطنيه ، وهو مسؤول عن سلامته أولا ، وعن انضباطه ثانياً ،ولكن الهدهد كان مواطناً صالحاً ، كان في مهمة تعود على الدولة بالخير ، فهو لم يسافر لقضاء أيام أو إجازة ، وإنما راح يستطلع أحوال الأمم الأخرى مستخدماً نعمة الطيران ، وقد أدى هذا إلى إسلام قوم سبأ ،
ويوسف - عليه السلام - لم يكد يفرح ببراءته حتى طلب من ملك مصر أن يجعله على خزائن الأرض ، فهو - عليه السلام - وإن لم يكن ينتمي إلى هذه الأرض لكنه يعيش فيها ويأكل من خيراتها ، فعليه واجب خدمتها بإخلاص ، ولم يمنعه الخجل أو الحرج من طلب مهمة الإشراف على وزارة التموين ، لأنه يدرك أن عنده نعمة الأمانة وحسن التقدير والإشراف على شئون الدولة المالية ، وهذا من واجب كل مواطن يرى في نفسه الأهلية لاستلام منصب أن يعرض نفسه - مادام يعرف الإخلاص فيها -
والأب مسئول عن رعاية أبنائه بمشاركة الأم ، وهذه هي أعظم مسئولية ، فإن تخلى عنها فقد ضيع الأمانة ، ولا حجة له أنه يسعى على تأمين رزقهم ، فالله هو الرزاق ، وسعي الأب واجب ، على أن لا يضيع أمانة تربية أولاده ، والمرأة راعية في بيت زوجها تقوم على الاهتمام بكل ما يريحه ويسعده وهو يكد خارج البيت لتأمين معيشتها وأولادها ، وهي مسؤولة أيضاً عن تربية الأولاد فلا تتركهم لتشرب القهوة مع جاراتها ، وكم من المآسي سمعنا عن أم تركت أولادها لسبب ما فاختنق الطفل أو احترق البيت بسبب لعب الأولاد بالكبريت .
والمعلم مسؤول عن طلابه أن يقدم لهم المادة واضحة وأن لا يكون همه المال الذي يجنيه بل مدى استيعاب الطلاب لما يقدم ... والموظف في عمله ، والمدير في دائرته ، والطالب في مدرسته مسؤول عن دراسته والوقت الذي يقضيه ، فإن لم يقم بواجبه الدراسي كما يجب فهو خائن لبلده الذي ينفق عليه ، ولوالده الذي يكدح لتأمين احتياجاته المدرسية ، وكل إنسان خلقه الله - سبحانه وتعالى - من خلال موقعه مسؤول عن تبليغ الدعوة الإسلامية بطريقة من الطرق ، ولعل هذا المفهوم هو الغالب على فهم المفسرين ؟
ولكن هل يستطيع الإنسان أن يقوم بتبليغ الدعوة ما لم يدرك واجباته الأخرى ؟
هذه هي خلافة الله في الأرض كما رسمها الله - عز - وجل - حين قال { إني جاعل في الأرض خليفة } أجل خليفة لتطبيق شرع الله في الأرض .