أجرت الباحثة هبة عبد العزيز، استطلاعاً للرأى حول ردود فعل الشارع المصرى تجاه قضية التربية الجنسية.. هل هى موضوعات تدخل فى إطار " العيب"، أم مجموعة من القيم والسلوكيات التى تهدف إلى ضبط السلوك الجنسى وتفسيره دون مبالغة وتزويد الأبناء بالحقائق والمعلومات الصحيحة عن كافة القضايا والمواضيع المتعلقة بالجانب الجنسى؟
قامت الباحثة بإعداد استمارة تحتوى على عدة تساؤلات من خلال عينة عشوائية تمثل الاتجاهات الأساسية فى المجتمع عمريا واجتماعيا وثقافيا، وكان عدد العينة 200 فرداً وتشير الباحثة إلى أنه لفت نظرها حالة الرفض التلقائى والعنيف التى أبداها البعض لمجرد المشاركة فى الاستطلاع حين وقعت أعينهم على كلمة "التربية الجنسية" فى العنوان.
وأضافت الباحثة، الغريب أن عددا لا يستهان به من العينة حين شرحت لهم أن المشاركة فى الاستطلاع لا تعنى بالضرورة تبنيهم لهذه القضية، وأن بوسعهم التحفظ أو الاعتراض على الموضوع، تميزت إجاباتهم بالروح العقلانية والليبرالية!
مصطلح "التربية الجنسية"وردا على سؤال حول الانطباع الذى يثيره مصطلح "التربية الجنسية"، فسرت إجابات 70% من العينة المصطلح بأنه "مجموع القيم والسلوكيات التى تتعلق بالذكورة والأنوثة ويجب على الوالدين والمربيين تلقينها فى الطفل منذ الصغر"، بينما ذهب 18% إلى أن المصطلح يعنى لهم "تعليم أسرار العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى بشكل يتنافى مع قيمنا الشرقية"، ورأى 8% أنه المصطلح يعنى "تعليم الجنس فى المدارس بشكل يؤثر سلبا على أخلاق التلاميذ" بينما 2% قرروا أنه "تعليم الجنس فى وسائل الإعلام قد يخدش الحياء"
وردا على سؤال حول النظرة إلى شيوع مصطلحات مثل التربية الجنسية والثقافة الجنسية مؤخرا، قال 60 % من العينة إنهم ينظرون إلى شيوع مثل هذه المصطلحات باعتبارها "ظاهرة ايجابية تؤكد أن المجتمع بدأ يواجه مشكلاته المسكوت عنها ويبحث لها عن حلول حقيقية دون دفن رؤوسنا فى الرمال"، بينما رأى 20% يرون أن الأمر ينطوى على "ظاهرة سلبية تشير إلى انفلات القيم والأخلاق فى المجتمع" ،ورأى 12% أن مثل هذه المصطلحات "مؤامرة غربية تهدف إلى تدمير الأسرة العربية "، بينما 8% يؤكدون على أننا أمام "مؤشر على تنامى حالة الجرأة وعدم الحياء بل والوقاحة لدى الجيل الجديد".
موقف الدين الإسلامى وردا على سؤال حول موقف الدين الإسلامى من مفهوم التربية الجنسية قال 64% إن التراث الإسلامى يحتوى على جذور التربية الجنسية من خلال عدد من الأوامر والنواهى كما فى آداب الاستئذان وحديث "فرقوا بينهما فى المضاجع"، بينما رأى 26% أن "الأمر يتوقف على المعنى المقصود من هذا المصطلح"، 8% يؤكدون أنه "يقف ضده على طول الخط"، 2% يقولون إن "هذا المصطلح لم يرد أصلا فى أدبيات الدين وبالتالى فهو بدعة".
وردا على سؤال حول أسئلة الطفل ذات المدلول الجنسى، بسبب مشهد رآه فى التلفزيون أو كلمة لا يعرف معناها فى كتاب ورد فعل الوالدين، يرى 55% أن عليهم الإجابة عن السؤال برحابة صدر وبطريق سهلة تتناسب مع المرحلة العمرية لإبنائهم، بينما رأى 30% أن عليهم التهرب من الإجابة بشكل لبق، 8% ويوضحوا له أنه يسأل عن أشياء محظورة بينما كان 7% أكثر قسوة، حيث أتى رد فعلهم عنيفا تجاه الطفل حتى لا يتكرر السؤال ثانية!
وحول تدريس التربية الجنسية ضمن المناهج التعليمية بإشراف الخبراء والمتخصصين، قال 51% إنهم يوافقون من حيث المبدأ ولكن يخشون من سوء التطبيق، 24% يرون أنها "تقليد أعمى للغرب ولا يتناسب مع شرقيتنا، 15% يؤكدون على أنها "ظاهرة صحية أصبحنا فى أمسّ الحاجة إلى تبنيها فورا"، بينما رأى 10% "أنها علامة من علامات الانهيار الأخلاقى وقرب قيام الساعة".
ضرورة شرعية وحتمية حضاريةومن جانبها تؤكد الباحثة هبة عبد العزيز، أن التربية الجنسية ضرورة شرعية وحتمية حضارية. وتضيف، لأنها "عملية تربوية" فمصادرها لا تتوقف عند الوالدين، بل تشمل المدرس والمدرسة ويصبح تدريسها شيئا بديهيا، غير أن البعض يهوى – بحسن نية أو بسوء نية – التلاعب بالألفاظ ويقول كيف ندرس "الجنس" فى المدارس، أى مسخرة وقلة أدب هذه؟ وبالطبع الفرق شاسع بين الجنس وبين التربية الجنسية، فالأول مفهوم مطلق يشمل ممارسة العلاقة الحميمة بتداعياتها المختلفة، أما الثانية فعملية محددة تعنى ببث قيم وسلوكيات أخلاقية بحيث يتعرف التلاميذ على الحقائق الحياتية
وتضيف الباحثة، اللافت للنظر أن المعارضين لتدريس التربية الجنسية فى المدارس يخلطون بينها وبين الجنس، فيتصورون أن أبناءنا سيتلقون دروسا تفصيلية حول أسرار العلاقة الجنسية، وبالتالى يتصور هؤلاء أن هذا سوف يؤدى فى النهاية إلى تنبيه الأطفال مبكرا وتشويقهم لممارسة هذه الغريزة ويتصورون إن الأمر لا يعدو – وفق فهمهم الخاطئ – سوى مؤامرة عالمية لتدمير الأسرة العربية!
اليوم السابع