بقلـم ديلارا حافظ
فينكس، أريزونا – هناك ضرورة لمواجهة التحدي المتمثّل بتوفير معرفة دينية أساسية كجزء من المنهاج المدرسي الأمريكي، بأسلوب شجاع جديد. لقد ترك الفصل بين الدين والدولة الأساتذة والإداريين يعانون عند فتح موضوع الدين في غرفة الصف. إلا أنه من الأساسي بدء هذه المناقشات في وقت تدور فيه النقاشات عن الإرهاب والسياسة والحرب حول مفاهيم أساسية خاطئة حول معتقدات الطرف الآخر، وخاصة الإسلام.
يجب أن يشكّل وضع الدين في سياقه التاريخي، إضافة إلى بحث الممارسات الراهنة والمعتقدات المشتركة، جزءاً من التعليم الأساسي إذا أُريد للأجيال القادمة أن تتغلّب على تيار عدم التسامح المتزايد.
أليس من الرائع أن نسمع حديثاً عن "التقاليد اليهودية المسيحية الإسلامية" بدلاً من معاملة الإسلام على أنه "الآخر"؟ تشتمل الديانات الثلاث جميعها على دروس عديدة يجب تعليمها بشكل متزامن. إضافة إلى ذلك، يجب عدم تجاهل البوذية والهندوسية والسيخ، وكذلك اللاأدرية والإلحاد، إذ أن الناس أصبحوا مترابطين بشكل متزايد.
أفخر بأني ألقيت أكثر من 300 محاضرة حول الإسلام منذ العام 2000. القاسم المشترك الأعظم بين هذه التجارب هو أن جمهوري لا يعرف إلا القليل عن الإسلام، وهذا القليل سلبي في معظم الحالات. تُؤخَذ المجموعات المتطرفة والمدونات على شبكة الإنترنت بشكلها السطحي على أنها تمثّل مجموعات دينية كاملة. يجري استبدال الجهل ببساطة بسوء النية بل وبالحقد.
ورغم أن جذور اليهودية والمسيحية والإسلام يجري تدريسها باختصار في مناهج المدارس المتوسطة والثانوية في أنحاء البلاد، إلا أن التركيز التاريخي يترك التلاميذ على غير علم بحالة المعتقدات والممارسات الدينية الراهنة، إضافة إلى الأمور المشتركة، داخل هذه التقاليد الدينية. لا يترك قضاء بضعة أيام فقط أو ربما أسبوع في دراسة كل دين سوى زمناً محدوداً لإجراء نقاش وبحث مفصّلين، لذا يتم ملء ثغرات المعرفة خطأ بما يمليه الإعلام أو إشاعات الإنترنت.
تستطيع مجموعات التعاون الديني الوطنية، بدلاً من التعلم عن كل دين بمعزل عن الأديان الأخرى، أن تعمل على صياغة دورات حول الدين تناسب الأعمار المختلفة، وتوفر أساسيات الأديان الخمسة الأكثر شعبية بأسلوب موحّد عبر مجالات المعرفة. يُعتبر الدين أمراً حسّاساً له خصوصياته، وهذا أمر صحيح. إلا أن تجاهل أهمية علاقة الطرح الديني العليم هو أمر يسيء إلى تلاميذنا. ففي نهاية المطاف، تقع على عاتق المدارس مهمة توفير الأدوات والآليات لتخريج طلاب يتمتعون بمعرفة جيدة وعقلية اجتماعية، يعترفون بالحريات الأساسية التي يضمنها الدستور الأمريكي.
ما هو الشكل الذي يمكن أن تتخذه هذه الحزمة؟ يجب ألا تكون تبشيرية وأن تأخذ بعين الاعتبار تنوّع الممارسات بين الثقافات داخل كل دين، والأهم من ذلك أن لا تنزع إلى إصدار الأحكام. يجب أن يستطيع التلاميذ التمييز بين الجهل البسيط والتحامل الأعمى تجاه المجموعة الدينية.
تبقى مواجهة الصور النمطية بشكل مباشر من خلال الألعاب واتخاذ الأدوار والقصص والإجازات، تقنيات تعليمية محبوبة ربما تثبت أنها مفيدة إلى درجة بعيدة في مباشرة حوارات روحانية قد تكشف الكثير من الأمور المشتركة مما هو ظاهر أمام الطلبة. ولكن الأهم من ذلك كله أن الأساتذة يحتاجون لأن يكونوا على ثقة أن الحقائق الدينية الأساسية في مناهجهم تنبع من وجهات النظر الأكثر انتشاراً وتسامحاً بين الأديان لكل دين، وفي الوقت نفسه الاعتراف بالحوارات التاريخية والمستمرة داخل التقاليد الدينية.
يقف الطلبة على الخطوط الأمامية في المعركة من أجل مجتمع مدني يركّز على العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون وحرية الأديان. سلاحهم الأفضل هو التعليم الصادق المبني على الحقائق.
أشعر كمسلمة أن تبديد سوء الفهم بالإسلام ضروري وبشكل ملحّ. ولكنني أدرك كأمريكية أن تدريس الإسلام بمعزل لن يعمل إلا على زيادة وضع المسلمين في موقع "الآخر"، بينما يخلق وضع الإسلام في مضمونه كثالث دين إبراهيمي الكثير من حسن النية المطلوبة بين المجتمعات الدينية.
إضافة إلى ذلك فإن التركيز على الرسائل الدينية مثل "الإيمان والأعمال" المشتركة في كل دين يمكنه أن يشكّل الخيط المشترك الذي يربط المواطنين معاً. يمكن حتى لهؤلاء الذين لا يملكون سوى القليل من الإيمان أن يجتمعوا مع جيرانهم لبناء جسور التفاهم. يشكّل إيجاد وحدة تعليمية بسيطة تغطّي المعتقدات الدينية الأساسية نقطة بداية، ويتوجب علينا البدء اليوم.
###
* ديلارا حافظ هي نائبة رئيس حركة أريزونا بين الأديان والمؤلّفة المشاركة لكتاب "دليل المراهق الأمريكي المسلم".
مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية، 18 كانون الأول/ديسمبر2009
تعليم الإيمان في مدارس أمريكا
- التفاصيل