عمان - نشوى الخالدي
قديما رفعت الفتيات شعار ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر وتشبثت به فتيات من مختلف الطبقات الاجتماعية دليل عزة ومكانة لها ، الا أن قوة التمسك بهذا الشعار خفت وتراجعت سريعا خلال العقدين الماضيين تحت وطأة التغيرات الاقتصادية وصعوبات الحياة المعيشية فتداخلت الأسباب الاقتصادية بظواهر اجتماعية توارثتها الأجيال عبر عقود .
دائما وأبدا ( الأسباب الاقتصادية ) هي التفسير الأكثر تغليبا لظاهرة اجتماعية تفيد الاحصاءات الرسمية وغير الرسمية بأنها في ازدياد مستمر ألا وهي تأخر سن الزواج لدى الشبان والشابات لظروف في العادة اقتصادية .
ويقول خبراء أن ربط الظاهرتين معا يأتي من أن الأساس في تكوين أسرة واقبال الشباب والشابات على الزواج يعني بالدرجة الأولى نفقات مضاعفة يلتزم بها معيل الأسرة مع أول لحظات اتخاذ القرار من حيث المهر ونفقات الزواج وكل ما يتصل بذلك من نفقات ، ومن ثم المتطلبات المعيشية لأفراد الأسرة الجديدة والتي تتضاعف وتزداد مع قدوم كل مولود جديد. وترى الاخصائية التربوية ميساء غالب أنه بالنظر للظروف الاجتماعية الخاصة في مجتمعاتنا فان تأخر سن الزواج تعتبر المرأة أكثر تضررا لأسباب لها علاقة بالموروث الاجتماعي بالدرجة الأولى التي ما زالت تنظر للفتاة بسن متقدمة دون زواج نظرة خاصة كما لعلاقة ذلك بالانجاب والثأثيرات الصحية على الأم والمولود ، لذلك ليس بالمستغرب أن يكون الدافع لتيسير سبل الزواج صادرا من المرأة نفسها .
وقالت: لذلك كثيرا ما أصبح من المعتاد أن نرى قبول فتيات شابات ومتعلمات بالارتباط بشبان في أول طريق الحياة وضمن أقل كلف الزواج ، معتمدين على المشاركة في تحمل نفقات المعيشة وكلف الحياة القادمة معا خاصة عندما تكون المرأة عاملة ولها مساهمات في تدبير الكلف الاقتصادية المترتبة على تكوين أسرة . وبينت أن من اهم وسائل المساعدة للشباب في هذا الاطار تأتي من خلال تقديم العون والمشورة لهم لتجنب نفقات مالية غير أساسية ، ويجب الاعتراف أن هذا الجانب يعتمد على المرأة أكثر باقتناعها بالتخلي عن كلف ونفقات طائلة تندرج تحت متطلبات فرضتها الأعراف الاجتماعية والتأكيد أن التخلي عنها لن يؤثر بشكل أو بآخر على فرص تكوين أسرة جديدة بل يساهم في بدء حياة مشتركة دون أثقال مالية وديون كثيرة والأهم يشجع الشبان والفتيات على دخول هذه المرحلة دون تخوفات .
وأكد مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان أن جزءا من الناحية الاجتماعية في قضية تأخر سن الزواج لدى الفتيات والشبان مرتبط بالناحية الاقتصادية وهو جزء أساسي ، حيث يرتبط مستوى الدخل لدى الشبان غير المرتفع عموما بالمقارنة مع كلف ونفقات الزواج وتوابعها الاقتصادية .
وأضاف: في هذه القضية يجب أن ترتبط العلاقة بشبكة كاملة تضم الفرد والاسرة والمجتمع ، فالمجتمع من خلال مؤسساته يستطيع من خلال اجراءات متاحة أن ينشئ صناديق تمويلة لمساعدة المقبلين على الزواج في تلك المؤسسات ، كما يمكن تكوين صناديق موازية داخل الأسر الكبيرة ( العشيرة والعائلة ) تستهدف أبناءها ، بالاضافة لتخصيص مساعدات مالية في مؤسسات وجهات قادرة على تمويل الكلف الاساسية للزواج والتي يذهب معظمها لمتطلبات غير أساسية .
وعرض سرحان لبعض المساهمات العملية من الأفراد والأسرة تسهم في التخفيف من غلو نفقات الزواج ومن ذلك تخفيض كلف النفقات للمهور والذهب والحفلات وبطاقات الدعوة وأثاث المنزل وخلافه ، بمعنى عدم الاستغناء عن هذه الكلف وانما تقليل كلفها بما يتناسب وقدرات الشباب الاقتصادية .
وكشفت دراسة اجرتها جمعية العفاف الخيرية مؤخرا ارتفاعا كبيرا في متوسط سن الزواج الأول بالنسبة للفتيات حيث ارتفع من 6ر17 عام 1961 الى 21 عاما سنة 1979 ووصل الى 4ر26 عام ،2007 ، كما دلت الدراسة على ارتفاع نسبة النساء العازبات في الاردن الى نسبة 3ر55 % سنة 2008بينما بلغت 25ر5% عام 1979 و 4ر35% عام 2004 ، ووصلت الى 7ر36% عام ،2007وأشارت الدراسة الى انخفاض نسبة المتزوجات في نفس الأعمار من 2ر65% سنة 1979 الى 9ر56% سنة 2004 فيما بلغت حوالي %48 للفترة 1979 - ،2008.
جريدة الرأي