محمد هيثم جمعة
حقًّا إنها زهرةُ ياسمين، حديثُها تغريد، ومرورُها نفحة طِيب، لفتتها بريق، وإعراضها إعراضُ رِيم، لا أبالغ فيما أقول، لقد دخلتْ حياتي فكانت كزهرة ياسمين سقطتْ من الجِنان لتُحييَ روحي بلونها، بأريجها، بحديثها، فرِقَّتُها فاقت خَفق الفراشة بجَناحيها، فكانت هي فراشة، كانت أرقَّ من وَرَق الورد يطبع قُبلة على خدِّ الماء.
لِمَن تتركيني أيتها الرقيقة، أبَعْدَ أن أنَرْتِ دروبي، وحلَّيتِ أيامي بالقرب منك، أيعقل أن تبعديني! محالٌ لأرض ارتوتْ بحنانك أن تحيا بعيدًا عنك.
أنت وحدك - أيتها الحبيبة - مَن جاد عليَّ بالحب، وأحييتِ قلبي بعد أن تحجَّر من حُرقة الهِجران، ذبُلتْ كلُّ الورود وخدودُك تجود في كل لحظة بالحياة، فتُنعش قلبي، وتملؤُه بالحياة، وتوصل شريان حبها بشريان حياته فيحيا مرتين؛ مرة بقوة الحياة، ومرة بقوة حبك وحنانك.

لكن من ضعفي وقلة حيلتي أمام بياضك وعطرك الفواح، سكِر قلبي بك، وغاب عقلي عن إدراك حقيقة حياتك الرقيقة، مددتُ إليك يدَ العبث، وقد ظننتُ أن وردةَ الياسمين هذه هي ملكي الخاص، أقطفُها أو أدَعُها لا علاقة لأحد بذلك، لكن فجأة تهزُّني الحياة هزة توقظ كل أحاسيسي ومشاعري، وتُعيدني إلى رشدي ووعيي، لأجدَ أمامي حقيقةً جميلة مخيفة في آنٍ معًا:
إن زهرة الياسمين هذه قد تجذَّرت مع حياتي بجذور وجودي وكياني وبقائي، فاحترتُ كيف أحمي هذه الزهرة، وفي أي أرض أزرعُها، فلما ضاقتْ دروبي وبعُدت الحيلة عن المساعدة، فتحتُ قلبي وزرعتُها فيه، ورويتُها بشرايين حبي وحناني ورعايتي، ففاضت في قلبي حبًّا نابضًا، وفي حياتي حورية أشرقت على كوني بحُسنها وجمالها، فما كان أمامي إلا أن جعلتُها أحلى وأرقَّ وأجمل زوجة.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/60557/#ixzz2gdoqMgEQ

JoomShaper