عبير تميم العدناني
يشتكي الكثير من الرجال من الوقوع بين فكي الكماشة أو بين الباب والحائط كما يقال حين يقع أحدهم في الوسط بين أمه وزوجته، فهذه هي أمه التي حملت به ووضعته وربته طوال سنوات عمره حتى كبر وأصبح رجلاً يستطيع الزواج والإنجاب وتحمل مسؤولية بيت وزوجة وأطفال.. كبر وهو في حضنها وبرعايتها يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة، تعود على حنانها وحديثها ورعايتها في صحته ومرضه، ربته وعلمته وجعلت من يديها وحضنها لباساً له يقيه برد الشتاء ويخفف عنه حر الصيف.

أمه التي كبر وهو يرى صبرها وتحملها على قسوة الحياة ومرارة الكثير من أيامها، وبالرغم من ذلك لم تتخل عنه أو تلقِ به في يوم من الأيام لأنه ببساطة قطعة منها وبعض من فؤادها، سعادته هي سعادتها وألمه هو ألمها، وحين تضحك الدنيا له فهذا هو غاية مرادها، وحين تعصف الأيام به فهذه هي المحنة التي تزلزل كيانها وتعتصر قلبها..

فكيف به حين يكبر يوماً أن يؤلم هذه الأم التي احتواه قلبها منذ أن كان جنيناً ضعيفاً في بطنها يتغذى منها ويكبر في أحشائها يوماً بعد يوم، حتى أصبح رجلاً كبيراً.

والطرف الثاني هي زوجته التي اختارها بعد أن كبر وأصبح ناضجاً يحتاج كل لحظة لمن تشاركه حياته وأحلامه وطموحاته الحاضرة والمستقبلية، تخفف عنه عناء عمله في نهاره، وتكون سكناً وراحة وسعادة له في هدوء ليله، يبني معها عشه الصغير ويبدأ بوجودها حياته الجديدة ليكمل مشوار الحياة ودورتها..

زوجته التي نضجت لتجد نفسها ترتبط بهذا الرجل الذي حلمت به في سنوات مراهقتها وشبابها يحتويها ويحافظ عليها ويصنع لها ملامح السعادة التي طالما رسمتها في مخيلتها وباتت ترى واقعها في عيونه وفي ظل وجوده في حياتها.

فكيف لهذا الرجل أن يكون لأمه التي أضعفتها السنوات وباتت لا تتوقع منه إلا الوفاء بعد طول عطاء وكيف له أن يكون لزوجته التي تتوقع منه أن يكون لها وبجانبها حين تحتاج إليه بعد أن منحته نفسها وحبها وربطت مصيرها وحياتها به؟

إن الجواب هو ببساطة أن الرجل الحكيم وصاحب الدين والعقل الراجح هو الذي يمسك العصا من الوسط، ويضع تقوى الله تعالى ومخافته نصب عينيه فيحرص على بر والدته وإرضائها وإكرام كبرها ومشيبها والحرص على أن لا يوصد بوجهه باب الجنة من قبلها.. وبنفس الوقت يتقي الله تعالى في زوجته التي لها عليه حق الاحترام والمعاملة الحسنة والمعيشة الكريمة، وهذا بالطبع لن يتحقق إلا حين يستخدم الرجل عقله وقلبه وخوفه من الله تعالى ويبقى متيقظاً لما عليه من واجبات تجاه الطرفين، وحينها لابد أن يوفقه الله لرضاء أمه ولحب زوجته..وتحقيق هذه المعادلة.

JoomShaper