الزواج ضرورة لتكوين الأسرة الصغيرة المؤثرة بالأسرة الكبيرة وهي المجتمع، والأسرة الصغيرة هي المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتمتع بشرعية إنجاب الأطفال عن طريق مؤسسة الزواج ، لينتقل بعدها إلى النظريات التي تناولت تطور الأسرة من مرحلة العائلة المستقرة وهي العائلة العشائرية القديمة التقليدية حيث يخيم الجو الدكتاتوري عليها إلى مرحلة العائلة غير المستقرة والتي تتألف من أب وأم وأولاد فقط.
والابن مثلاً قد يعتقد بأفكار وقيم ومقاييس تختلف عن أفكار وقيم أبيه ، فلم تعد العائلة تتمتع بنفس الأهداف بل أصبحت العلاقات الأسرية بين أفرادها تتميز بالضعف والبعثرة.
أما احتمالات إصابة الزواج بما يسمى الانفصال الشعوري فهو تحول الزواج إلى علاقة مدمرة من الداخل بين الزوج والزوجة ، لو توفرت الشروط الموضوعية وترك الخيار لأحد الطرفين أو كلاهما لاتخذا قرارهما بالانفصال وتحقيق الطلاق الشرعي أو الفعلي ، ولكن هذه العلاقة قائمة من حيث الشكل لأسباب عديدة قد تكون دينية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية.
والذي يساعد على الاستمرار هو ضغط العوامل الخارجية المتمثلة بالأطفال والأهل والأبناء والوضع المادي والمجتمع، ولكن ينعكس تدمير هذه العلاقة على حياة الزوجين أولاً وعلى أطفالهما وأهلهما وأصدقائهما لينتقل هذا التأثير إلى المجتمع بشكل أو بآخر، والأمثلة كثيرة على تكرار هذه الحالة وبنسب مؤلمة.
وهناك العديد من العوامل والمسببات التي تقف وراء وصول العلاقة الزوجية إلى هذه الحالة مثل دور الأهل في اختيار الزوج أو الزوجة فحتى الآن ما تزال التقاليد والعادات تفرض نفسها على هذا الاختيار ، وقد تختلف من بيئة اجتماعية لأخرى ولكن يبقى هامش حرية الاختيار مسلوباً في كثير من الأوقات، فمثلاً في الكثير من المناطق الريفية لا يقبل الأهالي إطلاقاً بأن يكون للفتاة وأحياناً للفتى حق تجاوز سلطتهما وحق اختيار الزوجة المناسبة أو الزوج المناسب ويبدأ كل طرف في البحث عن حجج وذرائع وممارسة الترهيب والإجبار.
على الطرف المقابل تمنع العادات والتقاليد الفتاة من البوح برأيها وإذا أعلنت ذلك تلاحقها الأقاويل والإتهامات ويـُطعن في شرفها وسلوكها، ونتيجة هذه الضغوط لا تقوم العلاقات الزوجية إلا على أسس من عدم التوافق أو الحب أو التفاهم وسرعان ما تصل هذه العلاقات إلى طريق مسدود.
ومن الأسباب الأخرى علاقة الزوجة بأهل الزوج فإن الزوجة ترغب وتحب أن تكون علاقتها بزوجها منفصلة أو شبه منفصلة ، ولكن قد لا يوافق أهل الزوج على ذلك ويرغبون بالتدخل ، فينشأ بين الأب والابن خلاف من منطلق رغبة الابن في الاستقلال عن رغبة أبيه وتكوين مستقبله لوحده ، وقد يرضخ للأمر الواقع الذي لا توافق عليه الزوجة فتستمر الحياة بين مد وجزر ، وهنا يكون موقف الابن متناقضاً فتارة يقف مع أهله وتارة مع زوجته ، وقد ينفعل في النهاية ليوجه الإهانة لزوجته.
وتتكدس بعد ذلك التراكمات النفسية ليزداد تغير سلوك الزوج مع زوجته التي ربما تكون قد أنجبت أطفالاً فأصبحت محاصرة اجتماعياً وبما أنها ليست قادرة على المعيشة اقتصادياً فقد ترضخ للأمر الواقع وتفضل الحياة مع زوجها رغم تدمر علاقتهما وبذلك تكون قد حولت نفسها أو حُولت إلى ملكية خاصة للرجل يتصرف بها وفق رغباته وأهوائه بدون أن يكون لها وجود أو إحساس أو حياة وتتحول إلى مجرد أداة أو جماد.
الانفصال الشعوري يهدد الزواج
- التفاصيل