السيد الطنطاوي
كشفت دراسة أعدتها إدارة التنمية الأسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية أن تراجع دور الأب في الأسرة يرجع إلى عدد من الأسباب، منها غياب الأب عن المنزل بسبب كثرة أعباء العمل وضغوطه المستمرة، وضعف الوازع الديني لدى الأبوين، وعدم معرفتهم وإلمامهم بالحقوق والواجبات الأسرية اللازمة، وضعف العلاقات الأسرية، والروتين والملل والفتور الذي يسود الجو في المنزل، وإهمال الزوجة للأب والأبناء، والاعتماد الكلي على الخادمة، إضافة إلى الزواج الثاني، وبخاصة الزواج من أجنبيات، والخلافات الزوجية المتكررة وافتقاد ثقافة الحوار في أمور تربية الأبناء وإدارة شؤون الأسرة، وغياب التفاهم والتعاون بين الزوجين لمناقشة احتياجات ومسؤوليات الأسرة.
وأكدت الدراسة أن وسائل التقنية الحديثة وما أفرزتها من آثار من قلة التواصل وسرعة التأثر بالمظاهر الدخيلة على المجتمع الإماراتي ووجود فجوة في المعلومات بين الآباء والأبناء، تعد سبباً قوياً في تراجع دور الأب، إضافة إلى مسؤوليات الحياة وأعبائها التي أثقلت كاهل الوالدين وأرهقتهم، وجعلت الآباء في دوامة توفير الرزق للأبناء، والتساهل في الاهتمام بهم، وعدم قضاء أوقات كافية معهم.
وأبرزت الدراسة أسباباً أخرى - كما يراها بعض الآباء - وأهمها أن مشاركة الزوجة، وتحملها العبء المادي في المنزل أديا إلى تراجع دور الأب وقوامته على أسرته، وانخفاض المستوى التعليمي لأحد الزوجين أو كليهما يخلق فجوة واسعة بينهم وبين أبنائهم من حيث الحوار وتفهم متطلبات وأفكار الأبناء، وعدم اهتمام الزوجة بحضور الفعاليات والبرامج الثقافية الهادفة إلى التوعية الأسرية، وعدم اهتمام الشباب المقبلين على الزواج بالبرامج التثقيفية التوعوية بواجباتهم ومسؤولياتهم بعد الزواج، وتدخل أهل الزوج والزوجة في أمور الزوجين الخاصة، واتجاه الأبناء إلى قضاء أوقات طويلة في الألعاب الإلكترونية ومشاهدة التلفاز والإنترنت، ما يجعلهم بعيدين عن الوالدين.
وكشفت نتائج الدراسة أن البرامج الدينية جاءت في مقدمة البرامج التي يرغب الآباء في المشاركة فيها، ويعود ذلك إلى طبيعة المجتمع الإماراتي بتراثه وثقافته الإسلامية، والحرص على حضور هذه البرامج لتقوية الصلة بالخالق والتفقه في الدين، ثم تلتها البرامج الاقتصادية في المرتبة الثانية، نظراً إلى اهتمام الأب بالنواحي المادية، لزيادة دخله ولتوفير العيش الكريم لأسرته، ثم جاءت البرامج الاجتماعية والبرامج الثقافية في المرتبة الثالثة، بالرغم من أهميتها لهم ولأسرهم، ولكن الآباء غير مدركين لهذه الأهمية وتأثير المشاركة فيها في علاقاتهم الأسرية.
متابعة
ودعت الدراسة إلى أن يكون الأب قريباً من أولاده، وألا يفرق بينهم في المعاملة، وأن يتابع أبناءه، ويتعرف على رفقائهم، ويتابع مستواهم التعليمي، ويهتم بتعزيز الوازع الديني في نفوسهم منذ الصغر، وأهمية قضاء وقت كافٍ مع الأبناء، وأن يكون الأب صديقاً لأبنائه، لا سيما في فترة المراهقة، وأن يطلع على المشكلات التي يواجهونها، والمشاركة في وضع الحلول اللازمة لها بالتحاور معهم. وأوصت الدراسة بتوظيف وسائل الإعلام بالصورة المطلوبة للإعلان المناسب لدعم مبادرة «سند».
وتقول فوزية طارش مديرة إدارة التنمية الأسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية إن الوزارة أطلقت مبادرة «سند» في عام 2012م، بهدف تعزيز دور الأب في الأسرة، وإبراز دوره وأهميته في الأسرة والمجتمع، وتعزيز مشاركته الفاعلة في التنشئة الاجتماعية لأبنائه، وبمشاركة أكبر عدد من المؤسسات الاجتماعية والآباء، وبمشاركة المؤسسات الإعلامية ومراكز التنمية الاجتماعية التي ستنفذها بمشاركة المؤسسات المجتمعية.
وأكدت أن مبادرة «سند» تخدم الأسرة بجميع أفرادها، وتركز خاصة على فئة الآباء، وأنه من أسباب إطلاق المبادرة تراجع دور بعض الآباء كمسؤول رئيس عن الأسرة، وعدم مشاركة بعضهم في الفعاليات المجتمعية المختلفة، وعزوف الرجال (الآباء) عن المشاركة في البرامج المنفذة.

JoomShaper