علي بن حسين بن أحمد فقيهي
♦ تعدُّ فترةُ الطفولةِ الأولى من سِنِّ (١ - ٦) هي المصدرَ الرئيسَ في التكوينِ الشخصي، والنمو المعرفي، والتأثيرِ الأخلاقي، والتفاعل الاجتماعي، والاستقرارِ النفسي؛ إذ يمثلُ الوالدان والأسرةُ اللبنةَ الأولى لدورةِ الحياةِ للطفلِ: (فأبواه يهوِّدانِه، أو يُنصِّرانِه، أو يمجِّسَانِه).
♦ بعد ذلك ينطلق الطفلُ في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة والمراهقة من (٧ - ١٨)، التي تمثلت في النظم التربوية الحديثة بالمدارسِ والمعاهدِ التي وسعَتْ مجالَ التفاعلِ والتأثيرِ، ونظمت أسس التربية والتعليم؛
لتتكامل شخصية الفرد بين الأسرة والمدرسة.
♦ يستكملُ الفردُ بعد ذلك دورةَ الحياةِ في البيئة المنفتحة، من خلال الجامعة والوظيفة، ومع الأصدقاء والزملاء، ولكنه يَزِنُ تصرفاتِه، ويضبطُ تحركاتِه وفق المعيار الأسري الذي تربَّى عليه ونشأ فيه.
♦ إهمالُ الوالدين، وتفريطُ الأسرةِ عن القيام بواجبها، وتأديةِ دورها - أَظْهَرَ جملة من المشكلات الاجتماعية، والمعضلات التربوية، التي بدأت تتكاثر مع الوقت، وتكبُر مع الزمن، ويُدْرِكُ آثارَها ويَعِي خطورتَها المتابعُ للظواهر الاجتماعية عمومًا، والقريبُ من المؤسسات التعليمية، والمُطَّلِعُ على الاهتمامات الشبابية.
♦ تَذَرُّعُ الأسرةِ بصعوبة الحياةِ، وكثرةِ المشاغلِ، وتنوُّعِ الملهيات، وتعدُّد المؤثرات - لا يبرِّر لها التنصل من المسؤولية، أو التفريط في الأمانة، فهي تمثِّلُ صمامَ الأمان، ولقاحَ الوقايةِ في ظل المتغيرات المتسارعة، والتقلبات المتلاحقة، في عالمٍ يُدَارُ بأجهزة الريموت وشاشة اللمس.
♦ لقد نجحت المؤتمراتُ الأمميةُ - للأسرة والسكان - والتوصياتُ والوثائقُ المنبثقة عنها خلالَ العقودِ الماضيةِ في تشويه صورة الأسرة - بأركانِها وضوابطِها - وتحجيمِ دورِها، وتقويضِ بنيانها، وقد ساعدَهم في ذلك الممارساتُ الظالمةُ والحقوق المسلوبة للمرأة والطفل، والأرامل والمطلَّقات، والعوانس والأيتام، وجميع ذوي الاحتياجات الخاصة والظروف الحرجة.
♦ ومع الدعوةِ لإصلاح مؤسسات التعليم، والسعي لتنويع محاضن التربية المجتمعية وتوسيعها، فإننا نشدِّد على أهمية رجوع الأسرة لدورها القيادي، وعودة أثرِها الريادي في صلاح الأفراد، ورقي المجتمعات، ونهضة الأمم، وحضارة الدول.
♦ ومضة: أثبتَت الدراساتُ التربويةُ أن الأفرادَ الناجحينَ هم نتاجُ أسرٍ مطمئنَّة، وعوائلَ مترابطة، وتربيةٍ راشدة، وتنشئة واعية.