د. بشرى بنت عبد الله اللهو

كتاب لـ : لورين توماس، خبيرة بريطانيا اﻷولى في الإرشاد التربوي. إصدار شركة أكاديميا، يقع الكتاب في ١٢٥ صفحة من القطع الكبير.

الأمومة قضية خطيرة، وهنا للأسف تنقسم نساؤنا إلى قسمين: فمثل وضعنا الاقتصادي، هناك طبقة الفقراء، وهناك طبقة الأغنياء، وبدأت تختفي الطبقة الوسطى، وكذلك الحال في الأمهات، فهناك من الأمهات من لا يدركن أهمية الأمومة، فالبعض حصلن على الأمومة دون رغبة حقيقية منهن، فكانت النتيجة أوﻻدا تنظر لهم كأنهم هم على القلب، عبء زيد على أعباء حياتها، والبعض ينظرن للأمومة على أنها أمر لا بد منه، مثل الطعام

والشراب و النوم، فهي لا تستشعر هذه النعمة العظيمة التي بين يديها، و التي حرم منها البعض.
والبعض أمرهن عجيب، يغصن في الكثير من الأنشطة والفعاليات الاجتماعية غير الهامة، والتي تستنفد الكثير من الطاقة والوقت، ثم تنجب الطفل الأول، ولا يتغير جدول حياتها قيد أنملة، ثم تنجب الطفل الثاني ويتبعه الثالث، ويلحقه الرابع، ويستمر الحال على ما هو عليه، فاﻹنجاب بالنسبة لها هو مظهر من المظاهر الاجتماعية المهمة، وتلقي بالأطفال إلى الخدم ليكون نتاج تربيتهم عالة على المجتمع.
وتحرص الكثير من النساء على أناقة أطفالهن، وهن مستعدات لبذل الغالي والنفيس، وإهدار الكثير من الأوقات في التسوق، من أجل أن يظهر أطفالهن بأناقة فائقة، ثم يشار لها بالبنان، ولو أقيمت محاضرة تربوية فلا تجد إلا عددا قليلا، لا يقارن بقوافل المتسوقات.
أما أن تدفع بعض اﻷمهات رسوما رمزية لدورة، فهذا بنظرهن إسراف وإرهاق لميزانية الاسرة، لا داعي له البتة.
وبالطبع هذا الكتاب لا يخاطب تلك الطبقة، لأن آخر ما يفكرن فيه هو قراءة كتاب في التربية.

هذا الكتاب موجه لطبقة الأمهات اللواتي يعشن بقلق وبتأنيب ضمير، ومن شعور بالتقصير في حق أطفالهن، رغم أنهن يبذلن كل جهدهن، وحققن الكثير من النجاحات.
هذا الكتاب يقدم عشر مهارات أساسية، طريقة عرض الكتاب رائعة، وممتعة، وغير مملة، فلقد طبع على طريقة اﻹخراج الحديثة، والتي بدأت الكتب العربية تحذو حذوها.
الكتاب استخدم الألوان الهادئة، والكثير من الصور المعبرة، وقسم إلى أجزاء صغيرة، كل جزء يقع في صفحتين، يبتدىء كل جزء بعرض الفكرة بلون، ثم يتبعه تطبيقاتها، كجدول أو تقييم أو قواعد أو اختبار أو عقد اتفاق أو إحصائية، وكل تطبيق بلون وشكل مختلف.

ملخص الكتاب: يدعو الأم لتكون واثقة بربها، واثقة بنفسها، واثقة بقدراتها، وأن تكون قيادية ومبدعة وايجابية، ومحفزة ومرحة، تحسن فن الإصغاء وتسيطر على مشاعرها.
ويدعو إلى جعل الأمومة متعة، ومغامرة في كل لحظة من لحظاتها، وأن الأم يجب أن تكون فخورة بكونها أما؛ لأن علاقاتها بطفلها ستستمر مدى الحياة، ولأنه سيكون لها التأثير القوي والإيجابي على حياته.
وألا تيأس، ولا تشعر بتأنيب الضمير، فليس هناك في العالم الواقعي، أم مثالية وأطفال مثاليون، بل هناك أم حقيقية وأطفال حقيقيون، ومن يبتغ الكمال فسيرهق، وستنفذ طاقته، وسيرهق من حوله، وبأي حال فلن يصل لهذا الكمال؛ لأنه مستحيل.
فإذا توفرت هذه الصفات في الأم، فستنتقل تلقائيا للطفل؛ لأن الطفل سيتبع أفعال الأم، وليس أقوالها، وفاقد الشيء لا يعطيه؛ لذا فإن الأطفال هم أفضل حافز للتخلص من كل عادة سيئة لدى الأم.
الكتاب يعطي دفعة أمل قوية للأم، ويقدم حلوﻻ سهلة ويسيرة، لمشاكل نظنها عويصة، أو لا حل لها. كتاب يعصر خبرة عشرات السنين.
كتاب يستحق أن يقرأ.

JoomShaper