أسامة طبش
كان في بيته يرتاح كعادته، بعد يومٍ شاقٍّ من العمل، أولاده من حوله يلعبون، وزوجته في المطبخ تُحضِّر العَشاء، أحسَّ براحةٍ كبيرةٍ في ظلِّ هذا الجوِّ الرائع، فبعد يومٍ شاقٍّ مليء بالتعب، ها هو يرتاح الآن في منزله، وعائلته الصغيرة من حوله.
يعمل موظفًا في شركة، ويتقاضى أجرًا زهيدًا لقاء عمله ذاك، ورغم ذلك كان سعيدًا، وراضيًا بهذا الحال، القناعة تملأ قلبه، ولم يكن أبدًا جشعًا أو بطنه كبيرة، فما دام الأجر الذي يتقاضاه يكفيه إلى آخر الشهر، فيحمد الله على هذه النعمة.
يحبُّه كلُّ الناس؛ لبساطته وعدم تكلُّفه في الحياة، فلم يلبس قناع النفاق، وعندما يتكلَّم، يتكلَّم بصِدقٍ، فلمسوا فيه ذلك، وأحسُّوا منه التواضُعَ ولينَ الجانب، فلا يتوانى أحدٌ منهم عن مدِّ يد المساعدة إليه، رغم أنه لا يسأل أحدًا أمرًا، بل هو

المبادر دومًا، فزادت قيمتُه، وأصبح محترمَ الجانب في كل مكان.
يهتمُّ بعائلته الصغيرة، ويتمنَّى لو يبقى الشمل دومًا على طاولة واحدة، فلا يَطلب إلا الهناءَ وراحةَ البال! فرُزِقَ ما أراد، وحلَّت البركةُ على حياته، فبمجرد أن يُغلِق الباب على نفسه في البيت، ترتاح روحُه ويحسُّ بالسكينة، فهو في أجمل مكان يميل إليه قلبُه، يستمتع بكل لحظة، ويرسم الابتسامة على مُحيَّاه، وهو يُداعب أبناءه الصغار ببراءتهم التي تُريح قلبه من المتاعب.
يحفظ زوجته؛ لأنه مؤتمن عليها، فلما أخذها من بيت أبيها، لم يأخذها إلا ليصونها ويعزَّها ويُكرمها، والكرم ذاك شيمةٌ فيه، فمنحه بسخاء منقطع النظير، فقابلتْ شريكةُ حياته هذا الوفاءَ بردِّ الجميل، فلا يصدر من فمها إلا الكلامُ الطيبُ، وتهتمُّ به في أدقِّ تفاصيل مستلزماته، ولا تُرهقه بالطلب، فهي تعلم أنه على رقيق الحال، ويكفيها منه العشرةُ الطيبةُ، والمعاملةُ الحسنةُ.
هذا نموذج جميل لأسرةٍ مسلمةٍ، عاشت على المبادئ والأخلاق، فقضتْ حياتها في سعادةٍ وهناءٍ، تحتاج كلُّ أسرنا إلى هذا النموذج من الحياة؛ لأنه يُرطِّب الفؤاد، ويجعل كل الأفراد يُحسُّون وكأنهم يعيشون في جنة، هي جنةُ الإسلام ولا ريب، فبه تستقيم حياتُنا على المنهج السليم القويم.

JoomShaper