يحتفل عدد من دول العالم بعيد الأب في الشهر الحالي تقديراً له وتذكيراً بأهمية دوره في الأسرة، إلا أن عيد الأب يمر علينا بشكل خجول حتى أن الكثيرين لا يعرفون بوجوده أصلاً عكس عيد الأم الذي يتم الاحتفال فيه على نطاق واسع.
تؤكد الدراسات أن الأطفال الذين حظوا بوجود دور فعال للأب في طفولتهم، تكون لديهم مشكلات سلوكية أقل من أقرانهم، ليس بالضرورة أن يعيش الأب في البيت نفسه مع الأطفال، فقد يكون الأبوين مطلقين، لكن وجود الأب في حياة أبنائه عامل مهم جدا، الأبناء الذين يجدون آباءهم حولهم، يتميزون اجتماعيا ودراسيا عمن يفتقدون دور الأب.
لماذا يتم تهميش دور الأب في بعض الأسر؟
- النظرة النمطية للأب بأنه رجل يسكن في برج عاجي ولا يهتم بمشكلات الأولاد العادية وكأنها من صغائر الأمور؛ فلا يهتم بأن ابنه تشاجر مع ابن الجيران ويعتبر هذا من شأن والدته.
- تعود الأب على رمي المسؤولية على الأم بحجة أنه مسؤول عن تأمين المال للأسرة وأن عمله يقتصر فقط على عمله خارج المنزل، وأن الأم هي التي يجب أن تعمل في الداخل، مع أن الكثير من النساء هن عاملات هذه الأيام، ولكن الأب والأم تعودا على إقناع نفسيهما بذلك.
- لجوء الأم غالباً إلى تهديد الطفل بأبيه في حال أخطأ التصرف فترتبط صورته في ذهن طفله بـ"البعبع".
- افتقاد الكثير من الآباء للصبر؛ حيث يفضل الطفل والدته عندما يكون صغيراً لأنها تفيض عاطفة أكثر من الأب، فيمل الأب من المحاولة معه بسرعة بحجة أنه يفضل أمه.
- يخاف كثير من الآباء من حمل الطفل الصغير ومن الاهتمام بشؤونه معتقدين أنهم غير قادرين على هذا وأن النساء فقط هن من يجدن هذه المهام؛ فيبتعد الأب عن طفله أكثر فأكثر يوماً بعد يوم.
- تستطيع المرأة أن تقوم بمهام عدة في وقت واحد بينما لا يركز الرجل في أكثر من عمل واحد في الوقت نفسه، مما يجعل المرأة تمضي وقتاً أكثر مع أطفالها من الرجل الذي يضطر لترك كل شيء لحمل طفله بينما هي تستطيع أن تحمله وتطبخ وتشاهد التلفاز في الوقت نفسه.
- يغار بعض الآباء من أطفالهم وخصوصاً من الطفل الأول؛ حيث يرى الأب بأنه سرق منه زوجته التي أصبح كل وقتها وحبها لطفلها بعد أن كانت تكرّس كل هذا له، وطبعاً هذا يضعف من علاقته بطفله.
أهمية دور الأب في التربية
- تختلف تركيبة دماغ الرجل عن تركيبة دماغ المرأة وبالتالي تختلف الأمور التي يقدمها الأب للطفل عن تلك التي تقدمها له الأم؛ فيعتمد الرجل على الحزم أكثر من العاطفة بينما تعتمد المرأة على العاطفة أكثر، وطبعاً يحتاج الطفل لميزان يحتوي في كفتيه جرعات معتدلة (وليس متساوية) من العاطفة والحزم معاً. فمعظم الأمهات يفكرن بقلوبهن بينما يفكر معظم الآباء بعقولهم؛ فيحفز وجود الأب حس المغامرة والاكتشاف أيضاً لدى الطفل بينما تخاف الأم على الطفل من الخوض في الأمور الخطرة نوعاً ما بحكم عاطفتها.
- حسب الدراسات، وُجد أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين ينشؤون في غياب الأب تزيد لديهم الميول العدوانية، ويكون سلوكهم غير سوي في مرحلة المراهقة، فيميلون لتناول المخدرات والكحوليات وارتكاب الجرائم باختلاف أنواعها، سواء التعدي على الآخرين بالضرب أو سرقة الأموال أو الانضمام للعصابات وتجار المخدرات وغيرها، بالتالي ينتهي بهم الأمر في السجن في أحسن الأحوال.
- الاعتقاد الشائع لدى الغالبية العظمى من الناس هو أن تأثير الأم على المهارات اللغوية للأطفال يكون أكثر وأعمق من الأب، لكن مؤخراً ظهرت دراسة تُثبت عكس هذه الحقيقة تماماً، وقد أرجع الباحثون سبب ذلك إلى عدم تواجد الأب بصفة مستمرة مع أبنائه، بالتالي أي كلمة يستخدمها تكون غير مألوفة لديهم وتسترعي انتباههم بشكل أكبر، على عكس ما يحدث مع الأم، فالطفل يعتاد لغة وصوت والدته بالتالي لا ينجذب لكلماتها بصورة كافية بعد فترة.
- إن حنان الأب يجنّب الطفل الشعور بالقلق والخوف، ويزيد من إحساسه بالثقة بالنفس وتقدير الذات.
بعض النصائح لتقوية علاقة الأب بأبنائه:
- تغيير الصورة النمطية التي تصور الأب بأنه ذلك الرجل الذي يعيش في برجه العاجي وأن من العيب أن يهتم بالأطفال.
- التوجه في الحديث عن تربية الأبناء للأب والأم على حد سواء من قبل الإعلام والمختصين.
- على الأم أن تساعد على تقوية العلاقة بين الأب وأبنائه، بأن تجعلهم يطلبون ما يريدون منه مباشرة بدلاً من أن تكون هي الواسطة بينهم، وأن تصر عليه وتشجعه على مرافقتها لمدارس الأولاد ولشراء حاجياتهم وللعب معهم.
- على الأب أن يكون مبادرا وأن يثقف نفسه في أمور التربية والأبناء؛ عليه أن يقرأ ويتابع البرامج العائلية.
- من المهم جداً اجتماع العائلة على مائدة الطعام وتبادل أطراف الحديث.
- على الأب قضاء وقت نوعي مع أبنائه وحدهم بين الحين والآخر.
- يمكن للأب أن يستغل العطلة الصيفية لتنظيم نشاطات مختلفة مع أبنائه؛
فيمكنه مثلاً أن يذهب معهم لاكتشاف تجربة التخييم في وادي رم، أو للصيد، كما يمكنه أيضاً أن يقوم معهم ببناء بيت صغير في الشجرة في حديقة المنزل.
ميس طمليه