تحدث عن مشاعرك بهدوء ووضوح وصراحة
ما هو أفضل: أن تخرج من نقاش مدته نصف ساعة رابحا أو أن تخرج من الحياة رابحا؟
السؤال توارد إلى ذهني إثر مشاهدتي لبعض النقاشات الزوجية التي لا تدار بشكل جيد. في معظم الحالات يعتبر أحد الطرفين، أو ربما كلاهما، أن الهدف من النقاش هو رد التهم الموجهة إليه من الطرف الآخر، ونفي الادعاءات وإسكات الشريك والخروج منتصرا من نقاش قصير، لكن في الحقيقة ما يحصل ساعتها، هو أنك تربح جولة صغيرة وتخسر في المقابل جولة أكبر هي حياتك وعلاقتك بشريكك.
لكن ما هي الطريقة الصحيحة لإدارة نقاش زوجي؟
النقاش السليم بين الأزواج يجنبهم الكثير من المشكلات والتعقيدات اليومية المترتبة عن سوء الفهم. وأول ما يجب على الأزواج الانتباه له أثناء الدخول في نقاشات محددة هو أن الغرض من النقاش ليس في إلقاء اللوم على أحد الطرفين أو تحميله المسؤولية أو تثبيت تهم معينة عليه. الغرض يجب أن يكون ثلاثة أهداف رئيسية وهي: توضيح الأمور والوصول إلى حلول للمشكلات
ووضع خطة لذلك.
وليتمكن الطرفان من امتلاك أساليب إدارة الحوار الزوجي السليم وتحقيق الأهداف المرجوة منه بعيدا عن التحفز والمغالاة والتجني، يجب أن يركزا على ثلاث نقاط رئيسية.
النقطة الأولى تتمثل في ذكر الاحتياجات: أخبر شريكك مباشرة وبشكل واضح بما تحتاجه منه من دون أن تعطيه أوامر بذلك. مثال: إذا كان شريكك كثير الشكوى والتذمر، لا تقل له “توقف عن الشكوى والتذمر”، أخبره بدلا من ذلك بحاجتك إلى تقدير جهودك والرضى، وإذا كنت تحتاج الهدوء، أخبره بحاجتك للهدوء.
في الغالب لا يتحدث الأزواج عن احتياجاتهم لأنهم يعرفون بالخبرة أن الشريك لن يستجيب لها فينتقلون للحديث عن “مطالب”، وهو ما يعني المقاومة والرفض من الطرف الثاني بالضرورة.
النقطة المهمة الثانية هي أن تتحدث عن مشاعرك بهدوء ووضوح وصراحة. ربما يشعر شريكك أنك تبالغ أو أنك تقلب الحقائق أو أن مشاعرك غير حقيقية أو أنك ضعيف، وأيا كانت انطباعاته فإن أفضل طريقة لتحقيق تواصل حقيقي ومباشر تكمن في مشاركة مشاعرنا مع الآخرين. وتماما كما هو الأمر بالنسبة للنقطة الأولى المتعلقة بالاحتياجات، لا يجب توجيه اللوم أو إعطاء أوامر. فمثلا يفضّل أن تقول “أشعر بالوحدة في البيت، بدلا من أن تقول “أنت دائما مشغول مع أصدقائك ومتغيب عن البيت وأنا أشعر بالوحدة”.
النقطة المهمة الثالثة تتعلق بالدقة والتخصيص، فمثلا إذا كان شريكك لا يترك لك مصروفا كافيا للبيت، لا تقل له “أنت بخيل” لأنك ساعتها تقفز مباشرة إلى استخلاص النتائج الشخصية وتوصمه بصفة سلبية تستنفر كل ميكانيزماته الدفاعية وتغلق الباب أمام أي حلول. بدلا من ذلك عليك أن تخصص قدر الإمكان، كأن تقول بشكل واضح وبسيط أنك تعتقد أن مصروف البيت لا يكفي كل الاحتياجات، لأنك لم تتمكن من شراء لمبة محروقة منذ أسابيع.
أيضا لا تقل “أشعر بالاختناق وأريد المزيد من الحرية” لأن الطلب عام وفضفاض. بدلا من ذلك قل “أريد أن أشترك في قاعة رياضة كل يوم أحد صباحا”.
الاستماع مهارة عالية وفن لا يتقنه الكثيرون، إلا أنه ضروري لإدارة نقاش سليم مع الآخرين. استمع لما يقوله شريكك دون مقاطعة إلى أن ينهي كلامه تماما. أخبره أنك لن تقاطعه وأن بإمكانه أن يتحدث بأريحية، وأنك سترد عليه بعد أن ينتهي من كلامه، وتتمنى ألا يقاطعك أيضا، والتزم بهذه القاعدة مهما كانت الاستفزازات ومهما شعرت برغبة في مقاطعته لشعورك بالظلم أو الاستنكار أو الدهشة. حافظ على هدوئك ووداعتك، وتبسط وجهك للآخر، فشعور الشريك بأنك تنفتح على مطالبه وتستمع له باهتمام وتركيز من شأنه أن يختصر نصف الطريق.
لمياء المقدم