مها محمد
رسائل حائرة مليئة بالشجن والشكوى، من نساء حائرات أعيتهن الحيلة في صنف الرجال، وتحديداً الزوج، بعضهن في سنواتها الأولى، وأخريات تجاوزن العشر سنوات، تبدو المشاكل متشابهة، والأزمات متكررة، وكأن النساء أضعن الكتالوج الخاص بالرجل حتى أصبحن ينظرن له على أنه مجرد عبء زائد من أعباء الحياة، وليس شريكاً فيها، وأنه السبب في توتر الحياة الأسرية لا استقرارها، أما الرجال، فللأمانة لا أعرف كثيراً عنهم عدا شكواهم من انشغال النساء بكل ما في الحياة عداهم، فيما يبدو أن نمط الحياة المعاصرة خلق كثيراً من الإشكالات بين المرأة والرجل، ووضعهما في دائرة من الندية بدلاً من دائرة الرحمة والمودة، خاصة أن المرأة تقوم بمهام الرجل نفسها من أعمال خارجية تتطلب منها الكثير، ويزيد عليها إنجاب الأطفال وتربيتهم، ما

يجعلها تدور في دائرة مغلقة من الضغوط التي لا تطيقها أعصاب الأنثى وقدراتها الفطرية، طبعاً لا يفهم هذا الأمر كثير من الرجال، من ناحية أخرى يحاول الرجل لعب دوره الفطري، والتمسك بمكانته التقليدية أمام ثقافة وواقع المساواة بينه وبين المرأة في الأعمال والواجبات والمدخول المادي، مع سقوط الثوابت القديمة التي تقر للرجل سيادته الأسرية ولو بشكل غير معلن، كونه الشخص الذي يعمل لتحصيل حاجيات الأسرة وقوتها اليومي.

أسلوب الحياة المتسارع أيضاً ترس آخر في هذا النزاع بين الرجل والمرأة، لا يضيع أغلبهم وقته في قراءة كتالوج المرأة القادمة من كوكب الزهرة، والرجل المرتحل من كوكب المريخ لأجل عينيها، كما جاء في رائعة جون جراي "النساء من الزهرة والرجال من المريخ" لفهم طبيعة الاختلافات الفطرية بينهما، والحلول التي تقربهما.

ولا ننسى أن هذه المساواة العصرية بين الرجل والمرأة المثقلة بالأعباء، تجعلها تتساءل: لماذا يجب أن أكون العنصر الأضعف، الذي يقدم التنازلات لكي تستمر الحياة الأسرية، ولماذا عليّ أن أتحمل هفوات الرجل، وتصرفاته المتسلطة المستفزة، وأنا أقوم بأكثر من واجباته؟ سؤال يبدو منطقياً في سياق الدور الحديث للمرأة واستقلاليتها المادية عن الرجل، والبعد عن الدور الحقيقي الأول لها كونها الحاضن والسكن للأسرة بكل أطيافها.

ما أردت الإشارة إليه أن المشكلة تعدت المشاكل التقليدية التي عرفها البشر على مسار التاريخ، وأن هناك كثيراً من الضغوط والمشكلات التي باتت تشكل الأسر والمجتمعات، مشاكل كما يبدو آخذة في التزايد، خاصة مع تخلي البشر عن كثير من الثوابت، واستنساخ القائمين على الحداثة تجربة الحضارة الغربية، دون معالجة ما فيها من كوارث طالت الأسرة والمجتمع الغربي.;

JoomShaper