* أصبحت الأمومة في وقتنا الحالي للبعض موضة تتباهى بها بين صديقاتها، بدءاً بتقاليد واحتفالات قبيل قدوم الطفل بما يطلق عليه بيبي شاور baby shower وما يكون من احتفال وهدايا ومناسبة تحتفل بتصوير بطنها في شهرها التاسع وبهدايا وترتيب وغيره إعلاناً لوصول أول مولود أو ثاني.. ويقدم هذا المولود للدنيا لأم اختارت تاريخا مميزا للولادة بعملية قيصرية دون تحمل آلام الوضع ليخرج الطفل " اللعبة" الحية الباكية دون بطارية وشحن..! تتسلى بتصويره وحمله وعدد الفلاتر المصاحبة للسناب شات وغيرها من تصوير لهدايا الاستقبال والمنافسة في اسم الماركة والهدية!
* الأمومة نعمة عظيمة، ودور ميز الله به الأنثى من الكائنات والنساء بدءاً بالحمل وتعبه، ومرورا بالولادة وآلامها، ووقوفا واحتراما وصبرا على التربية وتعبها وإرهاقها وسهرها لمن كانت أم بحق وصدق وأمانة كأمهاتنا أطال الله في أعمارهن بصبرهن وتحملهن وسهرهن.. كل ذلك دون وجود المساعدة والمربية، ودون زينة وملهى دنيا يشغلهن عن هذا الدور العظيم. ولا يدركن حلاوته وشوق انتظاره لمن حرمن منه!
* أصبحت التربية دورا خارج إطار المؤسسة الزوجية، كأن يوكل لأم الزوجة أو لعدد من المربيات والممرضات أو لدور الحضانة المنتشرة! لينمو ويكبر جيلا يفتقد هوية ثقافية و لغوية ويفتقد هوية اجتماعية وهوية رجولية أو هوية أنثوية لمعنى الحياء والستر، ولمعاني القيم التي يتعلم منها أسس العادات والتقاليد والتعاليم الدينية والمجتمعية.
* أمهات أخر زمن.. لزوجة بناء على طلب وتفصيل ومقاييس الزوج الذي اختار فتاة لتكون زوجته على آخر الصيحات والموضة والشكل دون التركيز على العمق والروح !! دون أن يضع في باله أخلاق البنت وما يكون مستقبلا من أولاد وتربيتهم !
* تجد بعضهن للأسف تحتاج لرجل حقيقي يغار عليها أو يربيها وليعلمها الاهتمام بأسرتها في المقام الأول ومعنى المسؤولية وتقليل الاهتمام بالصديقات ! وهذا الزوج والأب القادم.. يحتاج كذلك ليكون رجلا حقيقيا قويا وواثقا يعتمد عليه ويدرك قيمة المسؤولية المناطة له، فهو يحتاج توعية وإرشاد ونظرة سليمة واختيار صائب وصحيح لمن تكون أماً لأولاده ومن تكون أمينة على بيته، فالتربية عملية مشتركة وكل له دوره المهم ليس لسنة أو لسنتين وإنما لعمر يؤسس فيه جيلا قويا وسليما وسويا لنوعه وجنسه وطبيعته.
* أمهات هذا الزمن بعد الولادة تهتم وتفكر في كل الوسائل والطرق لإرجاع وزنها وهذا حق وصحة وجمال لها.. لكن لا يكون ذلك دون الاهتمام بطفل يحتاج صحتها والرضاعة الطبيعية والسهر لرعايته وتربيته وتوجيه الاهتمام والوقت له..! تجد هذه الأم بعد شهرين أو ثلاثة تتمشى وتتجول مع صديقاتها بكامل زينتها وتبرجها وكعبها العالي في المجمعات التجارية الكبرى والمفتوحة تتجول بعربة الطفل أو تحمله والمربية تسير خلفها وهي تتجول أو تجلس على أحد المقاهي للقهوة وللتصوير وكلن مع طفله أو لعبته!! وقد تصادف أحدهن وصديقاتها وتسألها: أشلون بنتك!؟ ترد بكل برود من الصبح الدوام للحين ما رجعت البيت ولا شفتها !! أي قلب يحملن وأي ضمير غائب لا يؤنبهن !!
* أهم وأقوى استثمار هو الاستثمار بالأبناء بدءاً باختيار الزوج والزوجة لكل منهما، والاستثمار بالعطاء والاهتمام والحنان والرعاية للأبناء والاهتمام بحوارهم وبصحبتهم ورفقتهم والحديث معهم في مواضيع مختلفة لبناء شخصية قوية وواثقة يعتمد عليها بالاستثمار الأهم بالتعليم الصحيح والرؤية المستقبلية لتخصص يعود على الوطن ويبني شخصيته ليكون منتجا وفاعلا..
* آخر جرة قلم: الأم لا تحتاج يوما ليحتفل بها ولا تحتاج هدايا لكسب رضاها، الأم دور عظيم يناط لها بدور التربية وتنشئة جيل واثق وقوي، الأم بمجرد أن يسري روح الجنين في رحمها تدرك بأن أولوياتها تتغير ليكون هذا القادم هو الأول في ترتيب أولوياتها، فالدولة تمنح شهرين بعد الوضع وساعتين للرضاعة، وتمنح الطفل الذي يحتاج رعاية خاصة إجازة أمومة وتهتم بصحة الأم والجنين منذ البداية للوضع لقيمة دور الأم.. أمهات آخر زمن معايير التربية اختلفت ومعنى الأم الحقيقي ضاع مع ضياع شخصياتهن وهويتهن ومعايير اختيارهن..والزمن قادم لجيل أمهات آخر زمن ولن يتوقف الزمن بمفاجآته.. نسأل الله السلامة للأجيال القادمة.