هلا الخطيب - بيروت
يعاني أغلب الأطفال من دخول طفل جديد إلى العائلة، فبعد أن يكونوا هم الشاغل الأول والأخير لكل أفراد الأسرة يأتي من ينافسهم، فيدخلون في دوامة القلق وتصبح تصرفاتهم غريبة تنبع من الغيرة للفت الأنظار إليهم.
وتقول اختصاصية التربية ريم الشعار للجزيرة نت إن على الأهل أن يتنبهوا، ولا يكون كل تركيزهم على المولود الجديد وتجاهل الطفل الأكبر، لأنهم بذلك يشعرونه أنه ليس له مكان لديهم، وأن هذا القادم الجديد سلبه كل الاهتمام، فيغار ويصبح عدوانيا.


انتبهي لردود أفعاله
ولتفادي هذه المواقف تنصح ريم بأن يشارك الأخ الأكبر في اختيار وشراء حاجيات المولود، ويستطيع الأهل جلب هدية يحبها جدا على أنها من المولود.
وتشير إلى أن الطفل إذا كان معتادا على النوم مع أهله فإنه يجب تهيئته للانفصال عنهم بوقت طويل قبل الولادة، حتى لا يشعر بأن المولود الجديد هو السبب، وعلى الأم عدم إبعاده عنها أو إرساله إلى مكان آخر بحجة أنها غير قادرة على الاهتمام بطفلين.
وأحيانا يشعر الطفل الأول أن بكاء الرضيع الجديد يجعل الأم تعطف عليه، فيبكي بأي حجة للاستحواذ على نفس العطف والاهتمام، وفي هذه الحالة تنصح ريم الأم بأن تتشارك مع طفلها الأكبر الاهتمام بالصغير وإعلامه أن المولود الجديد لا يستطيع القيام بالأمور وحده ويحتاج مساعدتهما.
يغار الطفل فطريا بحسب ريم، وإذا كان للمولود الجديد حركات محبوبة وتلفت الانتباه فإنه يبدأ بتقليده ليلفت النظر هو الآخر، ولذلك يتعين على الأم أن تحرص على عدم المقارنة بين الطفلين، وأن تتجنب الثناء الدائم على تصرفات طفل وتجاهل الآخر.
ودعت الأهل للحرص على نفسية الأطفال عند التعامل، خاصة مع وجود أطفال أكثر جاذبية مقارنة بأشقائهم.
لم يتقبل شقيقته
عندما قررت وسام خشيش وزوجها إنجاب طفل آخر يكون إلى جانب أخيه محمد لم يخبراه بالأمر، وأثناء حملها كان قلقه على أمه لأنها كانت مريضة ومتعبة، وجل ما كان يشغل رأسه كيف سيخرج الطفل من بطنها، كان يخاف أن يقصّوا بطنها كما في قصة ليلى والذئب عندما يتم فتح بطن الذئب لإخراج ليلى.
ورغم أن وسام كانت تخبره أن في أحشائها طفلة فإنه لم يستوعب الأمر تماما، وكانت تأخذه معها لشراء ثياب الطفلة القادمة، وعندما ولدت حضر محمد إلى المستشفى ليرى أخته هيفين هناك حتى لا يتفاجأ بها في المنزل ويتقبلها، واشتروا له هدية على أنها من الطفلة حديثة الولادة، وكانت عبارة عن "تابلت" كان يريده بشدة، وكانت الهدية في الوقت المناسب لأنها شغلته.
كان محمد مصدوما عندما وصل إلى المستشفى، وكل همه أن يرى بطن أمه، ولم يهتم لوجود الطفلة، بعدها بدأت غيرته، أصبح والده ينام معه في غرفته كي لا ينزعج الطفل من بكاء الصغيرة، حاولت وسام إشراكه في أغراض الصغيرة ليشعر أن له دورا، لكن الأمر لم يعط نتيجة.
وكانت شقيقة وسام (خالة الطفل) قد أنجبت قبلها بـ3 أشهر، وهو متعلق بها، وشعر أنها انشغلت عنه أيضا بطفلها فكره الأطفال، وكان يحاول ضربهما ولكمهما.
معالجة الغيرة
وبدأت المدرسة بعد فترة وجيزة، وكانت إدارتها تتصل بالأم وتقول إنه يقضي وقته بالبكاء متحججا بألم في بطنه، كان يقلقه أن أمه في البيت تاركة إياه في المدرسة وهي مع الطفلة، وما جعله يرتاح أنها أخبرته أن أخته لا تقضي وقتها في البيت إنما ترسلها إلى الحضانة.
ورغم أنها عادت واهتمت به بشكل خاص حيث تذهب هي ووالده معه إلى أماكن يحبها، وكل يوم يأخذانه إلى مكان ليلعب فإن وسام تقول "كان ينظر إلينا عندما نخرج معا، كأنه ولد كان قد أضاع والديه ووجدهما للتو، ويعبر عن حبه لهما كيفما اتجه".
وتضيف أنه كان يشكو للموظفة المساعدة في الأعمال المنزلية أن والديه لا يحبانه، إنما يحبان أخته، فحاولت الأم ألا تزيد دلال الصغيرة أمامه.
وتقول الأم إنه عانى بشكل كبير لـ5 أشهر قضاها في البكاء والغيرة، وأصبح حساسا جدا، ثم بدأ يتقبلها بالتدريج ويحبها، ولكن لا يزال يغار منها وينظر لها بطرف عينه، لكنه أصبح يخاف عليها ويحبها ويهتم بها.
أرادا أخاهما بشدة
تهاني النوري أم لثلاثة أطفال ذكور، أنجبت الطفل الأخير منذ أشهر قليلة، وكانت تتوقع من الطفل الأوسط يوسف أن يغار من المولود الجديد موسى لأنه يغار بالأصل من الكبير عيسى، لكن الموقف كان مختلفا لأنه كان يريد أخا في حين أراد الكبير أن تكون له أخت، مما جعله عندما ولد الصبي يشعر بالفوز.
وشعر أنه أصبح الكبير، ويقول عن أخيه الجديد إنه ابنه، ويعامله بحنان واهتمام كبيرين ويطعمه ويستيقظ في الليل ليغطيه، ويغني له.
وتقول إن الصبي الكبير عيسى كان مسالما عندما ولدت أخاه، وكان عمره سنة و4 أشهر، وأظهر القليل من العدائية عندما بدأ يوسف بالمشي، فكان يحاول دفعه للفت النظر ولفترة قصيرة، لكنه دائما يدافع عنه وحتى الآن.
والمفارقة -كما تقول تهاني- أن يوسف كان يغار كثيرا من عيسى ويضربه ويخفي أغراضه، لكن عندما ولد موسى الصغير خفت غيرته.
وانتبهت تهاني إلى أنه عليها ألا تثير غيرة الأولاد من بعضهم البعض قدر الإمكان، فتشتري الثياب للجميع في الوقت نفسه وكذلك الألعاب والهدايا، وعندما كانت حاملا كان الطفلان وهما في عمر 8 و7 سنوات يتحدثان للجنين ويخبرانه أنهما بانتظاره، وأنهما يحبانه، وكانت لديهما الرغبة بأن يكون لديهما شقيق أو شقيقة.

JoomShaper